أسدلت محكمة جنايات دمنهور، اليوم الخميس، الستار على مأساة إنسانية شهدتها عزبة القادوسي بمركز كفر الدوار، بقضائها ببراءة أب من تهمة "ضرب أفضى إلى موت" بحق نجله، في حكم استند إلى مبدأ قانوني دقيق حول "انقطاع رابطة السببية". صدر الحكم برئاسة المستشار سامح عبدالله، وعضوية المستشارين أحمد خضر، وأحمد خليل، ومصطفى الرفاعي. الفصل بين "التأديب" و"الوفاة" فجرت المحكمة مفاجأة مدوية في حيثيات حكمها، حيث أكدت انقطاع الصلة بين "علقة التأديب" التي نالها الطفل ووفاته. وأعلنت الهيئة أن الضربة التي وجهها الأب لنجله بقصد تهذيبه - باستخدام فرع شجرة توت على قدمه - لم تكن السبب المباشر أو الطبي للوفاة، وأن الفعل في حد ذاته "بسيط" ولا يرقى لإزهاق الروح، وهو ما أكده تقرير الصفة التشريحية الذي برّأ ساحة الأب من التسبب في القتل. القصة من البداية.. "شكوى الجارة" تعود تفاصيل الواقعة إلى شكوى تلقتها إحدى جيران المتهم، اتهمت فيها الطفل (محمد مسعود عبدالعزيز) بالتعدي لفظياً على ابنتها. وكرد فعل تأديبي، ضرب الأب ابنه بفرع شجرة على قدمه. وفي اليوم التالي، شعر الطفل بإعياء شديد وارتفاع في درجات الحرارة، فهرع به الأب إلى مستشفى خاص، إلا أن الطفل فارق الحياة، لتشير أصابع الاتهام الأولية إلى الأب. دفاع الأب الباكي: "ده ابني الوحيد" أمام هيئة المحكمة، دافع الأب عن نفسه بكلمات مؤثرة، نافيًا تهمة القتل، وقال: "لا يمكن أن أقتل ابني الوحيد الذي أربيه مع ثلاث بنات بعد وفاة والدتهم". وكشف الأب عن تفصيلة هامة، مؤكدًا أن نجله تعرض لسقوط قوي بدراجة نارية (موتوسيكل)، مرجحًا أن يكون هذا السقوط هو السبب الحقيقي للوفاة وليس ضربة "عود التوت" البسيطة. رسالة المحكمة للمجتمع ورغم البراءة، وجهت المحكمة رسالة تربوية صارمة للآباء في حيثياتها، مشددةً على أن "تأديب الأطفال يجب أن يكون بصورة تقومهم لا بصورة تفزعهم"، مؤكدةً أن الضرب - مهما كانت بساطته - يظل وسيلة غير صحية للتربية، حتى وإن لم يؤدِ للموت.