تستمرّ اللقاءات بين الوسطاءِ المصريين والقطريين ووفدٍ من حركة "حماس" الفلسطينية بمدينة شرم الشيخ، في وقتٍ لاحقٍ اليومَ الثلاثاء، وذلك لمتابعة ملفات تنفيذ خطةِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، بحسب مراسل "القاهرة الإخبارية" المصرية. وانطلقت في مصر، أمسِ الاثنين، مشاوراتٌ غيرُ مباشرةٍ حول تنفيذ خطةِ ترامب لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، بحضور وفدين من إسرائيل وحركة حماس، للبحث في ترتيبات تبادل الأسرى والمحتجزين، والبحث في وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وكانت الجولة الأولى من المباحثات بين الوسطاء وحماس قد انتهت ليل الاثنين- صباح الثلاثاء "وسط أجواء ايجابية" بحسب ما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية. وأفادت وكالة فرانس برس بأن عشرات من أهالي ضحايا مهرجان"نوفا" للموسيقى جنوبي إسرائيل شاركوا في إحياء ذكرى أحبائهم في الموقع الذي تحوّل منذ الهجوم إلى نصب تذكاري، ووقفوا دقيقة صمت في تمام الساعة 03.29 بتوقيت غرينتش في نفس اللحظة التي بدأ فيها هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، وأسفر عن مقتل نحو 1.200 شخص وأخذ 251 آخرين رهائن. وردّ الجيش الإسرائيلي حينها بحملة عسكرية على غزة، أدت منذ ذلك الحين إلى مقتل 67,160 شخصًا، بحسب وزارة الصحة في القطاع. وكان الرئيس ترامب قد توقع التوصل إلى اتفاق بشأن غزة قريبًا، مشيرًا إلى تحقيق "تقدم هائل". واعتبر ترامب أن حركة حماس "وافقت على أمور مهمة جدًا"، غير أنه أكد أنه "لم يطلب من نتنياهو التوقف عن التفكير بسلبية بشأن صفقة الأسرى" حسبما نقلت عنه وكالة رويترز. وأشاد ترامب بترحيب إيران بخطته، مؤكدًا أن رغبة إيران في إنجاز هذا الأمر "إشارة قوية". وقال مسؤولون فلسطينيون ومصريون لبي بي سي إن الجلسات تركزت على تهيئة الظروف الميدانية لإتمام صفقة تبادل تشمل الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد من السجناء الفلسطينيين. وأكدت حماس أنها وافقت جزئيًا على مقترحات خطة السلام، لكنها لم تردّ على عدد من المطالب الأساسية، من بينها نزع سلاحها ودورها المستقبلي في إدارة غزة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم السبت إنه يأمل أن يتم الإعلان عن إطلاق سراح الأسرى "خلال الأيام المقبلة". ومن المتوقع أن تكون هذه الجولة من المفاوضات من بين الأهم منذ اندلاع الحرب، إذ قد تحدد ما إذا كان مسار إنهاء النزاع بات قابلًا للتحقيق فعلًا. ويشارك في المحادثات المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ودعا الرئيس دونالد ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي جميع الأطراف إلى "التحرك بسرعة"، مشيرًا إلى أنه أُبلغ بأن المرحلة الأولى من خطة السلام - التي تشمل الإفراج عن الأسرى - "يجب أن تُستكمل هذا الأسبوع". وتتضمن الخطة المكوّنة من 20 بندًا، والتي اتفق عليها ترامب ونتنياهو، وقفًا فوريًا لإطلاق النار وإطلاق سراح 48 رهينة (يُعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة) مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين. وتنص الخطة على أنه بمجرد موافقة الطرفين "سيتم إدخال المساعدات الإنسانية الكاملة فورًا إلى قطاع غزة"، كما تؤكد أن حماس لن يكون لها أي دور في حكم القطاع، مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام إقامة دولة فلسطينية مستقبلية. لكن بعد إعلان الخطة قبل أسبوع، جدّد نتنياهو معارضته لفكرة الدولة الفلسطينية، قائلًا في تسجيل مصوّر: "لم يُذكر ذلك في الاتفاق، وقلنا بوضوح إننا نعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية". وردّت حماس يوم الجمعة ببيان قالت فيه إنها توافق على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، أحياءً وأمواتًا، وفق الصيغة الواردة في مقترح ترامب، شرط توافر الظروف المناسبة للتنفيذ. ولم تُشِرْ الحركة صراحةً إلى خطة النقاط العشرين، لكنها أكدت "تجديد استعدادها لتسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية مستقلة (تكنوقراط) تستند إلى توافق وطني ودعم عربي وإسلامي". ولم يتضمن البيان أي إشارة إلى نزع سلاح الحركة أو انسحابها من المشهد السياسي في غزة، موضحًا أن القضايا المتعلقة بمستقبل القطاع وحقوق الشعب الفلسطيني لا تزال قيد النقاش ضمن إطار وطني أوسع تشارك فيه حماس. ورأى كثير من الفلسطينيين أن ردّ حماس كان مفاجئًا، بعد أيام من التلميحات بأنها تستعد لرفض خطة ترامب أو وضع شروط صارمة لقبولها، فيما فسّر آخرون لهجة البيان بأنها نتيجة لضغوط خارجية. وقد رحّب عدد من القادة الأوروبيين والعرب بالمقترح، بينما وصفت السلطة الفلسطينية جهود الرئيس الأمريكي بأنها "صادقة وجادة". أما إيران، الداعم الرئيسي لحماس، فقد أعلنت تأييدها خطة ترامب للسلام في غزة. وفي وقت سابق من يوم الاثنين، واصلت إسرائيل قصفها مناطق عدة في قطاع غزة بالتزامن مع انطلاق المفاوضات. وقال محمود بَسّال، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، إنه "لم يسمح بدخول أي شاحنة مساعدات إلى مدينة غزة منذ بدء الهجوم قبل أربعة أسابيع"، مضيفًا أن "هناك جثثًا لا نزال غير قادرين على انتشالها من مناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية". وقد أُجبر مئات الآلاف من سكان مدينة غزة على النزوح نحو منطقة "إنسانية" في الجنوب بأوامر من الجيش الإسرائيلي، فيما يُعتقد أن مئات الآلاف ما زالوا داخل المدينة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن كل من يبقى في المناطق التي تشهد العملية العسكرية "سيُعتبر إرهابيًا أو من أنصار الإرهاب". ووفق آخر بيانات وزارة الصحة في غزة، قُتل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 21 فلسطينيًا وأُصيب 96 آخرون. ولا تزال الصحافة الدولية ممنوعة من دخول قطاع غزة بشكل مستقل منذ بداية الحرب، ما يجعل التحقق من روايات الطرفين أمرًا بالغ الصعوبة.