وسط المُقبلون على الاحتفال ب"أحد السعف" في دير "سمعان الخراز" بجبل المقطم تواجد عددًا آخرًا قصدوا الدير الشهير منذ الصباح الباكر أملاً في رزق وفير. بعض الباعة الموجودون بالمكان التمسوا بركة العيد بجانب لقمة العيش، فما بين مُسنة حملت بضاعتها من السنابل، وهي تنادي بقدرتها على "منع الحسد"، وفتاة (مسلمة) أحضرت ألعابًا للصغار، والملوحة وأنواعها التي استهدفت أيضًا شهية المحتفلين ليحصلوا عليها وهم يغادرون الدير. وليس بعيدا عن الاثنين السابقين وقف ذلك الصبي (المسلم) الذي حافظ على أسعار البالون وغزل البنات ليبيع كمية أكبر، الورود أيضًا وجدت مكانها بين العشاق والمحبين من رواد الدير.. وسط الباحثين عن الرزق أمام الدير الآثري، تواجد "مصراوي" معهم منذ الصباح الباكر يوم الاحتفال ب"أحد السعف".. بالحجاب.. "آية" تبيع المزمار والطبلة للصغار بحجابها وجلبابها، وقفت "آية"، صاحبة ال21 ربيعًا، بالقرب من مدخل الدير، أمامها تراصت عدد كبير من لعب الأطفال البسيطة "مزمار، طبلة، سيارة". في الموالد والمواسم الدينية القبطية والمسلمة على حد سواء، يكون رزق "آية" التي يعاونها شقيقها ووالدتها، تقول وهي تمسك برضيعتها إن احتفالات "أحد السعف" بالدير الأثري لها بهجة مميزة "إحنا بنفرح مع فرحة إخواتنا المسيحيين.. هما مش إخواتنا بردوا". لكل لعبة سعر معين، بحسب "آية" تبدأ ب5 جنيهات إلى 15 جنيها "والزمارة هي أكثر لعبة الولاد بيحبوها، لكن البنات بتشتري أكثر الغوايش" تقول بينما تصفر بالمزمار وتنادي على بضاعتها. "تمنع الحسد".. "صباح" تُنادي على أغصان السنابل أمام فرشة صغيرة بالقرب من مدخل الدير، وقفت "صباح" تبيع "أغصان سنابل وصليب ملون" بينما تُتابع بعينيها جموع المُحتلفين، بفرحة لا تخلو من شوق تنظر إلى الأطفال، فهي ترى فيهم براءة طفلها الوحيد الذي توفي قبل أعوام. "بتحوش الحسد وبتجيب الرزق" تقول السيدة الخمسينية عن أغصان السنابل التي يشتريها الأقباط وتعلق في مدخل البيت، تشير إلى البضاعة البسيطة المتراصة على الفرشة وتضيف "كل حاجه ب7 ونص". منذ 20 عامًا تعمل "صباح"، التي تسكن بمنطقة الأميرية، في بيع السنابل والأصلبة الملونة، تقول إنها تبحث عن الرزق أمام عدد من الكنائس والأديرة، بينما يبقى دير القديس سمعان هو الأقرب إلى قلبها "هنا كل حاجه حلوة وفيها بركة وخير". "يا فسيخ" مين يشتريك كانت رائحة "الفسيخ" و"الرنجة" و"الملوحة" تفوح على أبواب دير القديس سمعان، تلفت انتباه المقبلين للاحتفال، ومن وراء طاولة خشبية متواضعة، وقف "بيتر" يرد على استفسار الزبائن عن الأسعار "كيلو الفسيخ ب80 جنيه، والملوحة ب60، مفيش فصال يا جماعة". منذ 6 سنوات، يحرص، ابن ال16 عامًا القادم من الصعيد، على استغلال احتفالات "عيد السعف" بدير القديس سمعان كموسم للرزق الوفير، يقول إن عدد كبير من زوار الدير يحرصون على الشراء منه "ده موسم حلو والأسعار أقل، والناس كلها وهي خارجة بتاخد مننا". البالونة ب"جنيه" بجسده النحيل، يحمل "ربيع" الذي لم يكمل 12 عامًا عصا خشبية على كتفه، بأحد طرفيها عُلقت بلونات ملونة، وبالطرف الآخر غزل بنات، أمام مدخل الدير يتجول الصغير، فيتهافت عليه الأطفال القادمين للاحتفال مع آبائهم. يوميًا يبحث "ربيع" عن رزقه في محيط الدير الأثري "زوار الدير بسم الله ماشاء االله، بشتغل هنا كويس جداً"، لا يرتبط وجوده بالمواسم فقط "بس في الأعياد الرزق طبعًا بيزيد". من محافظة المنيا قدم "ربيع" وهو بعمر 8 سنوات بحثًا عن الرزق، وبرفقة 4 من أصدقائه يعيش في شقة متواضعة بإيجار 400 جنيه، يقول الصغير إنه يعرف جيداً مواعيد المواسم والمناسبات القبطية "حافظ الأعياد كلها علشان أجي استرزق". جنيه واحد هو ثمن كيس "غزل البنات" والبالونة ب2 جنيه، يعلم ربيع أن معظم زملائه يرفعون الثمن خاصة في موسم الأعياد "بس أنا بخلي الأسعار تبقى رخيصة عشان الناس تشتري، لو أب معاه 4 أطفال وغليت حاجتي مش هيعرف يجيبلهم كلهم فحرام". يقول إن ما يعوضه عن ذلك هو الكمية الكبيرة التي يبيعها "أنا باجي من دار السلام، لو مش عارف إني هلاقي لقمة عيش زيادة مكنتش جيت أصلاً". تاج السعف لتزيين الرؤوس في محيط دير القديس سمعان، انتشر عدد كبير من بائعو التيجان المصنوعة من السعف، منهم الصديقان "مينا" و"أبانوب"، المحبة تتجلى مع كل سعف يغزلونه بيديهم. منذ 8 سنوات، أتقن "أبانوب" الذي لم يتخطى عامه ال20، عمل تيجان السعف "صاحب أبويا هو اللي علمهالي، ودلوقتي ببيع في مناطق كتير جداً وبدي لأصحابي كمان عشان يسترزقوا". على حسب شكل السعف يختلف سعرها، بحسب "مينا": "التاج السادة بيعمل من 5 ل 10 جنيه، والمتزين ب20 جنيه، والعادي عامل 15، أما الصليب لوحده ب10 جنيه". "الورد" هدية العُشاق من زوار الدير "الورود" هي الآخرى بحثت عن حيز منافسة في الرزق الوفير يوم احتفال "أحد السعف"، وفي ركن أمام مدخل الدير، وضعت "أميرة" بضاعتها، ووقف "جابر" يختار ألوان الورود التي سيهديها لخطيبته "نانسي" بعدما طلب منها أن تسبه إلى داخل الدير "أصلي عاملها مفاجئة وجايبلها الورد اللي بتحبه". منذ الصغر، اعتاد ابن ال22 ربيعًا على الاحتفال ب"أحد الشعانين" بدير القديس سمعان "بسيب كل كنايس شبرا ولازم أجي هنا"، يقول إنه بعد خطبة حبيبته التي تصغره بعام اصطحبها هي الأخرى للاحتفال معه "وهعودها على كده على طول، يعني المكان جوه الدير واسع والأجواء بتبقى جميلة أوي". في يوم عيد السعف، تترك "أميرة" محلها بمنطقة "شبرا الخيمة"، وتأتي إلى دير القديس سمعان "الرزق بيبقى أكتر وبعمل قرش حلو". تنادي على زبائنها الواقفين أمامها "مين عايز الوردة الحمراء ومين عايز البيضاء" وتقول إن أسعار الورود شهدت ارتفاعًا كبيراً هذا العام "لأن الحاجة كلها بتغلي فالزرع كمان غالي". تقول "أميرة"، التي تعمل في بيع الورد منذ 17 عاما، إنها تحضر بضاعتها طازجة في صباح كل يوم، وتضيف أن أسعار الوردة الواحدة تتراوح من 10 إلى 20 جنيه "زي ما الزبون عايز، بس فيه ناس بتستغلاه برضو".