محمد عبدالوهاب.. سلامًا على من دوَّن بداية أسطورة ولم يكملها

أدمنَّا رؤيتك رغم أننا لم نلمس حضورك لسنوات طوال، أمهلنا الزمن فترة لنراك دون أن نعلم بميعاد رحيلك، كنت ضيفًا عابرًا، حضرت في سلام ورحلت ولا تزال روحك في كل الأرجاء، اقتطعت من وقتك بعض الشيء لتسحر الأعين، لكنك لم تخبرنا أنك سترحل سريعًا.
الرحيل دون إشارة شيء مفجع يا صديقي، أن تنتظر الصباح لرؤيتك شخصًا ما، لكنك تدرك مع مرور الوقت بأنه لم يعد ربما يكون بداية الجنون، البداية كانت رائعة والخطوات كانت ثابتة تنذر بميلاد أسطورة جديدة، ولكنه القدر الذي دون نهايتها سريعا.. فسلاما على من كانت كلمته عقدا ووفاؤه شمسا لا تغيب.
تحل اليوم الذكرى الثانية عشرة لوفاة محمد عبدالوهاب، لاعب الأهلي السابق، والذي توافق 31 أغسطس من كل عام، حيث فارق الحياة داخل النادي الأهلي، الساعة كانت تشير إلى 12 ظهرا داخل ملعب مختار التتش والفريق الأول للأهلي يتدرب والجميع في حالة حماس، ودون سابق إنذار يسقط محمد عبدالوهاب لتقف بعدها نبضات قبله، بعد أزمة قلبية حادة.
بدايته
بدأ محمد مشواره مع الكرة وعمره 14 عامًا بمركز شباب سنورس، وعن طريق مدربيه ذهب إلى اختبارات البراعم بالزمالك واجتازها بنجاح واستمر في التدريب مع فرق الناشئين 4 أشهر، لكن والده رفض التوقيع على استمارات القيد بالزمالك، فانتقل لمركز شباب الألومنيوم ومنه إلى الفريق الأول.
ضمه حسن شحاتة لمنتخب الشباب عام 2003 بعد تألقه في صفوف الألومنيوم ؛ ليشارك في نهائيات كأس الأمم الأفريقية للشباب رقم 13 في بوركينافاسو عام 2003، وهى البطولة التي أحرزتها مصر بعد تغلبها في النهائي المثير على كوت ديفوار 4/ 3 سجل نجما الأهلي ومنتخب مصر أحمد فتحي وعماد متعب ثلاثة أهداف، وحسني عبد ربه هدفا، وكان محمد عبدالوهاب قد سجل هدف فوز مصر على مالي في دور الأربعة.
بعد كأس الأمم الأفريقية خاض مع منتخب مصر للشباب كأس العالم بالإمارات، وازداد تألقا بعد أن أعاده شحاتة إلى مركز الجناح الأيسر المدافع الذي يجيد فيه كثيرا، ليجذب أنظار نادي الظفرة الإماراتي الذي يلعب في الدرجة الثانية، وضمه من الألومنيوم لمدة أربع سنوات.
حكايته مع الأهلي
عبدالوهاب لم يرتد قميص الظفرة أبدا، فالنادي الإماراتي أعاره في الموسم الأول إلى إنبي الذي كان في بداية بزوغ نجمه في الدوري الممتاز ومن ثم ضمه الإيطالي ماركو تارديللي للمنتخب الأول استعدادا لبدء تصفيات كأس العالم، ووضع عبدالوهاب بصمته في مشاركته الأولى الدولية بهدف في شباك السودان في مستهل مباريات التصفيات.
سارع الأهلي لاستعارة عبدالوهاب لمدة موسمين من الظفرة، لكنه لم يلق ذات النجاح في بدايته مع الأهلي، فلم يشارك طوال الدور الأول لموسمه الأول مع الفريق سوى في شوط واحد أمام أسمنت أسيوط وتم استبداله.
وفي ظل منافسة شرسة من لاعب بحجم الأنجولي جيلبرتو حاول التواجد مع الأهلي بشكل أساسي، ليدخل للموسم الثاني كأساسي في تشكيلة البرتغالي مانويل جوزيه لوقت أكبر، لكن نقطة التحول الأساسية جاءت خلال مباراة الأهلي والنجم الساحلي التونسي في نهائي دوري أبطال أفريقيا نوفمبر 2005.
دخل عبدالوهاب بديلا لجيلبرتو بعد مرور عشر دقائق فقط من البداية، واستغل اللاعب الراحل الفرصة وقدم أداء مبهرا تخلله كرة عرضية متقنة أحرز منها أسامة حسني هدفا من بين ثلاثية الأهلي يومها، ونال استحسان مدربه البرتغالي.
وحصل عبدالوهاب على فرصة أخرى ذهبية لتثبيت أقدامه مع الفريق الأهلاوي بعد إصابة جيلبرتو البالغة بينما كان اللاعب الراحل يشارك مع منتخب مصر في كأس الأمم الأفريقية.
وبات عبدالوهاب لاعبا مهما في صفوف الأهلي ومنتخب مصر لا سيما بعد مشاركته الإيجابية في فوز "الفراعنة" بكأس الأمم الأفريقية 2006، ليصبح بعدها أحد أبرز نجوم القلعة الحمراء.
أزمته مع الظفرة
بعد عودة عبدالوهاب من بوركينافاسو تعاقد مع نادي الظفرة الإماراتي لكن لم يسافر وتمت إعارته إلى نادي إنبي وقبل انطلاق موسم 2004-2005 أبدى الأهلي رغبته في ضم محمد عبدالوهاب إلى صفوفه وسافر الكابتن محمود الخطيب إلى الإمارات يوم الاثنين 31 مايو 2004 وتم الاتفاق على استعارة اللاعب للأهلي لمدة موسمين ويكون للأهلي الأولوية في شراء اللاعب إذا رغب النادي الإماراتي في ذلك بعد انتهاء فترة إعارته للأهلي. وبعد انتهاء فترة إعارة محمد عبدالوهاب للأهلي في ختام موسم 2005 – 2006 تمسك نادي الظفرة الإماراتي باستعادة محمد عبدالوهاب وفي الوقت الذي نجحت فيه مساعي مسؤولي الناديين وحل هذه المشكلة.
إنجازاته
رغم الفترة القصيرة التي تواجد خلالها في الملاعب، حقق عبدالوهاب 10 بطولات منها 7 مع الأهلي و3 مع المنتخبات.
توج عبدالوهاب مع الأهلي بدرع الدوري موسمي 2005- 2006 و2006- 2007، وكأس مصر موسم 2005-2006، وكأس السوبر المحلي موسمي 2005-2006 و2006-2007.
وعلى الصعيد الأفريقي، فاز عبدالوهاب مع الأهلي بكأس دوري أبطال أفريقيا عام 2005، وكأس السوبر الأفريقية عام 2006، وكأس أفريقيا للشباب بوركينا فاسو عام 2003، وكأس العالم العسكرية في ألمانيا 2005، وكأس أمم أفريقيا في مصر 2006.
كلمته كانت عقدًا
في حديث نشر في الأهرام بتاريخ 4 يونيو 2006 قال الراحل محمد عبدالوهاب: "فضلت عرض الأهلي على الزمالك وأياكس الهولندي وبروج البلجيكي لأن الأهلي لا يقل بأي حال من الأحوال عن أعرق الفرق الأوروبية".
لم يتوقف إخلاص الراحل محمد عبدالوهاب للأهلي عند هذا الحد، فاللاعب عبر عن تمسكه في التواجد داخل القلعة الحمراء، رغم الإغراءات الكثيرة طوال تلك الفترة.
ونشرت مجلة الأهلي في عدد بتاريخ 7 سبتمبر 2006 حوارًا مع اللاعب، أي بعد وفاته بسبع أيام فقط، جاء خلاله الأهلي عمره ما خلف معي موعدا ولن أخلف معه وعدا.. تلقيت عرضا للاحتراف لكني أعطيت كلمة للكابتن محمود الخطيب ولا يمكن الرجوع فيها".
المجلة سلطت الضوء أيضا على حوار لعبدالوهاب يوم 16 مارس 2006 قال: "لا يوجد لاعب في مصر يستطيع مساومة الأهلي، تحدثت مع الكابتن حسام البدري وعقدت معه أكثر من جلسة وقلت أنا تحت أمر الأهلي وطلبت منه التحدث مع نادي الظفرة وحدث ذلك بالفعل لكن المفاوضات تأجلت لحين معرفة شروطهم المالية وللعلم لا يوجد خلافات بيني وبين الأهلي حول الأمور المادية، ويكفيني شرف ارتداء الفانلة الحمراء ولن أفتري على النعمة، فهل يصدق أحد أنني يمكن أن أساوم أكبر نادٍ في إفريقيا والوطن العربي، بالتأكيد من يفعل ذلك مجنون".
مع المنتخب
مع منتخب مصر للشباب، حقق الراحل محمد عبدالوهاب كأس أفريقيا للشباب في بوركينافاسو عام 2003، ومع منتخب مصر العسكري فاز بكأس العالم العسكرية بألمانيا عام 2005، كما توج وقتها بلقب هداف البطولة برصيد 3 أهداف، وعلى صعيد المنتخب الأول حقق كأس الأمم الأفريقية عام 2006.