منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، لم يتوقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن اتهام مصر بالتضييق على الفلسطينيين عبر معبر رفح، إذ لجأ نتنياهو إلى ما اعتبرته القاهرة "حملة دعائية مضللة"، باتهامها مرارًا وتكرارًا بإغلاق المعبر الحدودي. وخلال عدة مناسبات في الشهور الماضية، صعّد نتنياهو من لهجته ضد مصر، في محاولة لصرف الأنظار عن مسؤولية حكومته تجاه الكارثة الإنسانية. غير أن الرد المصري جاء واضحًا: رفض قاطع لأي محاولة لتشويه الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية، وتأكيد على أن إسرائيل وحدها هي التي تستخدم التجويع كسلاح حرب وتسعى لدفع الفلسطينيين إلى التهجير. فقبل يومين، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصر بأنها تغلق معبر رفح وتمنع خروج الفلسطينيين خلاله، قائلًا: "أستطيع أن أفتح لهم معبر رفح، لكن سيتم إغلاقه فورًا من مصر". وقال نتنياهو، الخميس، خلال مقابلة مع قناة "أبو علي إكسبرس" على منصة تليجرام، إن "هناك خططًا مختلفة لكيفية إعادة إعمار غزة، لكن نصف السكان يريدون الخروج من غزة، هذا ليس طردًا جماعيًا"، وفق زعمه. ومن جانبها، نددت مصر بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم عبر معبر رفح، مشددة على أنها "لن تكون أبدًا شريكًا في هذا الظلم من خلال تصفية القضية الفلسطينية، أو أن تصبح بوابة التهجير، وأن هذا الأمر يظل خطًا أحمر غير قابل للتغير". وجددت مصر، خلال بيان صادر عن وزارة الخارجية، الجمعة، تأكيدها على إدانة ورفض تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، سواء قسريًا أو طوعيًا، من أرضه من خلال استمرار استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية ومناحي الحياة المختلفة لإجبار الفلسطينيين على المغادرة. كما أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، اليوم، في مؤتمر صحفي بالقاهرة مع المفوض العام لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، أن مصر أبقت ولا تزال معبر رفح مفتوحًا على مدار الساعة وبشكل يومي، رغم العراقيل التي تفرضها إسرائيل، والتي تستخدم التجويع كسلاح حرب في غزة. لم تكن هذه المرة الأولى التي يشن فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي مزاعم دعائية ضد مصر، ففي يوليو الماضي، ادعى نتنياهو أن مصر تساهم في حصار الفلسطينيين في قطاع غزة من خلال إغلاق معبر رفح. ووصفت مصر تصريحات رئيس حكومة الاحتلال ب"الدعايات المغرضة" لتشويه دورها الداعم ل"القضية الفلسطينية"، وأعربت القاهرة عن استنكارها للاتهامات "غير المبررة" حول مساهمتها المزعومة ب"الحصار" على قطاع غزة من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية، مؤكدة عدم إغلاق معبر رفح من الجانب المصري. وفي فبراير الماضي، زعم نتنياهو أن القاهرة تشارك في حصار الفلسطينيين في غزة وترفض إدخال المساعدات إلى القطاع المُدمر من خلال إغلاق معبر رفح الحدودي، قائلًا في مقابلة مع قناة فوكس نيوز: إن عدم سماح مصر بتهجير الفلسطينيين يجعل قطاع غزة بمثابة "سجن مفتوح"، لذا يجب إيجاد مكان بديل لسكان القطاع، وفق زعمه. وردّت مصر على اتهامات نتنياهو، ببيان من وزارة الخارجية، أكدت فيه أنها مجرد مزاعم مضللة ومرفوضة تستهدف التغطية وتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين، وتتنافى مع الجهود التي تبذلها القاهرة منذ بداية العدوان على غزة. وذكرت أن مصر أدخلت آلاف الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الإنسانية العاجلة، إلى جانب تسهيل عبور الجرحى والمصابين وحاملي الجنسيات المزدوجة. وفي مايو 2024، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي"، مصر بإعادة فتح معبر رفح الحدودي، بزعم أن القاهرة هي من تقوم بإغلاقه وليس الاحتلال، محملًا إياها مسؤولية احتجاز الفلسطينيين في غزة من خلال عدم العمل مع تل أبيب على بوابة المساعدات الرئيسية للقطاع. وقال سامح شكري، وزير الخارجية آنذاك، إن مصر ترفض "ليّ الحقائق" و"التنصل من المسؤولية" التي يتبعها الجانب الإسرائيلي، مؤكدًا أن إسرائيل هي المسؤولة والمتسببة عن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. واستنكر شكري بشدة محاولات الجانب الإسرائيلي "اليائسة" تحميل مصر المسؤولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يواجهها، والتي هي نتاج مباشر للاعتداءات الإسرائيلية العشوائية ضد الفلسطينيين منذ بداية الحرب.