في الكيلو 64، بطريق أبو سمبل السياحي، توقف الطريق، اعتصم أهالي النوبة الودعاء بعد منعهم من الوصول إلى قريتهم "فورقندي" للاعتراض على وضعها ضمن مشروع المليون ونصف فدان، إذ تم طرحها للمستثمرين. في تلك المنطقة المكفهرة –الكيلو 64- ترك النوبيون قراهم وأعمالهم وحياتهم خلفهم، مُنتظرين فَك حصار التاريخ حولهم، ومنحهم الفرصة لاستعادة ما تبقى من أرض الأجداد.. عقب السير 8 كيلو داخل الصحراء وصل المصور الشاب هشام عبد الحميد لرصد كواليس الاعتصام عن قرب.
في منطقة تخلو من بدائيات الحياة، أقام النوبيون اعتصامهم، غير أنهم احتفظوا بتفاصيلهم اليومية التي اعتادوها، التواجد في جماعة، الصلاة بالساعات الأولى من الصباح، البحث عن مساحة من الظِل للنوم في رحابها، الرجال يطهون وجبتهم الأساسية "رز وكوسة" في أواني نحاسية أعلى الحطب، جلسات تجمع كافة الأجيال وفي الخلفية دوما أغان تراثية لأصوات النوبة، ولا يخلو الحديث من الهم العام، حِلم العودة.
رغم الصورة النمطية عن الاعتصامات، كونها معبئة بالغضب، إلا أن الطابع النوبي طغى على الأجواء، إذا أجمع النوبيون على إزاحة "المتاريس"- التي تقطع الطريق، أمام سيارات الإسعاف، والعربات المُحملة بطعام المجندين في الكمين الأمني القريب منهم، فضلا عن التعامل ببشاشة مع الوافدين إليهم.
خلال الاعتصام التحمت الجماعات النوبية التي تعيش في قرى متباعدة على قرار واحد، هو رفض تقسيم أراضيهم ضمن مشروع المليون ونصف فدان، فاجتمع الرجال من شتى الخلفيات "كنوز، عرب، فاديجا". تابع باقي موضوعات الملف: النوبة.. الأسطورة تهزم الخريطة (ملف مصور) تهجير النوبة.. الخروج من الجنة (صور) النوبة.. تقلبات النيل والدهر (صور) رجال النوبة.. ''ع الوعد متصاحب'' (صور)
