كان للحرب التي دامت شهرًا واحدًا وبدأت الثاني تأثير مدمر على النظام الصحي في أوكرانيا، وقيّد الوصول إلى الخدمات الصحية، وأثار الحاجة الملحة لعلاج إصابات الصدمات والحالات المزمنة، وتزداد خطورة الأوضاع لاسيما وأن البنية التحتية الصحية المدمرة وسلاسل الإمدادات الطبية المعطلة تشكل تهديدًا خطيرًا على الملايين. التأثير على الصحة أسفر الغزو الروسي لأوكرانيا عن نزوح ما يقرب من 7 ملايين شخص داخليًا، وكاد عدد اللاجئين الذين فروا إلى البلدان المجاورة يصل إلى 4 مليون شخص، ما يؤدي إلى تفاقم حالة من يعانون من الأمراض غير المعدية. ووفقًا لمنظمة الهجرة الدولية، فإن 1 من بين 3 نازحين داخليًا يعانون من حالة مرضية مزمنة. ومع استمرار الحرب وزيادة عدد النازحين، أصبحت بعض المستشفيات تعمل على علاج المصابين والجرحى، وهو ما جاء على حساب تقديم بعض الخدمات الأساسية والرعاية الصحية الأولية. وحسب التقديرات، فإن نصف الصيدليات في أوكرانيا تقريبا مُغلقة، واضطر العديد من العاملين في مجال الصحة للنزوح، وآخرين غير قادرين على العمل. وهناك حوالي 1000 منشأة صحية قريبة من مناطق الصراع، ونتيجة لذلك أصبح الوصول إلى الأدوية والمرافق الصحية والعاملين في الصحة محدود وفي حالات أخرى بات مستحيلا، ما يعني أن علاج الحالات المزمنة قد توقف قريبًا. وألقت الحرب بظلالها على عملية التطعيم ضد فيروس كورونا، فقبل الغزو الروسي كان 50 ألف أوكراني على الأقل يتلقون اللقاح ضد الفيروس يوميًا، وبين 24 فبراير وحتى 15 مارس، تم تطعيم 175 ألف شخص فقط ضد كوفيد-19. كيف استجابت منظمة الصحة العالمية؟ في اليوم الذي اندلعت به الحرب، أعلنت منظمة الصحة العالمية تفعيل خطط الطوارئ الخاصة به، وأعادت توجيه الموظفين والمشاريع، لتكون أكثر تركيزًا على تلبية الاحتياجات الطارئة، ودعم النظام الصحي والعاملين في أوكرانيا. تعمل الصحة العالمية عن كثب مع وزارة الصحة والسلطات الأوكرانية لتحديد الثغرات والاحتياجات في النظام الصحي، والاستجابة لها سريعًا. فتحت الصحة العالمية مركزًا للعمليات في رزيسزو ببولندا، وطورت خط للتعامل مع الصدمات في معظم المدن الأوكرانية، وأرسلت أكثر من 100 طن من المعدات الطبية عبر الحدود إلى المرافق الصحية في جميع أنحاء البلاد. هناك حوالي 36 طنًا من الإمدادات في طريقها حاليًا إلى لفيف، غرب أوكرانيا، مع 108 طن إضافية في خطوط الانابيب، تحتوي على الأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة، أدوية علاج الأطفال، إمدادات نقل الدم. قال الدكتور يارنو هابيتشت، ممثل منظمة الصحة العالمية في أوكرانيا:"ما نقدمه يلبي احتياجات الناس على الأرض، حيث يعمل العاملون في الصحة الأوكرانيون على مدار الساعة في ظروف لا يمكن تصورها. يمكن لفريق من المتخصصين في الرعاية الصحية المدربين، باستخدام الأدوات الصحية التي تقدمها الصحة العالمية انقاذ حياة 150 شخص، ما يعني أن توصيل 10 مجموعات سيساعد على إنقاذ 1500 شخص". وصلت شاحنة تابعة للصحة العالمية إلى سومي، شمال شرق أوكرانيا، تحمل إمدادات طبية كافية لعلاج 150 مريضًا بالصدمة، وتوفير الرعاية الصحية الأولية ل15 ألف مريض خلال 3 أشهر. كذلك سلمت الصحة العالمية للمرافق الصحية آلات تهوية الرئة الاصطناعية، بدلات للحماية من المواد الكيماوية، و محلل أمراض الدم، وخزانات الأكسجين السائل. كما نُشر أكثر من 20 فريقًا طبيًا للطوارئ في أوكرانيا، بولندا، وجمهورية مولدوفا، لتوفير التدريب والرعاية الطبية المتخصصة. وصف الدكتور هانز هنري ب. كلوج ، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأوروبا، استجابة دول الجوار لأوكرانيا بالاستثنائية، وقال:"نتوقع نزوح المزيد من الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، ممن لديهم احتياجات صحية أكبر في الأسابيع المقبلة".