بينهم 140 طفلا، عودة أكثر من 500 مواطن فنزويلي جوا إلى بلادهم من أمريكا والمكسيك    استشهاد 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة    قناة دي فيلت: إذا لم تجد أوكرانيا المال لتغطية عجز الميزانية فستواجه الانهيار الحقيقي    اليوم، آخر فرصة لسداد رسوم برامج حج الجمعيات الأهلية 2025 بعد مدها أسبوعا    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    الصحة: خدمات شاملة لدعم وتمكين ذوي الهمم لحصولهم على حقوقهم    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    بالمستند.. أكاديمية المعلم تقرر مد موعد المتقدمين لإعادة التعيين كمعلم ل31 ديسمبر    وزير الخارجية الفنزويلي: استقبلنا رحلات جوية حملت مواطنين مرحلين من الولايات المتحدة والمكسيك    د. خالد سعيد يكتب: إسرائيل بين العقيدة العسكرية الدموية وتوصيات الجنرال «الباكي»    موعد مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    One Circle يطلق مرحلة جديدة لتطوير الاقتصاد الدائري بقطاع الاتصالات    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    دراما بوكس| بوسترات «سنجل ماذر فاذر».. وتغيير اسم مسلسل نيللي كريم الجديد    أحمد مراد: رؤية فيلم "الست" تناسب جيل "زد" الذي لم يعش زمن أم كلثوم    منى زكي: فيلم "الست" أصعب أدواري على الإطلاق وتجسيد الشخصية أكبر من أي ممثلة    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    في جولة محطة العبادلة بالقليوبية.. فودة يشدد على التشغيل القياسي وتعزيز خطط الصيانة    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    نجاح جراحة دقيقة لمريض يعاني أعراضًا تشبه الجلطة في الجانب الأيسر    لا خوف من الفيروسات.. الصحة توضح سبب شدة الأعراض في هذا الموسم    أستاذة بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية تكشف أفضل أساليب الطهي للحفاظ على جودة اللحوم    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    وصول جثمان السباح يوسف محمد لمسجد الكريم ببورسعيد لأداء صلاة الجنازة.. فيديو    أكسيوس: إسرائيل تحذر من استئناف الحرب في حال استمرار تسلح حزب الله    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الثقافة يُكرّم المخرج القدير خالد جلال في احتفالية كبرى بالمسرح القومي تقديرًا لإسهاماته في إثراء الحركة المسرحية المصرية    حظر النشر في مقتل القاضى "سمير بدر" يفتح باب الشكوك: لماذا تُفرض السرية إذا كانت واقعة "انتحار" عادية؟    القانون يحدد عقوبة صيد المراكب الأجنبية في المياه الإقليمية.. تعرف عليها    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    خبر في الجول - انتهاء مهلة عبد الحميد معالي ل الزمالك في "فيفا" ويحق له فسخ التعاقد    وليد صلاح الدين: لم يصلنا عروض رسمية للاعبي الأهلي.. وهذا سبب اعتراضي على بسيوني    اليوم، آخر موعد لاستقبال الطعون بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    تواصل عمليات البحث عن 3 صغار بعد العثور على جثامين الأب وشقيقتهم في ترعة الإبراهيمية بالمنيا    حريق بجوار شريط السكة الحديد بالغربية.. والحماية المدنية تُسيطر على ألسنة اللهب    أحدهما دخن الشيشة في المحاضرة.. فصل طالبين بالمعهد الفني الصناعي بالإسكندرية    ماكرون يستعد لإعلان تعديلات جديدة على العقيدة النووية الفرنسية    محافظة الجيزة يتفقد أعمال إصلاح الكسر المفاجئ لخط المياه الرئيسي بشارع ربيع الجيزي    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    النيابة الإدارية يعلن فتح باب التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية لخريجي دفعة 2024    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    بيراميدز يتلقى إخطارًا جديدًا بشأن موعد انضمام ماييلي لمنتخب الكونغو    الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    قناة الوثائقية تستعد لعرض سلسلة ملوك أفريقيا    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرف على أصعب مهمة إنقاذ في العالم
نشر في مصراوي يوم 19 - 02 - 2019

في نهاية أبريل 2015، كان البرد القارس والظلام يلفان القارة القطبية الجنوبية "أنتاركتيكا"، والرياح العاتية تهب بين الحين والآخر إيذانا بدخول فصل الشتاء. وتتوقف عادة رحلات الطيران إلى أنتاركتيكا في أشهر الشتاء الستة بسبب خطورة الأوضاع.
لكن كل هذا لم يثن ناتبيم، استشاري الطوارئ في بريطانيا، عن المضي في رحلته برفقة طيار ومهندس لإنقاذ حياة مريض في حالة حرجة في أنتاركتيكا.
قبلها بأيام، أصيب مالكوم روبرتس، المهندس بهيئة المسح البريطانية بالقارة القطبية الجنوبية، بنزيف حاد في القناة الهضمية في محطة أبحاث "هيلي"، التي تبعد آلاف الأميال عن أقرب مستشفى.
وخلال 24 ساعة، فقد روبرتس كمية كبيرة من الدم، وكانت نجاته مرهونة بوصول الفريق قبل فوات الآوان. لكن هناك الكثير من التحديات التي كان عليهم مواجهتها لإنقاذه.
فالرحلة إلى قاعدة "هيلي" تستغرق 24 ساعة، وينبغي التوقف في قاعدة "روثيرا" في أنتاركتيكا لتزويد الطائرة بالوقود. وفي رحلة العودة، التي تستغرق نفس الوقت، سيكون عليهم أيضا رعاية مريض في حالة حرجة، وهذا يعني أنها سيقضون 48 ساعة بلا نوم.
وكان إنقاذ حياة المريض يشكل تحديا قائما بذاته. لكن بالإضافة لهذا، كيف يمكن أن يتعامل ناتبيم مع المهمة على المستوى النفسي؟
لم يكن ناتبيم في البداية ينوي التوجه إلى أنتاركتيكا. وعندما وقعت الحادثة، كان قد استقل طائرة متوجها إلى بلدة بونتا أريناس في أقصى جنوب تشيلي، حيث كان يفترض به أن يستقر بعد وصول الطائرة.
لكن الخطة تغيرت عندما ثار بركان كالبوكو، إلى الشمال من المنطقة الموجود فيها، ألغيت جميع الرحلات إلى تشيلي. وظل الطبيب عالقا في مطار سانتييغو. وفي الوقت نفسه تحسّن الطقس، وهو نادرا ما يتحسن، في ممر دريك المائي الذي يربط بين جنوب تشيلي وأنتاركتيكا. ويقول ناتبيم "أدركت فجأة أنني سأتوجه إلى أنتاركتيكا. وكنت أعتبرها فرصة سانحة".
كان ناتبيم متحمسا للذهاب إلى أنتاركتيكا وتنفيذ مهمة الإنقاذ بنفسه، إلى درجة أنه لم يفكر في المخاطر التي ستواجهه.
سمات شخصية مختلفة
يقول نيثان سميث، الباحث في علم النفس بجماعة مانشستر، إن الكثيرين من الناس يتحمسون للمشاركة في هذه البعثات الخطيرة والقاسية لأنهم يرونها فرصة سانحة لتنفيذ مهام لا يُكلف بها إلا قليلون. ويضيف "أغلبهم حاصلون على تدريبات متخصصة، ويغتنمون الفرصة لاختبار مهاراتهم وتنفيذ مهمات لم ينفذوها من قبل".
وبعض الناس بالطبع لديهم خصال شخصية تؤهلهم للتعامل مع الضغوط النفسية التي تنطوي عليها هذه المهمات القاسية. يقول سيمث "لاحظنا أن الأشخاص الذين يزاولون الوظائف المحفوفة بالمخاطر لا ينتابهم القلق بسهولة، وإذا انتابهم، يتمكنون من التحكم في مشاعرهم".
كما يسهم التحلي بالتأني والحرص في التأقلم مع الظروف الاستثنائية. يقول سميث "اكتشفنا أن الناس الذين يشاركون في المناورات والأنشطة الخطيرة يقضون وقتا طويلا في التهوين من المخاطر لتفادي زيادة إفراز الأدرينالين عند مواجهة الخطر".
وكان يتعين على ناتبيم أن يظل متيقظا طيلة الرحلة للتعامل مع الصعوبات التي واجهته. إذ كان عليه مراقبة درجة حرارة أكياس حفظ الدم التي وضعها في مؤخرة الطائرة، حيث كانت درجة الحرارة 10 تحت الصفر.
ووصل الفريق إلى قاعدة "هيلي" بعد بزوغ الفجر مباشرة، ولم يكن أمامهم إلا ساعة ونصف لإنقاذ روبرتس قبل حلول الظلام. وكانت درجة الحرارة 30 تحت الصفر. واستقل ناتبيم حافلة الجليد إلى المحطة وأجرى ما يُعتقد أنه أول عملية نقل دم في أنتاركتيكا، ونقل روبرتس إلى الطائرة. ويقول ناتبيم إن كل هذا لم يكن مخطط له من البداية بسبب تقلبات الطقس في أنتاركتيكا.
ويقول سميث إن التخطيط المكثف في هذه الحالات أقل أهمية من الثقة بالنفس، ويضيف "يتوقف النجاح في هذه المهمات على المرونة والقدرة على التكيف مع الأوضاع التي تتغير كل لحظة. فهناك الكثير من الأمور التي تعجز عن التحكم فيها، ومن المهم أن تكيف نفسك على تقبلها".
الحرمان من النوم
غير أن الخبرة والثقة والحرص لم تساعد ناتبيم في تحمّل التحدي الأصعب وهو الحرمان من النوم لمدة 48 ساعة. ويقول ناتبيم إنه شعر أن دماغه توقف عن العمل.
وقد تساعد الغفوات - التي تتراوح ما بين لحظة و30 ثانية - الجسم في استجماع قوته. ويقول هانز فان دونغين، مدير أبحاث النوم والأداء بجامعة واشنطن، إن "الغفوات هي الطريقة التي يحصل بها الدماغ على النوم الذي يحتاجه".
وفي طريق العودة، لم يتمكن ناتبيم من شدة التعب والإرهاق من استحضار المعلومات الطبية واتخاذ القرارات الصائبة، والمشكلة أن حالة روبرتس كانت تستدعي المراقبة المتواصلة وكانت تتطلب اتخاذ قرارات طبية حاسمة. إذ كان تحليق الطائرة على ارتفاع عال لتجاوز الجبال، على سبيل المثال، يمثل خطورة على روبرتس بسبب نقص مستوى الدم في جسمه، وكان الأمر يتطلب قرارا طبيا وهو ما عجز ناتبيم عن اتخاذه.
يقول فون دونغن إن النوم يساعد أيضا في تنظيم المشاعر وقد يؤثر على الحالة المزاجية، وإذا لم يحصل الشخص على كفايته من النوم فسيجد صعوبة في التحكم في مشاعره.
وقد واجه ناتبيم هذه المشكلة عندما أصيب روبرتس بأعراض السكتة الدماغية في أثناء الرحلة، وكان يجب أن يُنقل له المزيد من الدم ومنحه سوائل وأدوية لتستقر حالته. ويقول ناتبيم "أتذكر أنني في هذا الوقت لم أتمكن من السيطرة على انفعالاتي".
العمل الجماعي
بالاضافة إلى فريق العمل الذي كان يرافق ناتبيم على متن الطائرة، كان يتابعه أيضا زملاء عن بعد، ويدعمونه بالنصح والمشورة. وكان يستشير رئيسته في المملكة المتحدة عن العلاجات المناسبة والإجراءت التي يجب أن تتخذ في حالات عديدة.
وعندما هبطت الطائرة في قاعدة روثيرا، على سبيل المثال، كان هناك طبيب آخر في انتظارهم، وطلبت منه رئيسته في بريطانيا أن يدع الطبيب الآخر يتعامل مع المريض، حتى يحصل على قسط من النوم، قبل أن يستأنف متابعة المريض على متن الطائرة في رحلة العودة إلى تشيلي.
ويقول سميث إن "وجود أشخاص أكفاء قادرين على مساندتك في البيئات الخطيرة يسهم في تخفيف الضغط النفسي والتوتر".
ويتوقف نجاح الفريق على قدرة أعضائه على التعاون والتوافق في ما بينهم. ويقول سميث إن "الأشخاص الذين يعملون ضمن فرق صغيرة في مهمات محفوفة بالمخاطر لديهم القدرة على التوافق والانسجام مع غيرهم من أعضاء الفريق، لأنهم قادرون على التواصل بكفاءة مع التركيز على المهمة المكلفين بها".
بعد انتهاء المهمة
وبمجرد هبوط الطائرة في تشيلي، نُقل روبرتس إلى المستشفى، حيث تماثل للشفاء. لكن ناتبيم لم يستطع مفارقته. ويقول ناتبيم "أردت أن أرافقه في المستشفى رغم أنني لم أكن أقوى على النطق بجملة واحدة".
يقول سيمث إن الأشخاص الذي يشاركون في مهمات مليئة بالمخاطر يسود بينهم حالة من التقمص العاطفي. وقد يصعب التعبير عن هذه المشاعر للآخرين، فيجد الشخص نفسه أكثر انجذابا لمن رافقوه في هذه التجربة.
ويقول سيمث إن الكثيرين يواصلون التفكير لنحو ثلاثة أسابيع بعد العودة من المهمات الخطيرة، في ما حدث وما كان يمكن أن يحدث، وقد يشعرون أنهم أصبحوا عديمي النفع. وينصح سميث بالانخراط في أعمال مفيدة أو بكتابة تقرير عن التجربة أو سردها في إطار قصة لتحسين الحالة النفسية.
ويقول سيمث إن التدريبات التي تركز على الجوانب النفسية للمهمات الصعبة في البيئات المحفوفة بالمخاطر التي يؤديها رواد الفضاء أو عناصر الجيش قد تسهم في تهيئة الناس للتعامل مع هذه البيئات.
وينصح ناتبيم بتخيل الأحداث في الذهن قبل خوضها للاستعداد نفسيا للتحديات التي ستواجهها. ورغم ذلك، فإنه لا يظن أنه قد يجرؤ على المشاركة في مهمات إنقاذ بهذه الصعوبة مرة أخرى. إذ أدرك الآن أنه كان من المحتمل أن تتقطع به السبل وسط الجليد أو يصاب بأذى، ويقول "قد تشعر بسعادة عندما تسترجع مشاركتك في مهمة إنقاذ ناجحة، لكن عليك أن تفكر في جميع المخاطر التي قد تتعرض لها نتيجة لوقوع مشكلة أو حدوث خلل ما. لا زلت لا أستوعب حجم التحديات التي واجهتها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.