مع تصاعد حدة الضربات العسكرية المتبادلة بين روسياوأوكرانيا؛ بات من الصعب تصور حدوث تقدم في المحادثات المباشرة بين موسكو وكييف، والتي من المقرر استئنافها اليوم الاثنين في مدينة إسطنبول التركية. وشنت أوكرانيا، أمس الأحد، هجومًا بطائرات مسيرة داخل عمق الأراضي الروسية دمر أكثر من 40 طائرة روسية، وفق ما قاله مسؤول أمني أوكراني لوكالة أسوشيتد برس (أ ب)، وبناءا عليه؛ فإنه من غير المرجح أن يكون أي من الجانبين مستعدًا لتغيير خطوطه الحمراء. وعقب هذه الهجمات؛ أظهرت أوكرانيا أنها لا تزال قادرة على الضرب في عمق الخطوط الأمامية، خاصة بعدما كثفت موسكو في الفترة الأخيرة من حدة هجماتها على المدن الأوكرانية بما فيها العاصمة كييف والتي أسفر عنها قتلى ومصابين. وليلة السبت، شنّت روسيا أكبر هجوم لها بطائرات مُسيّرة على أوكرانيا منذ بداية الحرب، بمشاركة 472 طائرة مُسيّرة. وأسفرت ضربة صاروخية روسية، أمس الأحد، عن مقتل 12 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 60 آخرين في موقع تدريب للجيش الأوكراني. كيف وضع التصعيد الأوكراني الأخير مصداقية ترامب على المحك؟ مع هذه التطورات، أصبح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يشعر بالإحباط بشكل متزايد، والذي اعتاد أن يتفاخر بأنه قادر على إنهاء الحرب في أوكرانيا في وقت قصير، يراقب الآن من على الهامش بينما يبدو حجر الزاوية في سياسته الخارجية المعلنة "مهتزًا" بشكل واضح، وفق شبكة "سي إن إن". وتقول الشبكة الأمريكية، إنه لا يبدو أن ضغوط ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي انتقده بشدة في المكتب البيضاوي، ولا توبيخه الأخير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصفه ب"المجنون الذي يقتل الناس بلا داعٍ"، قد دفعت الجانبين إلى الاقتراب من اتفاق السلام. لكن لا يزال لدى ترامب أدوات قوية يستطيع استخدامها، إن أراد، مثل فرض عقوبات جديدة صارمة، كتلك التي تحظى بتأييد ساحق في مجلس الشيوخ الأمريكي، أو تعديل المساعدات العسكرية الأمريكية بما يزيد بشكل كبير من تكاليف استمرار القتال. قد لا تكون هذه الإجراءات حاسمة، لكنها ستُرسل رسالة التزام أمريكي، بحسب "سي إن إن". وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكثر من مرة، إنه يريد إنهاء هذه الحرب من خلال الطرق الدبلوماسية، كما يُصرّ على أن هذه حرب سلفه جو بايدن، أو حرب بوتين وزيلينسكي. يعتبر إصرار الرئيس الأمريكي على إنهاء الصراع في أوكرانيا، إلى جانب تدخلاته الشخصية مع المسؤولين الأوكرانيين والروس، أن ترامب والولاياتالمتحدة أصبحا الآن مرتبطين بشكل لا ينفصم بالنتيجة، وفق الشبكة. وتضيف "سي إن إن"، أنه على الرغم من محاولاته المتكررة للتنصل منها، فإن حرب أوكرانيا أصبحت إلى حد كبير حرب ترامب التي أصبحت مصداقية الولاياتالمتحدة الآن على المحك. ولهذا السبب يتم مراقبة الأحداث على ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات في إسطنبول عن كثب. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قد حدد أمس الأحد، بعض مواقف أوكرانيا، بما في ذلك وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط وإطلاق سراح السجناء وعودة الأطفال الأوكرانيين المخطوفين. ومن جانبه، حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أواخر مايو الماضي، عدد من الشروط اللازمة لإنهاء الحرب الدائرة منذ فبراير 2022، والتي تتضمن "تعهدًا غربيًا مكتوبًا" بوقف توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) نحو الشرق ورفع جزء كبير من العقوبات الغربية عن موسكو، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن ثلاثة مصادر روسية مطلعة على المحادثات. وهذا الشرط يعني عدم حصول دول أوروبا الشرقية، وأهمها أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا، و جمهوريات سوفيتية سابقة أخرى، رسميًا على عضوية الناتو في المستقبل؛ وهو السبب الرئيسي لاندلاع الحرب بين موسكو وكييف في الأساس. وتريد روسيا أن تضمن أن تكون "أوكرانيا محايدة وغير نووية"، إذ كان السعي لضم كييف إلى حلف الناتو هو "الشرارة التي أطلقت الصراع"، وفق ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف خلال مؤتمر في العاصمة موسكو اليوم الأربعاء. كما تشمل شروط موسكو رفع بعض العقوبات الغربية، وحل قضية الأصول السيادية الروسية المجمدة، وحماية الناطقين بالروسية في أوكرانيا.