شوط جديد دخلته محاكمة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الثلاثاء، إذ بدأت جلسات التحقيق المضاد معه في قضية "ملف الهدايا" أو "ملف 1000"، وهي واحد من بين 3 قضايا يُحاكم فيها بتهم الاحتيال والفساد وخيانة الأمانة. وانطلقت صباح اليوم الثلاثاء، عملية استجواب نتنياهو للمرة الأولى والتي قد تستمر لقرابة عام كامل، حيث تُعتبر مرحلة شديدة الحساسية قد تؤدي إلى تحولات جديدة، وفق ما ذكرته القناة 12 العبرية، بعد 6 أشهر عُقد خلالها 29 جلسة استماع في التحقيق الذي أجراه محامي رئيس الوزراء أميت حداد. ووفقا لوسائل إعلام عبرية، حضر نتنياهو إلى المحكمة متأخرا كما فعل في غالبية الجلسات السابقة، ثم جلس في قفص الشهود ليتم استجوابه مباشرة بشأن هدايا فاخرة أُوردت في لائحة الاتهام، بما في ذلك زجاجات شمبانيا ومجوهرات وسيجار، حيث وُصفت بأنها "عملية تزويد متصلة ومطلوبة"، قبل أن يباشر محامي الادّعاء العام يونتان تدمر عملية استجوابه حول "ملف 1000". وفي البداية، ذكّرت رئيسة هيئة القضاة ريفيكا فريدمان فيلدمان، نتنياهو بواجبه في الرد بالحقيقة على أسئلة الادّعاء العام وممثلي النيابة. وفي مستهل الاستجواب، بدأ محامي الادّعاء العام تدمر بسؤال نتنياهو عما إذا كان التحقيق الذي بدأ مع من قِبل الشرطة عام 2017، تم تنسيقه مسبقا مع مكتب رئيس الوزراء، إذ قدم تدمر وثائق تشير إلى تنسيق مسبق بين الجانبين في التحقيقات. لكن سرعان ما اعترض محامي نتنياهو أميت حداد على الأمر معربا عن غرابة "آلية التحقيق"، مطالبا موكّله "نتنياهو" بعد الإجابة، قبل أن تتدخل القاضية، ليُعاد طرح السؤال مجددا على رئيس حكومة الاحتلال حول التنسيق بين مكتبه والشرطة في التحقيقات. حاول نتنياهو المراوغة بحجة أن لديه كثير من الانشغالات، متطرقا إلى مكالمة جمعته بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، قائلا: "بالأمس في الساعة 11 مساءً، تواصلت مع روبيو.. لقد أراد الاستمرار لكنني أخبرته أن عليّ إنهاء المكالمة لأنني أستعد للاستجواب المضاد، فأجابني: لا أصدق ذلك". غير أن محامي الادّعاء أصر على أن يُجيب نتنياهو على ما إذا كان يعلم بالتنسيق المسبق بين مكتبه والشرطة، ما دفع القاضية إلى التدخل وتوجيه السؤال إلى رئيس الوزراء الذي أجاب فورا "نعم". وفي مرحلة لاحقة من عملية الاستجواب، سأل المحامون نتنياهو عما إذا كان صادقا في أجوبته مع الشرطة، وما إذا كان تشاور مع محاميه خلال التحقيقات، فضلا عن هدايا تلقاها هو وزوجته سارة نتنياهو وطلبتها بنفسها. ليرد رئيس الوزراء الإسرائيلي في كثير من أجوبته بأنه "لا يتذكر". وشدد نتنياهو على أنه لم يقل سوى الحقيقة، بيد أن ذلك لا يعني أنه ربما يكون أخطأ نتيجة عدم تذكره بدقة بعض الأشياء القديمة. وردًا على تحايل نتنياهو، أكد محامو الادّعاء أن ذاكرته "حديدية"، لكنه رغم ذلك أجاب في 1788 مرة على الأقل بأنه "لا يتذكر". وعقب ذلك، تطرق تدمر إلى قائمة تضم 10 رجال أعمال أعدّها محامو نتنياهو للاستجواب من قِبل الشرطة، متسائلا عما إذا كان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي يعلم بأنه سيجري استجوابه بشأن علاقته بقطب هوليود أرنون ميلشان والملياردير الأسترالي جيمس باكر، وحصوله على هدايا بقيمة مئات آلاف الشواقل، مقابل تقديم خدمات لميلشان. أجاب نتنياهو مجددا، بأنه "لا يتذكر"، مضيفا: "اعتقدت أن تلك الأمور السخيفة بدأت بسبب مقال لجدعون فايتس.. إن ذلك اضطهاد"، في إشارة إلى الصحفي في "هآرتس" الذي كشف علاقات نتنياهو مع ميلشان في ذلك الوقت. عاود تدمر طرح السؤال على نتنياهو حول تجديد العلاقة مع ميلشان في أعقاب انتخابات 1999، ليصف رئيس الوزراء نفسه بأنه كان "جثة سياسية" بعد خسارته الانتخابات حينذاك، مؤكدا أن اللقاء بينهما كان ودّيا وليس سياسيا. ليصفه محامو الادّعاء بأنه "متناقض" ويواجهوه بتصريح قال فيه "نتنياهو" إنه لم يكدن يشك أبدا في أنه سيعود إلى السياسة. واستمرت أحداث الجلسة ما بين سؤال واعتراض وجواب و"لا أتذكر"، فضلا عن سخرية رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي في بعض الأحيان من أسئلة الادّعاء. وأشارت هيئة البث العبرية، إلى أن هذه المرحلة حساسة جدا، ومن المتوقع أن تستمر لعدة أشهر ولن تختتم قبل نهاية العام الجاري حتى وإن انتظمت الجلسات بمعدل جلستين أسبوعيا. وأكدت جهات قضائية إسرائيلية، أن التحقيق المضاد قد يقلب الموازين خصوصا بعد أن تحدث نتنياهو في جلسات سابقة عن قضايا جانبية، ما يتيح للنيابة العامة مواجهته بتلك التصريحات.