مع ساعات الفجر الأولى ليوم الاثنين، استيقظ سكان تل أبيب على مشاهد غير مألوفة في قلب المدينة الساحلية، حيث غطّى الركام الشوارع، وتحولت واجهات المباني إلى أطلال، بينما كانت فرق الإنقاذ تجوب الأحياء المنكوبة للبحث عن ناجين تحت الأنقاض، القصف الصاروخي، الذي شنته إيران على مدن إسرائيلية عدة، كان الأعنف، وأسفر عن دمار واسع النطاق وارتفاع جديد في حصيلة القتلى والجرحى. شاهد مراسل شبكة CNN الأمريكية في القدس جيريمي دايموند، آثار الدمار عن كثب، ووصف المشهد من وسط تل أبيب قائلًا إن الشوارع كانت مليئة بالحطام، بينما كانت فرق الإنقاذ الإسرائيلية، مدعومة بوحدات من الجيش، تفتش بين الأنقاض بحثًا عن ناجين، مشيرًا إلى أن الانفجارات كانت عنيفة لدرجة أن المباني السكنية اهتزت بالكامل، فيما ركض الأهالي إلى الملاجئ وسط صراخ وذعر. الهجوم الذي يُعتقد أنه نُفذ باستخدام 4 صواريخ باليستية دقيقة، أدى إلى انهيار جزئي في أحد المباني السكنية الكبيرة، حيث بدا الحطام مرئيًا من على بعد عدة شوارع. وصفت سيدة كانت تختبئ في قبو منزلها اللحظات الأولى بعد الانفجار قائلة: "خرجنا ببطء شديد لأننا كنا خائفين من سقوط شيء فوقنا... كانت رائحة الدخان خانقة، والمباني تتساقط أمام أعيننا"، مشيرًا إلى أنهم اضطروا للسير في الشوارع لتجنب استنشاق الغازات المنبعثة من أماكن القصف. مقطع فيديو بثّته رويترز من وسط إسرائيل أظهر مبنى سكنيًا تعرض لانهيار جزئي، وقد أحدث الصاروخ ثقبًا كبيرًا في جدار المبنى، بينما عمل العشرات من رجال الطوارئ بمعدات يدوية في محاولات يائسة لإنقاذ المحتجزين. وفقًا لما أعلنته السلطات الإسرائيلية، فإن إيران أطلقت ليلة الأحد/ الاثنين "مئات" الصواريخ، بعضها باليستي، استهدفت مناطق حساسة في وسط وجنوب إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب والقدس وحيفا، الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت عددًا منها، لكن آخرين تمكنوا من اختراق المنظومة وضرب أهداف سكنية واقتصادية. وقد شوهدت انفجارات ضخمة قرب مصفاة نفط في مدينة حيفا، ما أثار مخاوف من كارثة بيئية وشيكة، كما تعرضت شبكة الكهرباء في وسط إسرائيل لأضرار، تسببت في انقطاعات متكررة في الخدمة. وأعلنت السلطات أن مبنيين سكنيين شاهقين في وسط إسرائيل تضررا بشدة، وتم إنقاذ عدد من الأشخاص الذين كانوا محاصرين داخل المصاعد. وذكرت "نجمة داوود الحمراء" أنها نقلت 12 جريحًا إلى المستشفيات، بينهم طفل يبلغ من العمر 10 سنوات حالته حرجة. وأسفرت الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل في إسرائيل، لترتفع حصيلة القتلى منذ بدء التصعيد إلى 19، إذ أكدت وزارة الصحة الإسرائيلية، أن معظم الإصابات التي وصلت إلى المستشفيات وُصفت بأنها "متوسطة إلى طفيفة"، لكن فرق الطوارئ تواصل البحث عن مفقودين تحت الأنقاض. في المقابل، أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بمقتل 224 شخصًا، وإصابة أكثر من 1277 آخرين، معظمهم من المدنيين، في الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت طهران ومدن أخرى خلال الأيام الماضية. وعن الهجمات الإسرائيلية على طهران، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة استهدفت مراكز قيادة تابعة لفيلق القدس – الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني – ووصفت هذه الأهداف بأنها "مراكز تنسيق لهجمات ضد إسرائيل عبر وكلاء إيران في المنطقة". وأكدت مصادر إسرائيلية أن من بين القتلى رئيس استخبارات الحرس الثوري، فيما عُيّن الجنرال أحمد وحيدي خلفًا للجنرال حسين سلامي الذي قُتل في ضربة سابقة. تزامن التصعيد مع معلومات كشفتها شبكة CNN، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، مفادها أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفض خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، في خطوة مثيرة للجدل، إذ عبّر ترامب عن رغبته في التوصل إلى "اتفاق شامل" بين إسرائيل وإيران، لكنه لم يستبعد احتمال المواجهة الكاملة، مضيفًا: "أحيانًا يضطرون إلى النضال حتى النهاية". من جهتها، حذرت كل من إسرائيل وإيران سكان الطرف الآخر من البقاء بالقرب من مواقع عسكرية محتملة، في إشارات واضحة إلى احتمال استمرار تبادل الضربات.