كانت الساعة تدق الثامنة والنصف صباحًا، بينما ينهمك عمال البعثة المصرية بمنطقة العساسيف غرب الأقصر، في رفع التراب بحثًا عن كشف أثري، حينما صاح أحدهم: "في تابوت هنا". دقائق وتحولت منطقة العساسيف إلى خلية نحل، وتجمع الأثريون والعمال حول التابوت، وعقب استخراجه فوجئوا بتابوت آخر أسفل منه، ثم توالى اكتشاف التوابيت حتى وصل عددها إلى أكثر من 20 تابوتًا في نهاية اليوم، وهو أكبر عدد من التوابيت جرى العثور عليه في اكتشاف واحد بالأقصر، منذ اكتشاف خبيئة الدير البحري عام 1881 التي ضمت 153 تابوتًا ومومياء. والتوابيت المكتشفة في منطقة العساسيف في حالة مميزة من الحفظ والألوان والنقوش. ويرجع تاريخ هذه التوابيت وفقا للأثري الدكتور محمد حراجي إلى الأسرة 25 – 26 التي شهدت البلاد في عهديهما نهضة وتوسع كبيرين. وكشف مصدر من العاملين في البعثة المصرية التي يرجع إليها فضل الاكتشاف الضخم، أن الصدفة قادت لهذا الكشف الفريد، حيث كان العمال يقومون برفع أكوام التراب، استعدادًا للحفر تحتها، بحثًا عن كشف آثري. ومن المقرر أن يعلن الدكتور خالد العناني وزير الآثار والدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، السبت المقبل، تفاصيل هذا الكشف الأثري، بمؤتمر صحفي بغرب الأقصر. ومنطقة العساسيف التي عثر بها على الخبيئة، عبارة عن جبانة تقع على الضفة الغربية لنهر النيل، في الخليج الجاف الذي يؤدي إلى الدير البحري وإلى الجنوب من جبانة ذراع أبو النجا، وتضم مقابر من الأسرات 18 و25 و 26، والتي تغطي الفترة تقريباُ من 525 إلى 1550 قبل الميلاد عبر الأسرات الثلاث. وعثر في هذه المنطقة على عشرات المقابر التي تخص كبار رجال الدولة خلال عهد الأسرات 18 و25 و26، من أهمها مقبرة شخص يدعى خيروف، كان يحمل ألقاباً عديدة منها " الأمير الوراثي وحامل ختم ملك الوجة البحري، والسمير الوحيد، والسمير العظيم الحب، ومدير بيت الزوجة الملكية العظيمة تيي، والمشرف على الخزانة، والحاجب الأول للملك، و رئيس أسرار بيت الملك، والقاضي الذي في مقدمة رجال البلاط، والحاكم الذي في مقدمة المواطنين، وعظيم العظماء وعظيم السمار، ومدير بيت الزوجة الملكية في بيت آمون، والكاتب الحقيقي للملك، والوحيد المتكلم عن المواطنين". كما عثر في هذه المنطقة على مقبرة " با رن نفر " ساقي الملك وطاهر اليدين، ومدير البيت من عهد الملك أمنحتب الرابع، بالإضافة إلى مقبرة "منتومحات" أقوى شخصية في عهد الأسرة 25 وعاش في عهود الملوك "طهرقة وتانوت آمون" وحتى السنة التاسعة من عهد الملك بسماتيك الأول.
