لندن (رويترز) - أدى البحث عن حل سياسي للحرب في ليبيا الى تحريك المياه الراكدة قليلا رغم التصريحات التي تبدو نارية من الزعيم معمر القذافي والمعارضة الليبية والتي تشير الى أن الطرفين مستعدان لمواصلة القتال. كان من أسباب الانطباع السائد عن تسارع خطى جهود السلام من وراء الكواليس العدد الكبير من التصريحات التي أدلى بها المقاتلون والتي تلح على التوصل الى تسوية رغم كون بعضها عدائيا وفي بعض الاحيان متناقضا. ويقول محللون ان توقع احتمال التوصل الى اتفاق زاد ترجيحا نتيجة حديث غير مؤكد عن أن المقاتلين خففوا من بعض العمليات ضد القذافي سواء كحيلة عسكرية قصيرة المدى أو ربما لتسهيل المفاوضات. ويقول البعض ان أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد القذافي أطلق عملية التفاوض من خلال اعطاء الغرب وضعا أفضل في صورة احتمال عرض الحصانة على القذافي مقابل تنحيه من السلطة. قال أوليفر مايلز وهو سفير بريطاني سابق في ليبيا لرويترز "أشعر أننا لسنا بعيدين عن لعبة النهاية." وقال عاشور الشامس وهو صحفي معارض ومحلل مقيم في بريطانيا "هناك حتما أمر ما يدور" في اشارة الى اعتقاده أنه تم تكثيف الجهود السياسية. ومضى يقول في اشارة الى العاصمة الليبية معقل القذافي "هناك الان المزيد من الجهود لتسوية الاوضاع وتجنب الكفاح المسلح لطرابلس والذي سيتسم بالفوضى الشديدة." وقال رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل يوم الاحد ان من الممكن أن يبقى القذافي في ليبيا بعد تنحيه ما دام سيتنازل عن كل السلطات في أكبر تنازل تقدمه المعارضة الليبية حتى الان. وأصدر عبد الجليل يوم الاثنين بيانا يقول فيه انه يريد توضيح أنه ليس هناك امكانية في بقاء القذافي في ليبيا وانه لابد أن يقدم للعدالة. وقال عبد الجليل أيضا انه لم تجر مفاوضات مع القذافي وقالت ادارة القذافي ان الحكومة عقدت اجتماعات في عواصم أجنبية مع ممثلين من المجلس الوطني الانتقالي لمحاولة التفاوض للتوصل الى اتفاق سلام. وقال نعمان بن عثمان وهو محلل في مركز أبحاث (كويليام) البريطاني وهو صديق لموسى كوسة رئيس المخابرات الليبي السابق انه يعتقد أن القذافي مستعد للتنحي بشروط. وهذه الشروط هي بقاؤه في ليبيا مع حصانته من أي محاكمات وأن يكون لابنه دور في مستقبل ليبيا. ومضى يقول "يريد بشدة أن يكون ابنه جزءا من مستقبل ليبيا وأن يمثل القبائل التي تدعم النظام حاليا." وأردف قائلا "هذه خطته.. سياسته للتأمين. انه يعتقد أنهم اذا خاضوا الانتخابات في وقت لاحق فانه سيحصل على الحماية هو واسرته من القبائل التي تدعمهم الان." وقال سعد جبار وهو مستشار قانوني سابق للحكومة الليبية ان أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في الشهر الماضي للقذافي وسيف الاسلام وعبد الله السنوسي رئيس المخابرات جزء كبير من خلفية أحدث مناورة تقوم بها المعارضة. ومضى يقول ان من الممكن التوصل الى اتفاق لتحصين القذافي من المحاكمة. وتابع "سيكون القذافي احمق اذا لم يقبل قرارا ملزما على المستوى الدولي من مجلس الامن التابع للامم المتحدة بالحصانة من المحاكمة مقابل تخليه عن السلطة ودعوة أنصاره الى ترك السلاح." وحتى الان تبدو احتمالات التوصل لمثل هذا الاتفاق محدودة. وفي تصريحات للتلفزيون الروسي في الاسبوع الماضي قال سيف الاسلام ان حلف شمال الاطلسي عرض بالفعل على الحكومة اتفاقا غير معلن من شأنه اسقاط أوامر الاعتقال في حالة تنازلهم عن السلطة. ورفض أوامر الاعتقال وقال ان عرض حلف الاطلسي وسيلة للضغط النفسي والسياسي. لكن بعض المحللين يرون أنه بمرور الوقت فان مثل هذا الاتفاق قد يبدو أكثر جاذبية وربما يكون السبب الوحيد في ذلك هو أن احتمال الاطاحة بالقذافي من السلطة عسكريا يبدو اكثر قتامة. وقال جبار "ما دام القذافي ما زالت لديه بعض السلطة فيمكن ان يقبل مثل هذا العرض. لكني أعتقد أنه يفقد السلطة بمرور الوقت." وهو يرى أن القذافي مر بمراحل انكار عديدة خلال الحرب وربما يكون مستعدا الان للحل الوسط. وقال "وصلنا الان الى المرحلة الاخيرة التي يبدأ فيها بالفعل في التفكير في أنه سينهزم... هو يرى أن (شهر) رمضان قادم.. يرى أصدقاءه في اماكن مثل روسيا والجزائر تحت ضغط للتخلي عنه. أمامه وقت محدود لاتخاذ قرار." وتعكف حكومة القذافي على الاستعداد لشهر رمضان والذي سيكون اختبارا لمواردها المتناقصة لانها لابد أن تحصل على ما يكفي من الطعام والوقود لتمكين الليبيين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة من استقبال الشهر.