رائد عن الشهيد "وائل": "كنا بنقول عليه خليفة منسي.. الاتنين اتخلقوا للشهادة" قبل حوالي 5 أشهر، جلس النقيب "وائل كمال" يذرف الدموع الحارة ويبكي قائده وصديقه "أحمد منسي" شهيد معركة البرث"، شمال سيناء، قبل أن يبدأ في قراءة القرآن أمام الجثمان الملفوف بعلم مصر، برفقة شقيق الشهيد وصديقه، داخل سيارة نقل الجثامين. كانت هذه الصورة إحدى أيقونات المشهد حينها، فيما أبت أن تتوارى عن الأعين؛ ليتكرر المشهد بتفاصيله، أول من أمس، بينما كان "وائل" هو عريس السماء الذي ارتقى شهيداً في الهجوم الإرهابي على مطار العريش، الثلاثاء، وشيٌعه محبوه إلى جوار رفيقه منسي بناءً على وصيته. طوال سنوات أخفى الشهيد "وائل" عن والدته مكان خدمته بشمال سيناء، بحسب الرائد "رضا منسي" شقيق شهيد موقعة "البرث"، فيقول إنه كان يُبلغها بتواجد كتيبته في الإسكندرية بسبب ظروفها الصحية التي زادت سوءً بعد وفاة والده "إمبارح طلبت مننا ننفذ وصيته عشان يدفن جنب منسي"، يحكي الرائد "رضا"، مؤكدا على قوة الصلة بين الشهيدين "وائل أخونا ومتربي وسطنا". علاقة فريدة جمعت بين الشهيدين "وائل" و"منسي"، بدأت عقب تخرجه مباشرةً "كان أحمد منسي قائد السرية بتاعته"، يقول "رضا" مشيرا إلى أن الأواصر توطدت بعد ذلك ليتخذه مُعلما وقدوة وأكثر من صديق "في الأجازات كان يجي يبات معه يوم، وبعدين يروح لأهله". "مهذب، قليل الكلام.. بس شجاع ومقاتل من طراز رفيع"، صفات عدة يذكرها أصدقاء الشهيد عنه. يؤكد "رضا منسي" نبوغ وائل اللافت منذ كان طالبًا، حيث التحق ب"الصاعقة" بعد تخرجه في الكلية الحربية لتميزه ولياقته البدنية العالية، قبل أن يتم اختياره للخدمة في "الوحدة 999 قتال"، وهي وحدة فرق الإرهاب الدولي، سافر بعدها إلى الكونغو، قبل أن يعود بعد فترة، للخدمة بمنطقة الشيخ زويد بشمال سيناء. قبل نحو 100 يوم كان "وائل" على أعتاب ترك الخدمة؛ بعدما أصيب كتفه بصورة بالغة، وكذلك تعرضت أذنه لوعكة جراء انفجار دوى بالقرب منه "اتحايلت عليه وقلت له روح اكشف وارتاح"، بينما كان الشهيد مصرا على استكمال المسيرة داخل القوات المسلحة، فجاء رده بالرفض القاطع وأنه سيظل مدافعًا عن أرض الفيروز "قالي أوري وشي لأحمد منسي إزاي لما أروحله، أقوله أنا سبت هناك من بعدك ومجبتش حقك.. طيب إزاي". لا يخلو حديث ل"وائل" من سيرة "منسي" ورفاق سيناء، كذلك دار الحوار مساء الجمعة الماضية، في آخر مرة يلتقي فيها "رضا" بصديقه الشهيد، الذي يحكي وغُصة في حلقه "كنت عارف إنه مش هيرجع تاني"، يصمت قليلاً ويضيف بنبرة حزينة "كان بيحاول يعوض غياب منسي؛ لبس نفس اللبس ووقف في الأماكن اللي حبها بنفس طريقته.. حتى صورة الصقر اللي كان ماسكه أحمد على ذراعه اتصور زيها". في مسجد التوحيد بالعاشر من رمضان، عقب صلاة المغرب، كان المشهد مهيبا، "كان ناس كتيرة جداً في الجنازة" كما يصف المجند "وليد هشام"، احتشد الأهل والأحباء، حُمل نعش عريس السماء وسط حضور شعبي ورسمي. تعبيرات الوجوه مختلطة ما بين الحزن وعدم تصديق الفاجعة، فيما ينعيه صديقه الرائد بالجيش: "كنا بنقول عليه خليفة منسي.. هما الاتنين اتخلقوا للشهادة".