بعد اشتباكات دامية شهدتها محافظة السويداء أسفرت عن مقتل نحو 100 شخص وإصابة العشرات، أعلنت الحكومة السورية التوصل إلى اتفاق لوقف العمليات العسكرية مع "الدروز". وأكد يوسف جربوع شيخ عقل طائفة الدروز السوريين، تواصله مع مسؤولي الحكومة السورية والتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف كافة العمليات العسكرية في السويداء. لكن الاتفاق شمل عدّة بنود تضمن استمرار وقف إطلاق النار في المحافظة، فما هي تفاصيله؟. ينص الاتفاق بشكل أساسي على وقف كافة الأعمال العسكرية بشكل فوري، كما يلزم جميع الأطراف بوقف التصعيد العسكري أو الهجوم على القوات الأمنية وحواجزها في السويداء. وفي ما يخص آلية مراقبة تطبيق الاتفاق، تقرر تشكيل لجنة مشتركة تضم مسؤولين من الحكومة وعدد من المشايخ الدروز للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار وضمان تطبيقه. إلى جانب ذلك، توافق الطرفان على نشر حواجز امنية من الشرطة والأمن الداخلي وضباط وأفراد الشرطة من أبناء السويداء في أنحاء المحافظة ومحيطها، من أجل حماية المواطنين ونشر الأمن، فضلا عن تولّي عناصر الأمن من أبناء السويداء المهام القيادية والتنفيذية في إدارة الملف الأمني في المحافظة. وشدد الاتفاق، على ضرورة احترام المدنيين واحترام المنازل، إضافة إلى عدم الإضرار بالممتلكات الخاصة داخل المحافظة والالتزام بحمايتها وتأمينها ضد أعمال التخريب والاعتداءات. كذلك، توصل الطرفان إلى آلية لتنظيم السلاح بالمشاركة وزارة الداخلية والدفاع، بما يضمن حصر السلاح في إطار الدولة بالتنسيق مع القيادات الدينية والمحلية ووجهاء المناطق في المحافظة، مع الأخذ في الاعتبار الخصوصية التاريخية والاجتماعية للسويداء. واتفق الطرفان على دمج المحافظة بالكامل في إطار الدولة السورية، مع التأكيد على السيادة الكاملة للدولة على كافة أراضي المحافظة وإعادة تفعيل دور المؤسسات الوطنية داخل السويداء. وفي إطار الاتفاق، أكدت الحكومة السورية على ضمان حقوق كافة مواطني المحافظة، عبر قوانين تكفل المساواة والعدالة بين أطياف المجتمع ودعم السلم الوطني، فضلا عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في ما وقع من انتهاكات وجرائم على مدار الأيام الماضية وتحديد المتورطين، وكذلك تعويض المتضررين، وفق القوانين ذات الصلة. ويقضي اتفاق التهدئة، بتأمين الطريق الواصل بين العاصمة دمشق ومحافظة السويداء من قبل الحكومة، إلى جانب توفير الخدمات والمرافق اللازمة مثل إمدادات المياه والكهرباء والوقود والصحة. وتضمّن الاتفاق أيضا، الإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المتغيبين خلال الأحداث الأخيرة بشكل فوري، وكذا تشكيل لجنة مشتركة لمراقبة تطبيق بنود الاتفاق. واعتبر الطرفان الاتفاق، خطوة على طريق إعادة بناء الثقة بين الحكومة السورية ممثلة عن الدولة وأهالي السويداء، مؤكدين أن الهدف الأسمى هو "بقاء سوريا قوية وموحدة وآمنة لكافة أبنائها، بمن فيهم أهالي السويداء الذين سيظلون جزء أساسيا من الدولة والوطن". الدروز: تضارب بين القتال والتهدئة على الرغم من إعلان يوسف جربوع شيخ عقل طائفة الدروز السوريين، التوصل إلى اتفاق التهدئة مع الحكومة السورية، نفى حكمت الهجري، أحد شيوخ عقل الطائفة الدرزية في سوريا، إبرام أي اتفاق أو تفاوض أو تفويض مع الحكومة السورية. وأكد الهجري، استمرار القتال ضد قوات الأمن الحكومية "حتى تحرير كامل تراب محافظة السويداء"، وفق تعبيره. وسرعان ما علّق جربوع على تصريحات الهجري، معربا عن احترامه لرأي الأخير الرافض للاتفاق مع الحكومة السورية، غير أنه (جربوع) أكد أنه لا يحق له "أن يصادر رأينا". وفي تصريحات لقناة "سكاي نيوز عربية"، شدد جربوع، على أنه لا يمكن لأي شخص أن يحتكر بمفرده السلطة الروحية للدروز في السويداء، بمن فيهم حكمت الهجري، مضيفا: "لا نملك سوى أن نحقن دماء أبناء السويداء". إسرائيل وخلاف الدروز وسط الاشتباكات التي شهدتها السويداء، طالب حكمت الهجري أحد شيوخ عقل الطائفة الدرزية، بحماية دولية لمواجهة ما أسماه "الحملة البربرية" التي تشنها القوات الحكومية. في حين رحّبت قيادات درزية أخرى بدخول القوات الحكومية إلى المحافظة، إذ دعت إلى التخلي عن السلاح والحوار مع الحكومة السورية. وفي وقت باكر من يوم الأربعاء، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات مكثّفة استهدفت مقر هيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع والقصر الرئاسي في سوريا، متذرّعا بالاشتباكات في السويداء. وقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان صادر عن مكتبه اليوم، إن الجيش وسلاح الجو وقوات أخرى تعمل من أجل "إنقاذ إخوتنا الدروز في السويداء وللقضاء على عصابات النظام السوري"، حسب تعبيره. ومنذ تولّي الحكومة السورية الانتقالية السلطة بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حذّر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه من المساس بالدروز في سوريا. وفي أبريل الماضي، زار وفد من الدروز السوريين إسرائيل حيث استقبلهم زعيم الطائفة في إسرائيل، خلال زيارتهم إلى مقام النبي "شعيب". وبين إعلان الحكومة السورية المشترك مع يوسف جربوع، يبقى التطبيق الفعلي لاتفاق التهدئة مرهون بموقف حكمت الهجري الذي يشدد على ضرورة مواصلة القتال.