أعلن المغرب الجمعة أنه أطلق عملية عسكرية في منطقة الكركرات العازلة في الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو، وردّت الجبهة معتبرة أن العملية أنهت وقف إطلاق النار بين الجانبين المعمول به منذ 30 عاما، وأن "الحرب بدأت". وقال بيان لوزارة الخارجية المغربية اليوم إن العملية تأتي بعد إقفال أعضاء من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) منذ 21 أكتوبر، الطريق الذي تمرّ منه خصوصا شاحنات نقل بضائع من المغرب نحو موريتانيا وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وأوضحت قيادة القوات المسلحة المغربية في وقت لاحق أنها "أقامت ليل الخميس الجمعة حزاما أمنيا من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة" في الكركرات. وشددت في بيان نقلته وكالة الأنباء المغربية على أن العملية "ليست لها نوايا عدوانية"، و"تقوم على تجنب أي احتكاك مع أشخاص مدنيين وعدم اللجوء إلى استعمال السلاح إلا في حالة الدفاع الشرعي". كذلك، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لوكالة فرانس "لا يتعلق الأمر بعملية هجومية إنما هو تحرك حازم إزاء هذه الأعمال غير المقبولة"، مؤكدا أن عناصر المينورسو الموجودين على الأرض "سجلوا عدم حدوث أي احتكاك مع المدنيين". في المقابل، قال وزير الخارجية الصحرواي محمد سالم ولد السالك "الحرب بدأت. المغرب ألغى وقف إطلاق النار". وأضاف في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس في الجزائر "إنه عدوان"، مؤكدا أن "القوات الصحراوية تجد نفسها في حالة دفاع عن النفس وترد على القوات المغربية". وكانت جبهة بوليساريو هددت الاثنين بإنهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع الرباط، إذا "أدخلت" المملكة عسكريين أو مدنيين إلى منطقة الكركرات العازلة. والصحراء الغربية منطقة صحراوية شاسعة على الساحل الأطلسي لإفريقيا ومستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على ثمانين بالمئة منها، ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، باستقلالها. وضمّ المغرب الصحراء الغربية في 1975، واندلع على الأثر نزاع مسلح بين الطرفين استمر حتى وقف إطلاق النّار في 1991. والكركرات منطقة عازلة تقوم قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، بدوريات منتظمة فيها. وشهدت في الماضي توترات بين بوليساريو والمغرب خصوصا مطلع العام 2017. وتحتجّ جبهة بوليساريو على حركة العبور عبر هذه النقطة الى المغرب، بينما يعتبر الجانب المغربي المعبر حيويا للتبادل التجاري مع إفريقيا جنوب الصحراء. وذكر بيان القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية أن "نحو ستين شخصا مؤطرين من قبل ميليشيات مسلحة ل+البوليساريو+ قاموا بعرقلة المحور الطرقي العابر للمنطقة العازلة للكركرات التي تربط بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وبمنع الحق في المرور". وتحدثت وزارة الخارجية المغربية عن "التضييق باستمرار على المراقبين العسكريين للمينورسو"، بعثة الأممالمتحدة المكلفة مراقبة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. وكان العاهل المغربي محمد السادس أكد في خطاب ألقاه الأسبوع المنصرم "الرفض القاطع (...) لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني". "سد ثغرة" وأشار مسؤول في وزارة الخارجية المغربية الجمعة لفرانس برس الى أن موريتانيا و"دولا أخرى معنية بالملف" أبلغت بالعملية قبل إطلاقها. وأوضح أن أفرادا من الهندسة المدنية التابعة للقوات المسلحة الملكية انتشروا صباح الجمعة على حوالى عشر كيلومترات "لسد ثغرة" في الجدار الدفاعي الذي يفصل طرفي النزاع، بهدف "منع أي دخول للمنطقة". ويفصل هذا الجدار بين الصحراويين والمغاربة منذ اتفاق وقف إطلاق النار، وتحيط به المنطقة العازلة وعرضها خمسة كيلومترات. وكان حوالى مئتي سائق شاحنة مغربي وجهوا الأسبوع الماضي نداء استغاثة إلى كلّ من الرباط ونواكشوط، قالوا فيه إنّهم عالقون على معبر الكركرات بين موريتانيا والصحراء الغربية، بعدما منعتهم البوليساريو من العبور. وأوضح المسؤول في الخارجية المغربية أن 108 أشخاص يعملون في نقل البضائع عالقون في الجانب الموريتاني من الحدود و78 آخرين في الجانب الآخر، في شاحنات من بلدان مختلفة من المغرب وموريتانيا وفرنسا. وترعى الأممالمتحدة منذ عقود جهودا لإيجاد حل سياسي ينهي النزاع حول الصحراء الغربية. ومدّد مجلس الأمن في نهاية تشرين الأول/أكتوبر مهمة بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لعام آخر. ودعا القرار أطراف النزاع إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أشهر طويلة والتي تشارك فيها أيضا موريتانياوالجزائر.