فلسطين.. آليات عسكرية إسرائيلية تقتحم المنطقة الشرقية في نابلس    الزراعة: منافذ الوزارة تطرح السلع بأسعار أقل من السوق 30%    مع ارتفاع حراراة الجو.. كيف تحمي نفسك داخل سيارتك    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    علقة موت، تعرض محامية للضرب المبرح من زوج موكلتها وآخرين أمام محكمة بيروت (فيديو)    "مواجهات مصرية".. ملوك اللعبة يسيطرون على نهائي بطولة الجونة للاسكواش رجال وسيدات    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعديل مباراة الأهلي ضد مازيمبى رسميا في نصف نهائى دورى الأبطال    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    رمضان صبحي يصدم بيراميدز ويستبعده من المنافسة على الدوري    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    مفاجأه نارية.. الزمالك يكشف تطورات قضية خالد بوطيب    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمراض المثقفين
نشر في مصراوي يوم 23 - 10 - 2021

إذا أردت أن تعرف جانبًا من أمراض المثقفين، فما عليك إلا أن تعيد قراءة وقائع فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الأدب.
عقب الإعلان عن فوز نجيب محفوظ بالجائزة في أكتوبر 1988، أوضح أنه لا يعتزم السفر لاستلامها. في الجزء الثاني من مذكراته بعنوان «العصف والريحان: 1981-2015»، يلقي الكاتب والمؤلف المسرحي محمد سلماوي الضوء على تفاصيل خفيّة من الحكاية؛ إذ كان السبب «الرسمي» الذي أعلنه محفوظ لعدم سفره إلى السويد هو كبر سنه واعتلال صحته، على أن السبب الحقيقي كان عدم حُبِّه للسفر وعدم ميله الشخصي إلى الاحتفالات والمهرجانات، حتى إنه لم يتعود طوال حياته الاحتفال بعيد ميلاده إلا بعد فوزه بالجائزة، حين بدأ البعض يعتبر عيد ميلاده مناسبة قومية، فيتوافد هؤلاء على مجالسه وقد حمل كلٌ منهم كعكة تعلوها الشموع، في حين لم يكن محفوظ يقرب الحلوى أصلًا بسبب إصابته بمرض البول السكري، لكنه كان يضطر إلى مجاراة زوّاره. وتستمر تلك الاحتفالات ما لا يقل عن أسبوع، يطلق محفوظ عليه «أسبوع الآلام».
بمجرد اختيار نجيب محفوظ للكاتب محمد سلماوي لتسلم جائزة نوبل من ملك السويد، انقلبت الدنيا رأسًا على عقب، فقد فوجئ بعض القريبين من محفوظ، والذين كانوا يرون أنفسهم أقرب إليه من سلماوي. واتصل به بالفعل أحد المقربين حسب ما رواه نجيب نفسه للقاص سعيد الكفراوي، وقال له:
-لماذا تختار سلماوي؟ أهو أقرب لك مني؟
فقال له محفوظ:
- إن أمي كانت أقرب لي من أي منكما، فهل كان يصح أن أرسلها لتسلم الجائزة؟
ثم أوضح محفوظ لمحدثه أنه اختار الأصلح لتلك المهمة، وعندئذٍ قال له محدثه بالحرف الواحد:
- هذه جائزتنا كلنا وليس من حقك أن تختار وحدك من يتسلمها.
وهنا أنهى محفوظ المكالمة.
على أن القصة لم تنتهِ عند هذا الحد، فقد هاجم البعض محفوظ لفوزه بالجائزة، وبدلًا من أن يهنئوه بها قالوا إنهم أحق بها منه. ويروي محمد سلماوي في مذكراته «العصف والريحان: 1981-2015» (الكرمة، 2021) كيف بدأت الضغوط تتوالى على محفوظ بسبب اختياره لمن يمثله في استلام الجائزة، فقد نشرت صفحة الأدب في إحدى الجرائد اليومية أن اختيار محفوظ لممثله الشخصي ليس نهائيًا، وأن رئاسة الجمهورية ستتدخل خلال الأيام المقبلة لاختيار من يمثل محفوظ في استلام جائزته، بل بادرت الجريدة إلى تسمية بعض من رأت أنهم أولى باستلام الجائزة نيابة عن محفوظ، فذكرت أسماء وزير الثقافة الأسبق الدكتور ثروت عكاشة، والناقد الكبير الدكتور لويس عوض، والروائي ثروت أباظة رئيس اتحاد الكتاب، ثم وجدت من يتساءل: لماذا لا يكون وزير الثقافة فاروق حسني هو ممثل محفوظ في احتفالات نوبل؟
وتحدث إلى سلماوي وزير الثقافة فاروق حسني مستغربًا هذه الضجة، وقال إنه سيبحث حقيقة الأمر من ناحيته، ثم فوجئ سلماوي به يضيف:
- وإذا قلت لك إن عليك ألا تسافر، فلا تسافر.
أدلى محفوظ بحديث لمجلة «المصور» أجراه الكاتب الصحفي محمد الشاذلي ونُشِر تحت عنوان «عيب ما يثار حول من يسافر لتسلم جائزتي!»، قال فيه:
«ينبغي أن يتوقف الكلام حول هذا الموضوع.. أفهم أن الناس تتسابق في أداء خدمة عامة، لكن هذه خدمة شخصية. ولقد اخترت محمد سلماوي لأنه يستطيع القيام بهذه المهمة خير قيام».
وردًا على سؤال حول أسباب عدم اختياره كاتبًا روائيًا من جيله، قال محفوظ:
«أجد حرجًا شديدًا في أن أعرض على أي إنسان السفر ليجلب لي شيئًا خاصًا، ولقد عرضت على السيد سلماوي وأنا خجلان فوافق، فكتر ألف خيره».
جاء ذلك في الوقت الخلاف الذي أججته الصحف بين محفوظ والكاتب الكبير يوسف إدريس، ليشير إلى حقيقة أسباب امتناع محفوظ عن اختيار أحد من جيله ممن هاجموه في السابق، ثم عادوا اليوم يتسابقون لاستلام جائزته.
وكتب موسى صبري وقتها في «آخر ساعة» يقول:
«لماذا الحجر على حق الكاتب في اختيار من يمثله؟ وإذا كان قد أعلن أنه لن يعدل عن قراره فلماذا نفسر ذلك على أنه حرج؟.. لكن هذا هو وباء المثقفين.. إنهم سكاكين مشهرة دائمًا! وهذا ما تجرد منه نجيب محفوظ في كل خطوات حياته».
وكتب ياسين رفاعية في جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية مقالًا بعنوان «اللاهثون وراء جائزة نوبل» قال فيه:
«اختار محفوظ الكاتب المصري الشاب محمد سلماوي.. وبالفعل كان خير من يمثل الكاتب الكبير شكلًا وأداء، وسلماوي اعتبر هذا التمثيل واجبًا وطنيًا، وهذا ما فعل».
ويروي سلماوي كيف أنه فوجئ حين أرسل جواز سفره الخاص -الذي يحمله باعتباره وكيلًا لوزارة الثقافة- إلى مكتب العلاقات العامة في وزارة الثقافة، المختص بترتيبات السفر، برد الجواز له من دون تأشيرة، مع ملاحظة تشير إلى أن المهمة التي يعتزم السفر من أجلها لا تخص الوزارة، وأن عليه أن يستخدم فيها جواز سره العادي. وقيل لسلماوي وقتها إن تلك توجيهات الوزير، وهو ما ثبت له بعد ذلك عدم صحته، لكنه في النهاية أرسل جواز سفره العادي إلى سفارة السويد وحصل في اليوم نفسه على التأشيرة المطلوبة (ص 120).
ربما كانت هذه التفاصيل مثالًا آخر على التركيبة النفسية المعقدة لكثير من المثقفين أو مدعي الثقافة، ممن يرون دومًا أحقيتهم دون غيرهم، ويرفعون لواء المظلومية، ولا بأس من أن يشنوا حملات تشهير وإساءة، للنيل من خصومهم أو منافسيهم.
القصة متكررة في كل مكان وزمان. شفى الله المثقفين من أمراضهم المتوطنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.