الأوقاف تواصل عمارة بيوت الله، تطوير وإنشاء 1329 مسجدًا في 10 أشهر    أمين حكماء المسلمين: نثق في استمرار مسيرة الأخوة الإنسانية بعد انتخاب بابا الفاتيكان    إزالة وصلات المياه الخلسة ومخالفات البناء بأكتوبر الجديدة    "منصف بعد ظلم سنين".. أول تعليق من ساويرس على تعديلات قانون الإيجار القديم    توريد 342 ألف طن قمح للصوامع والشون في الشرقية    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    السيسي يؤكد لعباس دعم مصر الكامل للقضية الفلسطينية ووقف إطلاق النار بغزة وإطلاق سراح الرهائن    الاحتلال يطلق النيران على منزل شرقي نابلس بالضفة الغربية    ترامب: العديد من الصفقات التجارية قيد الإعداد وكلها جيدة    أكرم القصاص: دعوة بوتين للرئيس السيسى لحضور احتفالات ذكرى النصر تقديرا لدور مصر    مليار دولار تكلفة عملية ترامب ضد الحوثى.. وتقرير: لا يزالوا قادرين على ضرب إسرائيل    محافظ دمياط يشهد ختام بطولة كرة القدم للكيانات الشبابية    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    إصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالمنيا    اصابة 10 اشخاص في حادث انقلاب في المنيا    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    لا حج إلا بتصريح.. السديس في خطبة المسجد الحرام: تأشيرة الحج من لوازم شرط الاستطاعة    طرح الإعلان الأول لدراما "Mercy For None" الكورية (فيديو)    نائب وزير الصحة يشيد بأداء المنشآت الصحية بالأقصر ويحدد مهلة لتلافي السلبيات    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 9 -5 -2025 الطن ب 4000 جنيه    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    افتتاح 5 مساجد جديدة بعد تجديدها بالفيوم    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومى للمسرح    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    قصة وفاء نادرة.. كيف ردّ النبي الجميل لامرأتين في حياته؟    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    دون وقوع إصابات... سقوط سلك كهرباء تيار عالي على 3 منازل بكفر الشيخ والحماية المدنية تخمد الحريق    لطفل عمره 13 عامًا وشقيقته هي المتبرع.. نجاح أول عملية زرع نخاع بمستشفى أبوالريش المنيرة    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بيتنا أتخرب يا أسعد".. مصراوي يعايش رحلة دفن "الإنجيلي" الوحيد بحادث المنيا
نشر في مصراوي يوم 03 - 11 - 2018


كتب- مها صلاح الدين ومحمد زكريا:
تصوير- علاء أحمد:
كانت عقارب الساعة في طريقها إلى الحادية عشر ليلًا، حينما اخترق ثلاث نساء معصوبات الرأس، سكون الليل بشارع الحسيني بخطى مسرعة، إلى المستشفى الأميري بالمنيا، التي يمكث فيها جثمان أسعد فاروق، و6 آخرين، راحوا ضحية الحادث الإرهابي، الذي وقع عصر أمس، الجمعة، في طريق دير الأنبا صموئيل بالمنيا.
كان مسلحون أطلقوا النار، صباح الجمعة الثاني من نوفمبر الجاري، على حافلات تقل أقباطًا، في الطريق المؤدي إلى دير الأنبا صموئيل المعترف أقصى شمال غرب محافظة المنيا، مما أسفر عن وفاة 8 أشخاصًا وإصابة العشرات، بحسب بيانات رسمية، فيما أعلن تنظيم الدول الإسلامية (داعش) قبل ساعات مسؤوليته عن الحادث.
بعد أن دخلوا المستشفى التي تحتضن الجثامين، انضم النساء الثلاث إلى حشود غفيرة، يقف أغلبها في صمت مطبق، ينتظرون بعيون تترقب بأسى خروج الفقيد الشاب، الذي لم يكن بلغ الخامسة والثلاثين من عمره بعد، كي يرافقوه إلى مستقره الأخير.
بدأ النحيب يعلو رويدًا رويدًا، والحراك يزداد، وسط التواجد الأمني المكثف، حينما اقترب النعش من الطابق الأرضي بالمستشفى، تكدست الجموع في ممر جانبي ضيق، وانفتحت أبواب إحدى سيارات الإسعاف، واستقر داخلها صندوق جثمان الفقيد.
تعالت أصوات الأقربين، الجميع يتسابقون على الركوب إلى جوار "أسعد"، ومن لم يستطع كان يقفز داخل إحدى الحافلات البيضاء، التي تطوعت لنقل الجموع، ليتبعه.
بعد دقائق، وصل الجثمان إلى الكنيسة الإنجيلية الثانية بالمنيا، كان أسعد، الشهيد الإنجيلي الوحيد بالحادث، محمولًا على الأعناق، حملته الجموع إلى القاعة الرئيسية بالكنيسة، واستقر نعشه في المقدمة. وامتلأت الصفوف من خلفه بوجوه يكسوها الوجوم.
أمامه، اصطف كبار القساوسة، من بينهم رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، يتقدمون التعازي لأهالي الفقيد ولأنفسهم، ويقرأون عليه ترانيم الصبر، يتوجه أحدهم بالقول إلى الحضور: "قد نسأل الآن.. لماذا يارب، لماذا تسمح بهذا الألم، علامة استفهام بلا نهاية، واليوم، مصر كلها تتألم، ونحن نودع ابننا إلى مثواه الأخير، وأنا أرى أمامي غالبية الحضور من إخوتي المسلمين، يودعون أحد الشباب في ربيع العمر".
اضطر القس أن يصمت قليلا وهو يتحدث عن "الإرهاب" الذي لا يفرق بين أحد، حينما اخترق رجل عجوز يرتدي جلبابًا وعمامة صعيدية صمت الحضور، بصوت مبحوح يملأه القهر، وعبارات مترجيه، وكأنه يوجهها إلى الله "إتصرف معاهم.. إتصرف معاهم"، كان هذا والده، الذي جاور الزوجة، وهي تحتضن النعش دون أن تلتفت للحظة واحدة.
بعد أن انتهت صلاة الجنازة، تزاحم الجمع الموجود بالقاعة على حمل النعش، وسط بكاء من رجال وصراخ من نساء، خرجوا به من بوابة الكنيسة الإنجيلية، إلى عربة الإسعاف، التي وقف على بابها أقارب المتوفى يتقدمهم والده، ينادي عليه، كأنه ينتظر إجابة، ولكنه لا يجيب، ليحمل إلى دير القديس أباهور البهجوري الموجود بقرية سوادة شرق النيل، مثواه الأخير.
أمام الدير الذي كتب للمتوفى الدفن بأرضه، خرج النعش من عربة الإسعاف، جرى المعزون به في طريق مظلم، ممشى يتجه إلى أعلى، منه أتربة تتصاعد فوق الأقدام، تخنق الهواء، الذي تتنفسه وجوه حزينة، له عيون دامعة، وأصوات مبحوحة من الصراخ، فيما تنطق كلامًا بين حينًا وآخر، مقتطعًا، لكن مفهومًا.
تهرول سيدة في ذهول: "ولادك صغيرين هتسيبهم لمين"، أمامها عجوز يحكي لجاره عن طيبته، قبل أن يترحم على عمره الذي قطف في ربيعه: "خلاص مش هنشوفه تاني"، لكن أمام حجرة الدفن، كان الأب يبكي، يطلب أن يرى وجهه، ويسأل عن سبب موته، كأن عقله لا يصدق المصيبة، فيما تتمسك والدته بالأرض، افترشتها، لا تريد أن تغادر سنتيمترًا واحدًا، لكن أقرانها يحملونها، يشدوا يديها، إلى الممر الضيق، المظلم؛ ليخفت صوتها عن حجرة الدفن رويدًا، التي استقر الصندوق بها، دقائق تفصله عن ترك عالم الأحياء، الذي بات العيش فيه عسيرًا على عم المغدور به، بعين ذابلة وصوت مفزوع ظل الرجل العجوز يردد: "بيتنا أتخرب يا أسعد".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.