تشهد منطقة الكركرات في الصحراء الغربية تحركات عسكرية متبادلة بين الرباط وجبهة البوليساريو، منذ أغسطس الماضي، وازدادت كثيرًا في الفترة الأخيرة، فيما وصفت الأممالمتحدة أوضاع المنطقة بالخطيرة، داعية الطرفين إلى سحب قواتهما والحفاظ على الهدوء وعدم تغيير الوضع الراهن.. فما هي الكركرات وما مدى أهميتها في الصراع الدائر بين جبهة البوليساريو والمغرب في المرحلة المقبلة؟ الكركرات منطقة جغرافية صغيرة في منطقة الصحراء الغربية التي تعتبرها المغرب أرضا تقع في نطاقها الجغرافي وتحت سيادتها، وتقع الكركرات على بعد 11 كم من الحدود مع موريتانيا وعلى بعد 55 كم من المحيط الأطلسي، وتقع القرية تحت سيطرة المغرب. وتعد الكركرات منفذا بريا رئيسيا يجمع المغرب بموريتانيا، ويملك المغرب مركزا حدوديا في الكركرات، يمثل هذا المركز آخر نقطة من منطقة الصحراء التي تخضع للنفوذ المغربي. لا يتعدى طول المنطقة سوى 3.7 كيلومترا حددتها الأممالمتحدة بناء على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو في 6 سبتمبر 1991، كمنطقة عازلة فاصلة بين ميليشيات البوليساريو الانفصالية والقوات الملكية المغربية المتمركزة خلف الجدار الرملي الذي شيدته المغرب بعد وقف الاتفاق على وقف إطلاق النار. الوضع الراهن وتشهد المنطقة في هذه الفترة فصلا جديدا من المواجهة بين المغرب وجبهة البوليساريو، وصلت حد التلويح بإمكانية خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وعودة الطرفين إلى الاشتباكات المسلحة التي توقفت رسميا عام 1991. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس الجمعة، عن قلقه العميق إزاء تزايد التوترات في محيط الكركرات، داعيا المغرب وجبهة البوليساريو إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب تصعيد التوترات من جانب الجهات العسكرية أو المدنية، كما طالب بعدم عرقلة الحركة التجارية العادية، وإلى عدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرا للوضع الراهن في القطاع العازل، ونادى الأمين الأممي من الطرفين سحب عناصرهم المسلحة من القطاع العازل بالصحراء الغربية دون شروط، وخلق بيئة لاستئناف الحوار، كما دعا إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. وقرر المغرب سحب قواته من منطقة الكركرات في الصحراء الغربية المتنازع عليها، وذلك بعدما أثار وجود تلك القوات توترات مع جبهة البوليساريو، وقالت وزارة الخارجية المغربية في بيان الأحد: "ستبدأ مملكة المغرب من اليوم في تنفيذ انسحاب أحادي الجانب من منطقة الكركرات". وأضافت الخارجية أن القرار اتخذه الملك محمد السادس، بناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، وقال البيان إن الرباط "تتطلع الآن إلى أن يسمح تدخل الأمين العام للأمم المتحدة بالعودة إلى الوضع السابق في المنطقة المعنية، وعدم الإضرار بها، وكذلك السماح بتدفق حركة النقل، ومن ثم الحفاظ على وقف إطلاق النار". وتبين الأزمة الأخيرة، أن التوترات القائمة تخص هذا الشطر من طريق الكركرات، فيبنما أغضب السلطات المغربية ادعاء البوليساريو بأن هذه المنطقة تخصها، وتناقل جنود من البوليساريو مؤخرا صورا لهم على شاطئ المحيط الأطلسي المحاذي للصحراء، أرسل المغرب مهندسين، صيف العام الماضي، لأجل مدّ طريق من المركز الحدودي المغربي باتجاه نظيره الموريتاني، الأمر الذي احتجت الجبهة رسميا عليه، وراسلت مجلس الأمن، وهنا ردّ المغرب أن نشاطه في الكركرات يأتي لمحاربة التجارة غير المشروعة وأنه يحترم قرار وقف إطلاق النار. استمر التوتر حتى بلغ أوجه هذا الشهر، بعد حديث أصحاب شاحنات مغاربة عن قيام جنود جبهة البوليساريو بتوقيفهم وإجبارهم على تنكيس الأعلام المغربية، وهناك من اتهم الجنود بالإساءة لهم، وفي هذا يدخل اتصال العاهل المغربي بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، إذ قال إن هناك استفزازات من عناصر البوليساريو، وهو نفس الوصف الذي استخدمه إبراهيم غالي، الأمين العام للجبهة، للرد على المغرب خلال اتصاله بجوتيريس. مستقبل التوتر في الوقت الذي بدأ فيه الملك المغربي الاهتمام بقضية الصحراء الغربية، وهو ما ظهر في تحركاته الأخيرة في القارة الإفريقية من تعدد الزيارات، تشعل جبهة البولساريو الوضع بالتصريحات النارية، حيث قال ما يعرف بوزير دفاع البوليساريو عبد الله لحبيب بلال، إن "الوضع قابل للانفجار في أي لحظة"، وردًا على سؤال تمحور حول هل ستقوم الجبهة بتشييد مناطق عبور وجمركة في الكركرات تقوم فيها بختم جوازات السفر، أكد أن الجبهة تمارس "سيادتها" على المنطقة، في تلميح منه إلى الإجابة بنعم على السؤال، وهي خطوة يراها مراقبون، لو تمت، ستزيد من احتقان الوضع، لأن الرباط لن يقبل ختم جوازات مواطنيه من قبل البوليساريو.