حكاية عامل بالمنوفية فقد حياته ثمناً للدفاع عن قريته

لم يكن محمد عيسى ذلك العامل البسيط ابن قرية شما بالمنوفية، يعلم أنه سيدفع حياته ثمناً لدفاعه عن قريته، ومواجهته مجموعة من البلطجية وتجار المخدرات.
"محمد" صاحب ال45 عاماً متزوج ولديه 4 بنات وطفل يبلغ من العمر 8 أشهر، حمل على عاتقه خدمة أهالي القرية والدفاع عنهم والوقوف في وجه عائلة "أبو حريرة" التي اشتهرت بتجارة السلاح والمخدرات.
تعود أحداث القضية إلى يوليو 2011 بعدما قام عدد من أبناء عائلة أبو حريرة، بقتل شاب من القرية مما أدى إلى حدوث حالة من الغضب والثورة عليهم وقام الأهالي بالهجوم على منازلهم وأحرقوا عددا منها وأطلقت العائلة الأعيرة النارية، ما أدى إلى مصرع خمسة أشخاص بينهم سيدة وإصابة العشرات، واستمرت القضية متداولة فى المحاكم حتى أصدرت محكمة جنايات شبين الكوم حكمها ببراءة 22 من المتهمين من أبناء أبو حريرة.
استغاث محمد بقوات الأمن لمساعدته في حماية الأهالي من بطش هذه العائلة، وتم عقد جلسة عرفية بحضور مدير الأمن الأسبق، وتم الاتفاق على خروجهم من القرية وتعويض أهالي ضحاياهم ولكنهم لم يفوا بوعودهم وعادوا مرة أخرى لممارسة نشاطهم .
أرسل المجني عليه العديد من الشكاوى إلى وزير الداخلية والقيادات الأمنية وختمها بشكوى لرئيس الجمهورية يستغيث به، ويطالبه بتنفيذ ما توصلت له الجلسة العرفية وحمايتهم من أبناء أبو حريرة.
كما تقدم بالعديد من الاستغاثات للشرطة لتلقيه تهديدات بالقتل، أخرها كانت رسالة على هاتفه السبت الماضي:" إذا رحل النهار فلابد من دخول الليل وإذا عاش الإنسان فانتهاء عمره بدخوله القبر".
خيري السيسي، أحد شهون العيان على واقعة القتل، قال إنهم عقب عودتهم أمس من مشاهدة مباراة مصر وغانا، وبالقرب من كوبرى حمام بمدخل القرية كان يستقل محمد دراجته النارية وهم خلفه فوجئوا بتلقيه طلق ناري اسقطه أرضا وقام أحد الأشخاص من عائلة أبو حريرة يدعى سامح بالتأكد من وفاته بتفريغ باقي خزنة السلاح به ليلقى مصرعه في الحال.
وأضاف، أنه حاول تعقب الجناة ولكنهم أسقطوه أرضاً وفروا هاربين، مؤكداً أنه عاد لصديقه ونقله إلى مستشفى أشمون ولكن الموت كان اسرع منه.
وأكد خيري أن محمد كان شخصاً خدوماً، أفنى حياته في مساعدة الناس، ساعد في تجهيز أيتام وجمع التبرعات لإقامة مدرستين من خلال حملة الجنية الواحد، وساعد على بناء مرشحة مياه ووحدة غسيل كلوي.
وطالب صديق المجني عليه بضرورة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة وتطهير القرية منهم.
كان اللواء خالد أبو الفتوح، مدير أمن المنوفية، قد تلقى إخطارا من المقدم محمد السخاوى، رئيس مباحث مركز أشمون، يفيد بمقتل محمد عيسى العليمى 45 عاماً، إثر قيام أحد افراد عائلة أبو حريرة، بإطلاق النار عليه من سلاح آلي، بسبب رفض المجني عليه وآخرين الموافقة على عودة هذه العائلة للقرية مرة أخرى.
وتجمهر العشرات من أبناء قرية شما احتجاجا على مقتل محمد عيسى، وأطلقت قوات الشرطة بمديرية أمن المنوفية، اليوم الأثنين، القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم ومنعهم من الاستمرار في إغلاق الطريق، كما قامت قوات الشرطة بإلقاء القبض على 55 شخصاً من الأهالي عشوائياً.