تنطلق الدورة الجديدة لمعرض فرانكفورت الدولي للسيارات خلال أيام قليلة في ظروف غير مواتية للغاية بالنسبة لصناعة السيارات العالمية. فخطر حظر سير السيارات التي تعمل بمحركات ديزل (سولار) في العديد من المدن الكبرى بات وشيكا، والشركات الألمانية تواجه اتهامات التواطؤ فيما بينها للتلاعب بمعايير معدلات العوادم. لذلك سيكون من الصعب تجاهل هذه الظروف لكي يحتفظ معرض فرانكفورت بأجوائه البراقة المعتادة. فقد قررت 9 شركات سيارات عالمية الغياب عن الدورة رقم 67 للمعرض الذي يقام كل عامين في مدينة فرانكفورت العاصمة المالية لألمانيا وهو واحد من أكبر معارض السيارات على مستوى العالم. ورغم أن صناعة السيارات الألمانية التي تسيطر عادة على فعاليات معرض فرانكفورت تمر بظروف صعبة بسبب فضيحة التلاعب بنتائج اختبارات معدلات عوادم السيارات التي تعمل بمحركات ديزل (سولار) وفضيحة ارتكاب ممارسات احتكارية، فإن المناخ العام لشركات صناعة السيارات مازال يدعو للتفاؤل. ومن المقرر أن تتسابق الشركات المشاركة في معرض فرانكفورت على عرض أحدث من أبدعته في عالم السيارات، من السيارات الفارهة الليموزين وحتى السيارات متعددة الأغراض ذات التجهيز الرياضي (إس.يو.في) والسيارات العائلية وسيارات المدن. كما ستكون السيارات الرياضية فائقة القوة حاضرة. وسيفتح المعرض المعروف باسم "آي.أيه.أيه" وهي الأحرف الأولى من اسمه الألماني "معرض السيارات الدولي" أبوابه أمام الجمهور خلال الفترة من 14 إلى 24 أيلول/سبتمبر الحالي بعد يومين يتم تخصيصهما لممثلي وسائل الإعلام. تحمل الدورة الجديدة للمعرض شعار "المستقبل الآن" وتقدم أحدث من توصل إليه العالم في تكنولوجيا النقل والسيارات. ولما كانت الانتخابات العامة الألمانية ستجري في اليوم الأخير للمعرض، فمن المتوقع أن يتدفق العديد من السياسيين الألمان إلى المعرض للقاء الجمهور، في حين تفتتحه عادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وسيستمع أصحاب السيارات الألمان باهتمام إلى ميركل في ظل توقعات بإعلان خطة لحظر تسيير السيارات التي تعمل بمحركات ديزل في المدن الكبرى مثل شتوتجارت. كان الاتحاد الأوروبي قد أصدر تحذيرا قويا لألمانيا بسبب انبعاثات أكسيد النيتروجين من السيارات. وقالت المفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد إن مستوى التلوث بأكسيد النيتروجين تجاوز الحدود المميتة في 28 منطقة في ألمانيا. ويقال إن غاز أكسيد النيتروجين مسؤول عن وفاة أكثر من 10 آلاف رضيع في ألمانيا سنويا. كما يرغب الناس في معرفة ما إذا كانت شركات صناعة السياراتت الألمانية ستضطر إلى القيام بتحديثات هنسية مكلفة لسياراتها من أجل التخلص من هذا الغاز السام وكذلك السيارات التي تعمل بمحركات ديزل كتلك التي ظلت مجموعة "فولكسفاجن" تبيعها لعملائها على مدى سنوات. ويشعر الكثير من العملاء بعدم الرضا نتيجة قيام شركات سيارات وبخاصة مجموعة "فولكسفاجن" بتركيب برنامج كمبيوتر معقد في الملايين من سياراتها لتقليل كميات العوادم المنبعثة أثناء الاختبارات مقارنة بالكميات الحقيقية المنبعثة أثناء السير على الطرق في ظروف التشغيل الطبيعية. وتقول المستشارة ميركل ومسؤولو صناعة السيارات الألمان إن التحديث الميكانيكي لسيارات الديزل القديمة مكلف للغاية. كانت ميركل قد تعهدت مؤخرا برصد 500 مليون يورو (596 مليون دولار) إضافية لصندوق خاص للمساعدة في مكافحة تلوث الهواء في ألمانيا. وبهذه الأموال تصل مخصصات مكافحة تلوث الهواء في ألمانيا إلى مليار يورو. في الوقت نفسه اعترفت "ميركل" بأن خطة الوصول بعدد السيارات الكهربائية على الطرق الألمانية إلى مليون سيارة بحلول 2020 لا تعمل بالطريقة المأمولة، رغم أن شركات صناعة السيارات تصمم طرزا لسيارات خالية من العوادم. وقالت ميركل في اجتماع برلماني في برلين "بالصورة التي تبدو عليها الأمور الآن ... لن نصل إلى المستهدف" بالنسبة لانتشار السيارات الكهربائية. يأتي ذلك فيما تحقق السلطات الرقابية في ألمانيا في احتمال قيام شركات السيارات الألمانية العملاقة بتشكيل تكتل احتكاري على مدى عشرات السنين لتنسيق التلاعب بالمعايير الفنية للعودام والتعامل مع الموردين وهياكل الإنفاق وغير ذلك. في الوقت نفسه حاول منظمو معرض فرانكفورت الدولي للسيارات التقليل من أهمية غياب شركات كبرى مثل ألفا روميو وفيات وبيجو وفولفو عن الدورة الجديدة، وقالوا إن الفجوة التي سببها غياب هذه الشركات سيملؤها عارضون جدد بينهما شركات صاعدة من آسيا. ويعود غياب شركات السيارات عن دورة معرض فرانكفورت الأخيرة في ظل تزايد الحديث عن اتجاه المشترين إلى الإنترنت والعروض الخاصة لمتابعة الطرز الجديدة التي تطرحها الشركات. وقد أصبحت معارض السيارات التقليدية "موضة قديمة". وتسيطر الشركات الألمانية الأربع الكبرى "مرسيدس بنز" و"بي.إم.دبليو" و"فولكسفاجن" و"أودي" على الدورة الأخيرة من معرض فرانكفورت للسيارات. ومن أبرز المشاركات الجديدة في المعرض نسخة ذاتية القيادة من السيارة "أودي أيه8" ونسخة جديدة من السيارة "بولو" والسيارة "تي روك" من فولكسفاجن. كما تعرض "فيراري" الإيطالية سيارتها "بورتوفينو" إلى جانب السيارة "جاجوار إي. بيس". ويمكن القول إن كل شركة سيارات مشاركة ستقدم سيارة كهربائية على الأقل خلال فعاليات المعرض. لكن خبراء صناعة السيارات الألمان مثل البروفيسور "فرديناند دوندينهوفر" يرون أن معرض فرانكفورت الدولي للسيارات هذا العام يأتي في وقت غير موات. ويقول "دوندينهوفر" إن "أهم سيارة في العالم لهذا العام ليست موجودة في المعرض" مشيرا إلى أن السيارة الكهربائية تيسلا3 التي تنتجها شركة "تيسلا" الأمريكية لصناعة السيارات الكهربائية والتي تلقت طلبات لشراء أكثر من 450 ألف سيارة منها قبل طرحها للبيع. وذكرت الشركة الأمريكية أنها مشغولة تماما وليس لديها وقت للمشاركة في معرض فرانكفورت.