أثارت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة، اهتمامًا واسعًا في الصحافة العبرية، التي خصصت عناوينها الرئيسية ومتابعاتها لتصريحاته بشأن اتفاقيات السلام وسياسات إسرائيل، حيث تحول الخطاب إلى مادة رئيسية لتحليلات المراسلين والخبراء المتخصصين في الشأن العربي، في ظل ما حمله خطابه من رسائل لتصل إلى الداخل الإسرائيلي وصانعي القرار في تل أبيب. فقد ركزت صحيفة يديعوت أحرونوت على طرح السيسي لفكرة التعاون الأمني العربي الإسلامي، مشيرة إلى أن الأنباء عن هذه الرغبة تسربت سابقًا للإعلام العربي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها السيسي صراحة عن الفكرة. ونقلت الصحيفة تحذيره من "الغطرسة الإسرائيلية المتنامية"، وتأكيده على ضرورة بناء "مظلة تشمل الدول العربية والإسلامية" لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، مع الإشارة الضمنية إلى إسرائيل باعتبارها "عدوًا". وأضاف السيسي أن "مواقفنا يجب أن تغيّر نظرة العدو إلينا، بحيث يرى كل دولة عربية من المحيط إلى الخليج مظلة تشمل جميع الدول الإسلامية والمحبة للسلام"، مؤكدًا أن تحقيق هذه الرؤية يحتاج إلى قرارات حازمة وآليات للتنفيذ تردع كل معتدٍ وتواجه التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية. "يجب أن تقلق إسرائيل" وأثارت فكرة "القوة العربية المشتركة" التي طرحها السيسي قلقًا متزايدًا في الأوساط الإسرائيلية. فقد نشر موقع emess العبري تقريرًا بعنوان "يجب أن تقلق إسرائيل"، اعتبر فيه أن مصر تعيد إحياء مبادرة "القوة العربية المشتركة" لتكون بمثابة قوة دفاعية تعادل "الناتو"، وتعمل على حماية الدول العربية من الهجمات الخارجية. ولفت الموقع إلى أن الاقتراح أُعيد طرحه في ظل الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة، ما جعله أكثر ارتباطًا بالتصعيد الراهن، مضيفًا أن مصر اقترحت قوة قوامها نحو 20 ألف جندي، مع مشاورات بين الدول العربية لتشكيلها. وحسب الموقع العبري فإنه من المتوقع أن يحظى الاقتراح بدعم واسع بعد عشر سنوات من طرحه الأول عام 2015، فيما أكد التقرير أن دبلوماسيين إسرائيليين حذروا من أن المبادرة قد تتحول إلى "إعلان حرب عربي على إسرائيل"، خصوصًا إذا استُخدمت ذريعة لمواجهة عسكرية مباشرة. أما القناة 12 الإسرائيلية فقد نقلت أن القاهرة، بالتنسيق مع السعودية وفرنسا، تعمل على إنشاء قوة عربية مشتركة لتأمين الدول العربية ضد أي هجوم إسرائيلي. وأضافت أن السيسي يسعى من خلال هذا الطرح إلى تأسيس آلية دفاع عربية على غرار "الناتو"، ما يزيد من الضغوط الدولية على تل أبيب. تهديد اتفاقيات السلام ولم يقتصر خطاب الرئيس السيسي على الدعوة إلى آلية أمنية عربية إسلامية، بل تناول أيضًا مستقبل اتفاقيات السلام في المنطقة، حيث عنونت صحيفة معاريف العبرية مادتها الرئيسية بعبارة: "السيسي هدد بإلغاء اتفاقيات السلام". فيما ضعت صحيفة هآرتس تصريحاته في صدر صفحتها الأولى بعنوان: "الإجراءات الإسرائيلية تخرب اتفاقيات السلام القائمة مع دول المنطقة". ومن جانبه نشر الصحفي الإسرائيلي روعي كايس، المتخصص في الشأن العربي بهيئة البث الإسرائيلية، عبر حسابه على منصة "إكس" مقتطفات من كلمة السيسي التي وصفها بأنها موجهة للشعب الإسرائيلي مباشرة. דיווחנו במהדורה: מקור מצרי מעורה אומר לי על הנאום התקיף של נשיא מצרים בדוחה: "כוונת א-סיסי היא לא לאיים, אלא להזהיר והוא עושה הפרדה בין העם בישראל לבין הממשלה שאותה הוא רואה כקיצונית. הוא מודאג מאוד שהמהלכים הלא האחראיים של הממשלה הישראלית יובילו לקריסת הסכם השלום ולכן מתריע". https://t.co/bAeFSsnoJd — roi kais روعي كايس רועי קייס (@kaisos1987) September 15, 2025 ونقل عن السيسي قوله: "إن ما يجري حاليًا يقوض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أي فرص لعقد اتفاقيات سلام جديدة، بل ويجهض اتفاقيات السلام القائمة مع دول المنطقة". وفي السياق ذاته حذر السيسي في خطابه من أن "العواقب ستكون وخيمة، وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام والمكاسب التي تحققت من ورائه، وهو ثمن سندفعه جميعًا بلا استثناء، داعيًا الإسرائيليين إلى عدم السماح بأن "تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سدى، ويكون الندم حينها بلا جدوى." بينما قال الصحفي الإسرائيلي جاكي حوجي على صفحته في "إكس" أن السيسي ألمح بشكل واضح إلى أن اتفاقية السلام مع إسرائيل باتت في خطر. وأوضح أن الرئيس المصري خاطب الإسرائيليين قائلًا: "ما يحدث يقوض اتفاقيات السلام القائمة مع دول المنطقة، وفي هذه الحالة ستكون العواقب وخيمة، وقد تعود المنطقة إلى أجواء الصراع، وستضيع كل الإنجازات التاريخية التي بنيت من أجل السلام هباء." נשיא #מצרים עבד אלפתאח א-סיסי רומז כי הסכם השלום עם ישראל בסכנה. בנאומו היום ב-#פסגת_דוחא פנה סיסי לישראלים ואמר: "מה שמתרחש שוחק את #הסכמי_השלום הקיימים עם מדינות האזור, ובמקרה כזה יהיו לכך השלכות חמורות. האזור עלול לחזור לאווירת עימות, וכל ההישגים ההיסטוריים שנבנו למען #השלום... pic.twitter.com/yBqo913FBf — ג'קי חוגי | Jacky Hugi (@JackyHugi) September 15, 2025 وفي ظل التفاعلات السياسية داخل إسرائيل، علّق زعيم المعارضة يائير لابيد على المقترح المصري، واصفًا إياه بأنه "ضربة موجعة لاتفاقيات السلام واتفاقيات إبراهيم". وأضاف في تغريدة على "إكس" أن الحكومة الإسرائيلية الحالية "زعزعت مكانتنا الدولية" وأصبحت "مزيجًا من القتل واللا مسؤولية والهواة والغطرسة"، داعيًا إلى استبدالها قبل فوات الأوان. ورأى أن فقدان دعم الحلفاء الدوليين واستمرار احتجاز الأسرى في غزة يمثل "فشلًا ذريعًا" على المستويين الأمني والدبلوماسي.