تصوير- إسلام فاروق: بينما كان أهالي قرية المعابدة بأسيوط، يسلمون بطاقات الهوية، التي تثبت حقهم في تعويضات، قد تعينهم على العيش في منازل التهمت السيول جدرانها. كان أطفالهم يعومون في مياه تحازي الجبل الشرقي، داخل بحيرة طينية اتخذوها مصيفًا، وقرروا الاستحمام فيها بملابسهم. على صخرة طينية، تبتعد أمتار قليلة عن ماشية نفقت بفعل السيل، كان صدام حسين، يستعد للقفز في الماء الذي تجمع الأربعاء الماضي، بعد أن قذف الجبل الشرقي مياهه على القرى التي يحتضنها، يعوم الطفل في الماء سعيدًا، بينما يصف فعلته تلك ب"رياضة سباحة". حسين، عمره الآن 14 عامًا، لكنه لم يزر مصيفًا ولو لمرة واحدة، سمع عن الشواطئ من التليفزيون، وعرف عن البحر من أصدقائه بالسنة الثانية الإعدادية، لذا لم يفوت تلك الفرصة، بحيرة صناعية، كونتها كارثة طبيعية. إلى جانبه، كان دياب علي، يحرك ذراعيه في وضع العوم، يعبر عن سعادته الشديدة من اللعب بالماء، لا يعبئ الطفل بوقوع جدران منزله، لا يهمه نفوق الماشية، ولا يعرف ما إذا كان يستطيع العيش دون أي جهاز كهربائي، كل ما يعرفه بأن "البحر" حلّ عليه، وهي فرصة لا يجوز التخلي عنها. رغم بيان الكارثة على وجه علي، والد دياب، لم يمنع الأب اللعب عن ابنه، يعتبر "البحر" فرصة تخلصه من الضغط، تنسيه المأساة التي شاهدها بأم عينيه قبل أيام، يستعيد ضحكته، وتعيد إليه شيئًا من براءة أراد السيل أن يلتهمها. في إناء، جلس محمود علي أعلى المياه التي تجمعت بمحازاة الجبل، شارك الأطفال اللعب، يقول ببراءة إن المياه تغيب عن القرية بالأيام، لذا يستغل مياه السيل في الاستحمام والنظافة. على صخرة تقابل تلك التي جلس عليها صدام، خرج أحمد السيد من "البحيرة"، انتظر طويلًا تحت الشمس، لم يغادرها إلا بعد أن جف تمامًا، يقول إنه بات مرغما على ذلك، بعد أن ابتلع السيل كل ملابسه، ولم يعد يملك ملابس أخرى غير التي يرتديها.