تضم الكثير من أحياء القاهرة وشوارعها أماكن تعكس عبق التاريخ والأصالة وتظهر روعة وجمال فن العمارة الإسلامية، وتظهر الحاجة بين الحين والآخر إلى التذكرة بمثل هذه الأماكن الشاهدة على عصور وأزمنة عظيمة في تاريخ الفن الإسلامي لأنها بالفعل أماكن لا تستحق جولة واحدة بل عدة جولات لإحصاء ما فيها والتعرف على ما فيها من كنوز وتحف. واليوم يرصد مصراوي في التقرير التالي معلومات عن هذا المتحف العظيم الكائن بمنطقة باب الخلق بالقاهرة- وفق موقع متحف الفن الإسلامي، بالإضافة إلى عدة مصادر أخرى، حيث يعتبر المتحف أكبر المتاحف الإسلامية في العالم، ويعود تاريخ إنشائه إلى أكثر من 100 عام. متى بدأت فكرة إنشاء المتحف حتى وصل إلى شكله الحالي؟ بدأت فكرة إنشاء متحف للفن الإسلامي عام 1869 م في عصر الخديوي (إسماعيل)، وتم تنفيذ الفكرة فعليا عام 1880 م، في عصر الخديوي (توفيق)، عندما قام "فرانتز باشا" بجمع التحف الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصر الإسلامي في الإيوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله، وقد وصلت أعداد هذه القطع التي تم تجميعها إلى حوالي 111 تحفة عام 1882 م، فاصبحت الحاجة ملحة لبناء مبنى يضم هذه القطع والتحف الأثرية، وبالفعل تم بناء مبنى صغير في صحن جامع الحاكم عام 1892 أطلق عليه اسم (المتحف العربي)، وفقا لما جاء الموقع الرسمي لمتحف الفن الإسلامي - ، أما المبنى الحالي فقد تم افتتاحه في عهد الخديوي (عباس حلمي الثاني) عام 1903 م، وتم تغيير اسم المتحف من (المتحف العربي) إلى الاسم الحالي (متحف الفن الإسلامي) عام 1951 م، حيث كانت كل معروضاته ومقتنياته موزعة آنذاك بثلاثة وعشرين قاعة مقسمة حسب العصور والمواد. ما السبب وراء الدمار الذي تعرض له المتحف؟ وأضاف الموقع أنه تم توسعة المتحف وزيادة عدد قاعاته والتي وصلت إلى خمسة وعشرين قاعة في الفترة ما بين عامي 1983- 1984م، كما مر المتحف بعد ذلك بعدة تطورات منها ما حدث في عام 2003 م من تغيير نظام العرض المتحفي بصفة عامة، وقد تم افتتاحه عام 2010، ولكنه تعرض في عام 2014 م إلى دمار كبير جراء ما أصابه بعد التفجير الذي استهدف مديرية أمن القاهرة التي تقع على مقربة من بناء المتحف. وظل المتحف بعدها يعاني من الدمار والخراب لما يقرب من العام بعد التفجير، ثم بدأت إعادة تأهيله من جديد بحلول عام 2015م، بمساهمات ومنح من عدة جهات دولية مختلفة، وقد استمرت عمليات تأهيل وترميم المتحف إلى ما يقرب من عامين، حتى تم افتتاحه من جديد عام 2017، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز للأنباء. ما هي مقتنيات المتحف؟ ويضم المتحف حوالي 100 ألف تحفة أثرية متنوعة من الفنون الإسلامية من الهند والصين وإيران مرورًا بفنون الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس، وفقا لما جاء على الموقع الرسمي لمتحف الفن الإسلامي، حيث تتميز هذه التحف بشمولها لجميع فروع الفن الإسلامي علي امتداد العصور، مما يجعله منارة للفنون والحضارة الإسلامية علي مر العصور. فهو يضم مقتنيات تعكس تاريخ الحضارة الإسلامية في مجالات عدة : كالطب والهندسة والفلك، بالإضافة إلى مخطوطات وتحف في الجراحة والطب والأعشاب وأدوات الفلك، بالإضافة إلى قطع فنية تمثل مستلزمات الحياة من الأواني الزجاجية والمعدنية وغيرها، وكذلك يضم مقتنيات من الحلى والأسلحة والأخشاب والمنسوجات... إلخ، ويعتبر المتحف منارة هامة تضم تحف رائعة خاصة ما صنع في عهد سلاطين المماليك مثل الناصر بن قلاوون وقنصوه الغوري، وفقا لما جاء في كتاب (الأنامل الذهبية) لعز الدين نجيب، والمصدر السابق ذكره. فمن المقتنيات النادرة التي يضمها متحف الفن الإسلامي، على سبيل المثال: خاتم من الذهب يعود تاريخه إلى القرن (4 – 6 الهجري) أيام الفاطميين، كما يضم مصحفا يعود إلى العصر الأموي حيث يُعد هذا المصحف أقدم نسخة تحتوي على علامات الشكل والإعجام منفذة باللون الأحمر مكتوب على صفحات من رق الغزال بالمداد الأسود بالخط الكوفي البسيط، كما يحتوي على قطعة تعود إلى القرن 13ه، تسمى ب (الحلية الشريفة الخاصة بوصف النبي صلى الله عليه وسلم)، كما يضم خوذه من الصلب مكفته بالذهب تعود إلى العصر المملوكي في (القرن 10 ه)، بالإضافة إلى تنور من النحاس باسم السلطان حسن، كما يضم مشطا من الخشب يعود للعصر المملوكي، وكذلك مدفأة من الخشب مكسوة ببلاطات خزفية تعود إلى العصر العثماني (تركيا أو دمشق)، [وقد جاء هذا الوصف لهذه القطع والتحف الأثرية على صفحة المتحف الإسلامي]. كما يضم المتحف أقدم دينار إسلامي تم العثور عليه حتى ذلك الوقت والذي يعود إلى عام 77 هجرية، وكذلك مفتاح الكعبة المشرفة من النحاس المطلي بالذهب والفضة باسم السلطان الأشرف شعبان، وفقا لما كتبه عثمان الدلنجاوي مسبقا في كتاب بعنوان (مصر 2010: أحوال وطن) التي أصدرته صحيفة الجمهورية آنذاك. و يضم المتحف أيضا مكتبة تحتوي على مصادر ومراجع نادرة في عدة مجالات مختلفة في التاريخ والفنون والعمارة الإسلامية وغيرها، كذلك يضم مجموعة من الكتالوجات العلمية المتخصصة في فن العمارة الإسلامي. يشار إلى أن عثمان الدلنجاوي قد أوضح المصدر السابق ذكره أن تكلفة ترميم المتحف بلغت حوالي 85 مليون جنيه، وأتاحت عملية التطوير عرض مقتنيات المتحف وفقا لأحدث طرق العرض المعمول بها في أعرق المتاحف العلمية.