حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 ديسمبر    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب قبالة محافظة آوموري باليابان    محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    محمد علي خير: الرفض لفيلم الست كان أكبر من القبول.. وهذا لم يحدث في تاريخ الصناعة    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    الاستخبارات الأمريكية تكشف حقيقة السيطرة الروسية على أوكرانيا    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    بعد أنباء تحذير دولة عربية، هل يتلقى العراق ضربات عسكرية وشيكة؟    عائشة بن أحمد: مصر محطة صعبة لكنها تصنع النجومية    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    هل إعادة عرض مسلسل "أم كلثوم" رد غير مباشر على فيلم "الست"؟    الفنانة شيرين تعليقا على وفاة سمية الألفي: جمعني بها مسلسل «لاعبون بالنار».. وكانت سيدة فاضلة    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    سبرتاية مشتعلة تسفر عن حريق بشقة وإصابة 3 أطفال بالطالبية    تطور جديد في اتهام "هدى الإتربى" لطبيب أسنان باستغلال صورتها    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حولنا حدائق الفسطاط من مقلب قمامة إلى أبرز معالم الشرق الأوسط    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    فيديو جراف| بشرى سارة.. مترو الأنفاق سيصل هذه المناطق قريبًا    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    وزير الطيران:إجمالي عدد الركاب بكافة المطارات المصرية 60 مليون راكب بنهاية العام الجاري    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    محمد صبحي: غزة اختبار سقطت فيه كل الشعارات والمواثيق.. والقوى الدولية تلعب دور محامي العدو    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    اتحاد الكرة: حسام حسن وعدنا بلقب أمم إفريقيا.. وفينجر رشح مدير فني لتعيينه    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    إعلام الاحتلال: الجيش ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طاقة الإيمان.. وإرادة وإثم القلب
نشر في مصراوي يوم 07 - 05 - 2020

الطاقة كما نعلم هي سر الوجود لكل الكائنات الحية وخلايا الجسم المختلفة، التي يتراوح عددها بين100 150 تريليون خلية، تعمل جميعها من خلال الطاقة التي تمنح للخلية حياتها وحيويتها من خلال ما يسمي بالميتوكوندريا وهي مصنع توليد الطاقة في الخلية وتوجد في السيتوبلازم خارج النواة، وتورثها الأم فقط لأولادها سواء الذكور أو الإناث، ولا تورث من الأب، أي أن الأم هي مصدر الطاقة لأولادها وللبشرية جمعاء وليس الأب، وفي الآونة الأخيرة اهتمت الأبحاث العلمية الأكاديمية بمحاولة قياس الطاقة المنبعثة من الإنسان أثناء سلوكيات مختلفة يقوم بها مثل: "قراءة القرآن وبعد الوضوء وأداء الصلاة وأثناء ذكر الله"، وغيرها من السلوكيات الإيمانية وكذلك في أماكن العبادة المتميزة مثل: "الكعبة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم" .
ولقد أثبتت بعض هذه البحوث أن تغير مستويات الطاقة في الخلية نتيجة تعرضها لعوامل خارجية أو داخلية مختلفة يؤثر علي انقسامها، وبالتالي يمكن أن يعدل من الانقسام الشرس العشوائي في حالات الأورام السرطانية، ويعيدها إلى مستوى الانقسام الطبيعي، إذن فلا عجب من أنه -إلى جانب أهمية التماس أسباب الشفاء من العلاجات المختلفة لدى الأطباء والمتخصصين - فإن الرصيد والسلوك الإيماني واليقين في الشفاء لدى المريض يمكن أن يصنع المعجزات"، ويشفي صدور قوم مؤمنين".
ومن خلال بعض الدراسات لقياس مستويات الطاقة بأجهزة معينة وتحديد كميتها في صورة وحدات تبين أن كل ما في الكون يحتوي علي طاقة ما بداخله فمثلا: "الزهور وحبوب اللقاح"، تنبعث منها بين25 35 وحدة، بينما نجد بعض الأحجار الكريمة الأرجوانية أو البنفسجية يمكن أن تعطي طاقة تصل إلى300 وحدة، وربما كانت هذه الطاقة نتيجة لتسبيح الكائنات المختلفة من خلال قوله تعالي: "تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا"، (الإسراء44).
وهناك بعض الدراسات المثيرة التي أجريت لقياس الطاقة الروحية المنبعثة من الأشخاص في حياتهم العادية، وعندما يقتربون أكثر من دينهم وتصفو أرواحهم ويزدادون شفافية وارتقاء بالنفس البشرية على احتياجات الجسد، وقد تم من خلال بعض الأبحاث تصنيف البشر من حيث كم الطاقة الروحية المنبعثة من أجسادهم كما يلي:
1 أناس بعيدون عن الدين لا يمارسون أيًا من الشعائر الدينية، وتتراوح مستويات الطاقة المنبعثة منهم بين50 60 وحدة.
2 الباحثون عن الحقيقة أصحاب النفس اللوامة في اتجاه ودرب الله ويمارسون بعض الطقوس الدينية الروحية أو التأمل، التي تجعل أنفسهم أكثر هدوءًا وسكينة، وهؤلاء تتراوح مستويات الطاقة عندهم بين90 200 وحدة.
3 العارفون أصحاب النفس المطمئنة الذين عرفوا طريقهم إلى الله، ويمارسون العبادات والطقوس بحب وشغف، ولهم تأثير إيجابي علي الآخرين، وتصل مستويات الطاقة عندهم الي300 وحدة.
4 الخاصة والدعاة والمخلصون والذين عندهم القدرة على أن يكون لديهم عدد كبير من المريدين والتابعين ويعرفون طريقهم إلى الله جيدًا، وهم في حالة سلام نفسي داخلي دائم وتصل مستويات الطاقة عندهم الي800 وحدة.
5 الأولياء والخلصاء والأصفياء وعددهم قليل جدًا، وربما يكونون غير معروفين للعامة وتصل مستويات الطاقة لديهم من1900 1600وحدة، وهؤلاء الناس يتمتعون بقدرات خاصة من الوعي والإدراك والحواس الذي ربما يصل لما نطلق عليه لفظ الكرامات أو الخوارق .
ولهذا فنحن لا نعلم مقدار الشحنة والطاقة الروحية التي تتولد لدينا عندما نختلي برب العزة سبحانه وتعالى في ركعتين في جوف الليل، نذكر خلالهما الله بإخلاص فتفيض أعيننا بالدمع وتوجل قلوبنا، ولا عندما نقرأ القرآن أو نعتكف في المساجد مع أهل الذكر (هم القوم لا يشقي جليسهم).
ولعلنا من خلال فهمنا لكيفية انتقال الموجات الكهرومغناطيسية للحب والكراهية عبر الأثير، نستطيع أن نفهم لماذا يملك بعض الناس ما يسمى ب"الكاريزما" التي تجعل له جاذبية وحبًا عند كل من يراه أو يعرفه، حتى ولو من على البعد، كما نستطيع أن نفهم لماذا تشعرنا بعض الأماكن بالضيق والاكتئاب، بينما تنشرح صدورنا ونشعر بالراحة من خلال وجودنا في أماكن أخرى، مثلما يحدث عندما نزور أولياء الله الصالحين وأماكن العبادة، حيث يتأثر المكان بالموجات التي تنبعث من سكانه حتى بعد رحيلهم منه .
المسؤولية في القلب
ولفظ البصيرة في القرآن ارتبط بمعنى الإحاطة بكوامن النفس البشرية، لذلك ورد في سورة (القيامة آية 14)؛ ليعبر عن المسؤولية الكاملة بالنسبة للإنسان "بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ". فإذا كانت في أبعادها أعمق من العقل وحده، وضح لماذا استخدم القرآن لفظ القلب في تحديد المسؤولية عن العمل.
يقول الله سبحانه: "لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ....."، (البقرة 225).
ويقول أيضا: "..ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ ....."، (الأحزاب:5).
فالكسب والعَمْد لفظان يدلان على إرادة الفعل، والأول يرتبط بالنية ومحلها القلب، والثاني يدل على العزم والتصميم والقصد، وهذا مناط المسؤولية في الإسلام؛ لأن الله رفع المسؤولية عن إتيان العمل خطأ ودون قصد.
وهذا يفرق بين الجبر والاختيار؛ لرفع المسؤولية عمن أخطأ دون إرادة ذلك الخطأ، وعمن نسى في نفس الوقت، وهذا جانب ينطبق عليه جانب الإجبار، بينما الآيات تربط المسؤولية بالقصد والإرادة، وهذا ينطبق عليه جانب الاختيار. فالقلب المبصر هو المؤشر الحقيقي للتفرقة بين الخطأ والصواب وبين الخير والشر.
إثم القلب
إذا تتبعنا جانب المسؤولية في القرآن فإننا نجد أن "الإثم" يُسند إلى القلب وذلك في قوله تعالى: "...وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ"، (البقرة 283).
فالكتمان وهو إسرار الشيء وإخفاؤه، وهو عمل من أعمال القلب، مرتبط بإرادة الإنسان ونيته وضميره، ولذلك كان كتمان الشهادة وعدم أدائها إثما وذنبا يُحاسب عليه الإنسان؛ لأن الله يعلم ما تخفى الأنفس وما تكتم: "يعلم السر وأخفى"، (طه:7). وهذا التعارض بين الإعلان والإسرار، والتناقض بين الظاهر والباطن هو ما يسمى بالنفاق.. وهذا هو الذى يحدد حقيقة الإنسان هل هو مؤمن أم لا؟.
الإيمان والإسلام
إن الآية التي تعالج موضوع إظهار الإسلام باللسان وحكمه في القرآن، هي أيضًا من ركائز الدين؛ لأنها تشعرنا بأهمية القلب، وبأهمية النية، وبأهمية السريرة، فليس ما يعلنه الإنسان هو ما يُعبر عن حقيقته بل ما يبطنه.
إن الفرق كبير بين الإيمان وبين إعلان الإسلام، فانظر إلى قول الله تعالى: "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ..."، (الحجرات:14)، وهي قضية أساسية، أن يقول الإنسان إنه مسلم فهذا لا يكفي؛ ليتحقق إسلامه؛ لأن المهم ليس القول وحده بل الإيمان، وهذا الإيمان مركزه القلب.
وكانت طريقة المنافقين هي أن يتظاهروا بالإسلام وأن يخفوا في نفوسهم العداء للدين وللنبي صلى الله عليه وسلم، فأظهر القرآن هذا هو النفاق بعينه في قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ"، (البقرة:204)، وفى هذه الآية الكريمة كشْف فريقاً من الناس يُبالغ في تمثيل مظاهر الإيمان حتى يخدع الآخرين؛ لأنه يشهد الله على ما في قلبه، مع أن قلبه مليء بالحقد على العقيدة وعلى أهلها ومن آمن بها .
وهذا يؤكد أن القلب هو جوهر الإنسان، وهو الذى يأخذ قرار الإخفاء أو الإعلان، وهو الذى يقصد الخداع والنفاق.
نفاق القلب
تتعدد الآيات التي تظهر التناقض بين القول والعمل، أو بين القول والنية والقصد، فتؤكد أن هذا العمل هو نفاق من ناحية وهو كفر من ناحية أخرى؛ لأن النفاق نوع من التلون، والكفر نوع من إخفاء الحقيقة، وكلاهما إخفاء شيء وإظهار شيء آخر يختلف عنه، أو أن كليهما إخفاء للحقيقة.
والقرآن يوجه هذا الاتهام إلى قوم فيقول: "وليعلم الذين نافقوا"، ثم يصفهم بأنهم: "يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم"، مع العلم أنه يقرر أنهم للكفر- وهم على هذه الحالة- أقرب منهم للإيمان. يقول سبحانه: "وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ۚ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ"، (آل عمران:167).
الفريق الآخر يوجه إليه تهمة الكفر مباشرة فيقول سبحانه في سورة (المائدة آية:41):" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".
وهو عز وجل يخبر المؤمنين ويحذرهم في نفس الوقت من هذا النوع الخطر من الأعداء الذين يكيدون للإسلام وأهله بأنهم: "يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم". يقول عز من قائل: "كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ " (التوبة آية: 8)، فقوله باللسان يختلف عما في القلب، وإعلان للإيمان مع عدم إرادة ذلك من القلب، وإرضاء بالفم ورفض بالقلب.
كل ذلك يوضح مدى أهمية الدور الذى يلعبه القلب في قضية الإيمان والكفر والقصد إليهما، ومدى مسؤولية الإنسان عما يكتم في قلبه وارتباط هذه المسؤولية بعقيدته.
أما النوع الثالث من النفاق فهو يتمثل بأولئك الذين يتقاعسون عن أداء واجب الجهاد من الأعراب، ويدعون بأن أعمالهم وأولادهم وأموالهم شغلتهم عن هذه المهمة ويطلبون المغفرة تظاهرًا بالإيمان، فيقرر القرآن أيضًا أنهم: "يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم"، ويخفون الحقيقة التي تؤكد عدم صدق إيمانهم وعدم إخلاصهم للعقيدة. وهذا النوع يرفضه الإسلام حتى ولو صدر من قوم مؤمنين إذ يقول في سورة (الصف): " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ(3)"، ويقول الله عز وجل: "سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ۚ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ۚ بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"، (الفتح 11).
ولما كان النفاق ظاهرة اجتماعية كريهة وصفة أخلاقية ممقوتة، ولما كانت هذه الظاهرة تعتمد الكذب والتضليل، فإن المنافق في العادة يبدو خائفًا من افتضاح أمره وكشف مكنونات قلبه لعلمه بحقيقة الدور المتناقض الذي يقوم به؛ لذلك فإن القرآن ينذر المنافقين بأن حقيقتهم ستُكْشف أمام الله حيث يظهر ما يضمرون. يقول عز وجل: "يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ"(التوبة:64)، أما الفريق الآخر، فهو الذي يكون قد عاهد الله على أداء الزكاة والصدقة إذا أغناه الله من فضله ورَزَقَه الثروة، فإذا تم له ذلك نكث عهده وبخل وضن بماله، فهذا الفريق ينذره المولى بأشد العقاب فيقول: "وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ"، (التوبة 75-77).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.