في تحول لافت يعكس تغيرًا جذريًا في السياسة الخارجية البريطانية، اتخذت لندن سلسلة من الإجراءات التصعيدية ضد إسرائيل، بعد أكثر من عامين ونصف على بدء الحرب في قطاع غزة. فبعد أن كانت المملكة المتحدة تُصنف ضمن الدول الأكثر دعمًا لتل أبيب دبلوماسيًا وعسكريًا، أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرًا عن تعليق المفاوضات التجارية مع إسرائيل، وفرض عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية، واستدعاء السفير الإسرائيلي احتجاجًا على العمليات العسكرية في غزة وأعمال العنف في الضفة. تعليق محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية، يوم الثلاثاء، أن محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل "تم تعليقها رسميًا وبأثر فوري"، مؤكدة أنه "لا يمكن المضي قدمًا في التفاوض بشأن اتفاقية جديدة في ظل السياسات الصادمة لحكومة نتنياهو". كما استدعت بريطانيا السفيرة الإسرائيلية لدىها، تسيبورا حوتوفلي، حيث من المقرر أن ينقل وزير شؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكونر، رفض بلاده للتصعيد العسكري في غزة، ويدين الحصار المفروض على المساعدات، ويطالب بوقف الاستيطان وأعمال العنف في الضفة الغربية. تاريخ من الدعم البريطاني الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في تصريحات له في سبتمبر الماضي، أمام مجلس العموم البريطاني، أن بلاده تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بموجب القانون الدولي. وأضاف حينها: "دعوني أغادر هذا المجلس (مجلس العموم) مع التأكيد على أن المملكة المتحدة مستمرة في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقا للقانون الدولي". وفيما يتعلق بالدعم العسكري، أرسلت بريطانيا منذ بداية العدوان على غزة عدد كبير من المعدات العسكرية، إذ كشفت صحيفة ذا غارديان في تقرير حديث لها، أن لندن واصلت تصدير معدات عسكرية إلى إسرائيل، حتى بعد إعلان تجميد عدد من تراخيص تصدير الأسلحة في سبتمبر 2024. وبيّن التحقيق أن 14 شحنة من المعدات العسكرية أُرسلت إلى إسرائيل منذ أكتوبر 2023، بينها شحنة بحرية احتوت على نحو 160 ألف قطعة، إلى جانب تصدير أكثر من 8,600 قطعة من الذخائر والقنابل والصواريخ، معظمها بعد قرار التجميد. وأشار التحقيق إلى أن الحكومة البريطانية أبقت على 200 ترخيص تصدير، ومنحت استثناءً خاصًا للمعدات الداخلة في برنامج الطائرة المقاتلة "إف-35"، بحجة ضرورات الأمن القومي والحفاظ على سلسلة التوريد العالمية لصالح الناتو. الضغوط الدولية دفعت بريطانيا للتراجع يمثل هذا التحول في موقف بريطانيا إشارة قوية على تنامي الضغوط الدولية على إسرائيل، خاصة في ظل ازدياد الانتقادات المتعلقة بانتهاكات القانون الإنساني في غزة والضفة الغربية، كما يعكس تغيرًا في المزاج السياسي البريطاني، الذي بدأ يتبنى خطابًا أكثر انتقادًا للسياسات الإسرائيلية، تحت ضغط الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان.