تصوير - حازم جودة: على بعد أمتار قليلة من محطة السكة الحديد بسيدي جابر في الإسكندرية وقف عشرات المواطنين أمام أنقاض العقار رقم 4 بشارع القدس في منطقة مصطفى كامل، يتابعون بقلق جهود رجال الإنقاذ في البحث عن ضحايا أسفل أنقاض البناء الذي انهار فجرًا، وأسفر سقوطه إلى نشر تلك السطور عن مصرع شخص جرى انتشاله. مصراوي انتقل إلى موقع أنقاض العقار الملاصق لخط قطارات أبوقير شرقي المدينة، لرصد تفاصيل الحادث ولحظات الخوف والهلع التي عاشها الأهالي لحظة الانهيار المنزل الذي وقع فجر الجمعة، وفق روايات شهود عيان من سكان المنطقة. أمام الأنقاض وقفت "دينا محمد" وهي من سكان الطابق الرابع بالعقار المنهار، تسترجع اللحظة الفارقة في حياتها التي قررت أثنائها ترك العقار، وذلك قبل ساعات من الانهيار، حيث أن الطابق الذي كانت تسكنه يقع ضمن الطوابق الصادر بشأنها قرار ترميم، وكانت قد توجهت لجلب بعض متعلقاتها من أجل الإقامة بمنزل والدتها خلال فترة الترميم. وأبدت "دينا" شكوكها من أن الانهيار حدث بفعل فاعل، معتبرةً أنه ليس من المعقول أن ينهار عقار في لحظة بتلك الطريقة دون قيام أحد بإتلافه، مؤكدةً أن حالة العقار كانت ليست خطرة للغاية بدليل أن القرارات الصادرة بشأنه تضمنت إزالة الطابقين السادس والسابع المخالفين التي بناها صاحب العقار وترميم الطوابق الباقية. "أسماء فيصل" من قاطني العقار بالطابق الرابع أيضًا، لم تختلف روايتها عن جارتها "دينا" الكثير، إذ أكدت أنها كانت انتقلت قبل أيام إلى عقار في شارع مجاور على سبيل الإيجار لحين انتهاء الترميمات، وأضافت: "تعرض العقار لميل في أحد جوانبه بسبب الأحمال الزائدة ما أدى إلى تصدع الحوائط وإثر ذلك أبلغنا مالك العقار الذي توجه إلى الحي لإصدار قرار الترميم". "من رحمة ربنا إن العقار أخلي قبل الانهيار بأيام"؛ قال محمود سمير، من أهالي المنطقة، مضيفًا أن المبنى صدر له مؤخرًا قرار من حي شرق بإزالة الطابقين السابع والسادس منه وترميم باقي الطوابق من الأرضي حتى الخامس، وعلى إثر ذلك أخلي من السكان دون المنقولات إلا أن أسرتين رفضتا الإخلاء. إلى جواره وقف محمد علاء، شاهد عيان من سكان عقار مجاور للمبنى المنهار، مؤكدًا وجود أفراد من الأسرتين أسفل الأنقاض، مشيرًا إلى أن الأسرة الأولى لشخص يُدعى عمرو عبد العزيز، والثانية لطبيب يُدعى الدكتور محمد نبيل الذي يعيش رفقة زوجته، وهم بالطابقين الأول والثاني. استرجع "علاء" لحظات الفزع التي شهدها لحظة سقوط العقار في الساعات الأولى من صباح الجمعة، قائلاً "قبل آذان الفجر بقرابة ساعة ونصف سمعنا أصوات سقوط بعض الأحجار من العقار المجاور لنا ومع اقتراب الفجر بدأ الصوت يزداد من شدته وفي تلك اللحظة هرعت للخارج للتأكد فوجدت العقار ينهار بالكامل في لحظات. "صابرين محمد"، من شهود العيان، قالت: "فور سماع صوت الانهيار انقطعت الكهرباء عن المنطقة وخرج سكان العقارات المجاورة من منازلهم خوفًا على حياتهم، وكان الجميع يتحدث عن وجود أسرتين داخل العقار لم تنفذا أمر الإخلاء قبل الانهيار". وأضافت: "كل شيء حدث بسرعة، ولم نتمكن من الاقتراب من موقع المبنى للتأكد من وجود أشخاص لإنقاذهم بسبب الدمار الذي خلفه". إلى ذلك، تمكنت قوات الحماية المدنية في المحافظة من انتشال جثة أحد الضحايا، وقال المحافظ الدكتور محمد سلطان إن الجثة لشاب يُدعى "عمرو عبد العزيز البلتاجي" 36 عامًا، لافتًا إلى أنها أودعت مشرحة كوم الدكة، فيما تواصل جهود البحث عن 3 مفقودين آخرين. يذكر أن العقار المنهار مكون من 7 طوابق في شارع القدس المتفرع من ابراهيم الشريف بمنطقة مصطفى كامل، جوار السكة الحديد شرقي الإسكندرية. وقد أعاق انهياره حركة القطارات. وفي السياق، أكد المحافظ على أن أعمال رفع الأنقاض ما تزال مستمرة إلى الآن، مؤكدًا على تكثيف الأعمال للانتهاء من أعمال الرفع كافة في أسرع وقت ممكن. ونفى مدير إدارة الحماية المدنية بالمحافظة، العميد فؤاد الغنيمي، ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية في وقت سابق عن انتشال 3 جثث من تحت أنقاض العقار المنهار. وأمر المستشار محمد لاشين، المحامي العام لنيابات سيدي جابر بالإسكندرية، بسرعة التحفظ على ملف العقار وإحضاره من الحي خشية التلاعب فيه. وكذا استدعاء مسؤولي الحي لسؤالهم عن ملابسات وأسباب عدم إخلاء العقار بالكامل من السكان، وتشكيل لجنة من نيابة سيدي جابر لمعاينة العقار والمباني المجاورة.