تباينت مواقف القوى الإقليمية والدولية حول استفتاء كردستان العراق، فهناك من يُبدي رفضا قاطعا للخطوة معتبرًا أنها "غير مسؤولة"، وهناك من يُطالب بتأجيلها والتركيز بدلًا من ذلك على الحرب ضد تنظيم داعش، في مقابل دول فضّلت التزام الصمت وعدم الإعلان عن موقفها في الوقت الحالي، مُكتفية بالتحذير من تداعيات الخطوة، وسط تأييد إسرائيلي متوقع. وفيما يلي نستعرض أبرز المواقف الإقليمية والدولية على الاستفاء المُزمع إجراؤه في 25 سبتمبر الجاري: مواقف معارضة تصدّرت بغداد قائمة الدول الرافضة لإجراء استفتاء، إذ أكّد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن هذا الإجراء سيُعقّد الأمور، بدلًا من أن يحل المشاكل العالقة بين حكومته وأربيل. واعتبر العبادي الاستفتاء "غير دستوري"، وأن الإقليم "جزء من العراق، والأكراد مواطنون من الدرجة الأولى". وقال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، خلال لقائه الوفد المفاوض الخاص بموضوع الاستفتاء في بغداد مؤخرًا، إن الاستفتاء "لا يصبُّ في مصلحة وحدة العراق، الذي خرج توًا، من حرب عالمية ضد تنظيم داعش الإرهابي". كما رفض مجلس النواب العراقي إجراء الاستفتاء، قبل أسبوعين من موعده المُرتقب، وقال رئيسه سليم الجبوري بعد اجتماع للمجلس "يحرص مجلس النواب على وحدة العراق ترابا وشعبا ويرفض تقسيمه تحت أي عنوان أو تبرير"، مُضيفًا أن البرلمان "حدد الحالات التي يستفتى من شأنها واستفتاء كردستان ليس من بينها". كما اعتبر أن "إقحام المناطق المتنازع عليها في الاستفتاء يخالف الدستور أيضا". ودعت المملكة العربية السعودية، في الوقت نفسه، رئيس إقليم كردستان العراق لعدم إجراء الاستفتاء الخاص بالانفصال، وذلك "لتجنيب العراق والمنطقة مزيدًا من المخاطر التي تترتب على إجرائه"، بحسب بيان صادر عن وزارة خارجيتها. وأصدر المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية قرارًا يرفض فيه إجراء الاستفتاء. وقال أحمد جمال، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية، في بيان صحفي: "استجابة لطلب وزير الخارجية العراقي الدكتور ابراهيم الجعفري في اجتماع المجلس الوزاري للجامعة العربية، أصدر المجلس الوزاري قرارًا عربيًا، وبالإجماع، لرفض الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، لعدم قانونيته، وتعارضه مع الدستور العراقي الذي يجب احترامه والتمسك به، ودعم وحدة العراق لما تمثله من عامل رئيسي لأمن واستقرار المنطقة، وأن تهديد هذه الوحدة يمثل خطرا على أمن المنطقة وقدرة دولها وشعوبها على مواجهة الإرهاب". كما أعربت مصر، في بيان أصدرته وزارة خارجيتها، عن قلقها البالغ إزاء قرار تنظيم استفتاء تقرير مصير إقليم كردستان العراق وتداعياته المحتملة. وأكد البيان على أن قلق مصر نابع بالأساس من حرصها على وحدة واستقرار العراق الشقيق، وإستمرار رابطة الأخوة واللحمة التي تجمع كافة أطياف الشعب العراقي. وشدد البيان على ضرورة إدراك التداعيات بعيدة المدى المتعلقة بإجراء الإستفتاء على إستقرار وأمن العراق ومنطقة الشرق الأوسط. وأبدت تركيا مبكرًا رفضها القاطع للاستفتاء، حيث قال الرئيس رجب طيب أردوغان، إن بلاده "لا تعتبر هذه الخطوة صائبة، وأبلغنا حكومة الإقليم بذلك". ووصفته الخارجية التركية ب"الخطأ الفادح." وأعربت إيران أيضا عن رفضها للاستفتاء، وفقًا للمتحدث باسم خارجيتها بهرام قاسمي، الذي أكّد أن موقف حكومته "واضح في هذا الموضوع، وهو دعم حماية وحدة الأراضي العراقية وسيادتها"، داعيًا إلى حل الخلافات بين بغداد وأربيل عبر الحوار. وهدّدت إيرانوتركياوالعراق باتخاذ "إجراءات" لم تحددها ضد إقليم كردستان العراق، إذا مضت سلطات الإقليم في إجراء الاستفتاء. وأكدت الدول الثلاث في بيان مشترك التزامها بوحدة العراق وسلامة أراضيه و"معارضتها التامة للاستفتاء"، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية. وجدّدت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، التأكيد على موقف الولاياتالمتحدة "الرافض بقوة" للاستفتاء. وقالت الوزارة في بيان إن "كل جيران العراق، ونظريا المجتمع الدولي بأسره، يعارضون أيضا هذا الاستفتاء". وحذّرت الوزارة من أنه "إذا جرى هذا الاستفتاء فإن فرص حصول مفاوضات مع بغداد ستكون ضئيلة للغاية"، ملوّحة بخطر توقف الدعم الدولي لهذه المفاوضات. ووصفته المتحدثة باسمها ، هيذر نويرت، بأنه " شأن عراقي داخلي". وطلب وزير الخارجية ريكس تيلرسون من بارزاني، تأجيل تنظيم الاستفتاء، داعيًا إيّاه لمواصلة الحوار مع بغداد. كما حثّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي، الخميس، على التأجيل أيضًا. أبدى مجلس الأمن الدولي، الخميس، معارضته للاستفتاء، محذرًا من أن هذه الخطوة الأحادية من شأنها أن تزعزع الاستقرار. كما جدّد تمسكه ب"سيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه". كما حثّ الاتحاد الأوروبي الإقليم الكردي على الابتعاد عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب، مُشددًا على دعمه لوحدة الأراضي العراقية، وحل المشاكل العالقة، وفقًا للدستور وعبر الحوار. أما ألمانيا فاتسم موقفها تجاه الاستفتاء ببعض الضبابية، حيث أعلن فيه القنصل الألماني في مدينة أربيل، مارك ايشهورن، أن الاستفتاء هو "قرار يعود لشعب الإقليم"، لافتًا إلى أفضلية أن يتم بشكل سلمي حتى لا تندلع حروب أخرى في المنطقة. وقال ايشهورن لموقع كردستان24 إن "قرار الاستفتاء وتقرير المصير رهن بإرادة شعب كردستان، وكيفية رسمه لمستقبله، لكن من الأفضل أن يتم بشكل سلمي تجنبا لاندلاع حروب أخرى في المنطقة". وفي روسيا، قال ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي: "نحن ندعم وحدة أراضي دول المنطقة، ولكننا لا نريد إعلان قرارنا بخصوص الاستفتاء في الوقت الحالي". تأييد إسرائيلي أعلنت إسرائيل بشكل رسمي تأييدها للاستفتاء، لتُصبح الدولة الوحيدة في العالم التي أعلنت حتى اليوم تأييدها لقيام دولة كردية مستقلة. وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حسابه على موقع التدوينات القصيرة تويتر: "بينما ترفض إسرائيل الإرهاب على جميع أشكاله، إنها تدعم الجهود المشروعة التي يبذلها الشعب الكردي من أجل الحصول على دولة خاصة به". ويُعد هذا أول إعلان مباشر من نتنياهو على حساب رسمي له لتأييد إجراء الاستفتاء الكردي.