تصوير: أحمد دريم "هنودى ميتينا فين؟ إحنا نحطهم تحت عربية تدهسهم خمس ست مرات وبعدين نرمى العضم أو نروح نحرقهم بعود كبريت أحسن"، بهذه الكلمات الساخرة وجعًا لخص أهالي قرية درنكة التابعة لمركز أسيوط مشكلتهم، حيث أن الغالبية منهم لا يستطيعون الحصول على مقابر فصاروا يلجأون إلى بناء أدوار عليا فوق المقابر بشكل رأسي ليتمكنوا من دفن موتاهم... "ولاد البلد" تعرض شكاوي الأهالي. نوديه فين؟ فبين تلك الجبال القاسية التي تحاوط القرية وفى يوم صاحبتنا فيه ريح عاتية محملة بالأتربة التقينا بالأهالي ليقول محمود النسر، أعمال حرة، بصوت كاد يهز القاعة التي نجلس فيها غضبا: هناك قطة أرض أملاك دولة بالقرية مساحتها حوالي 3000متر كان هناك محاولة من بعض الأهالي للاستيلاء عليها، فقام أهالي بالسعي لتخصيصها كأرض مقابر وبالفعل حصلوا على موافقة من المحافظة في عهد اللواء البرعى وخُصصت فعليا كمدافن، والبداية ترجع إلى أيام تولى الدكتور رجاء الطحلاوي محافظا فخصص قطعة أرض جزء مدافن وجزء آخر حرفيين ولكن تم وقف جزء الحرفيين، ولم يحصل جميع المستحقين على أرض مقابر فعدنا لمخاطبة اللواء السيد البرعي محافظ أسيوط الأسبق وتم تخصيص قطعة الحرفيين كأرض مقابر. ومن يومها ونحن نتقدم بطلبات للوحدة المحلية ولكن لم نحصل على مقابر وحاليا فوجئنا أن أسرتين بعينهم حصلوا على موافقة من المحافظة بتخصيص مساحات كبيرة من الأرض لصالحهم فهناك أسرة حصلت على 700متر وأخرى على 800متر في حين أن نفس تلك العائلات هي نفسها التي حصلت على مدافن في قطعة الأرض التي تم تخصيصها مسبقا بعد السيول. "فكيف تُخصص قطة أرض لكل درنكة وفى النهاية ياخدوها عيلتين؟"، وفوق ذلك تلك القطع التي حصلوا عليها لا يوجد بها ميت واحد "اللي عنده ميت مش عارف يوديه فين دلوقت بنعمل المقابر أدوار". ثم علق النسر ساخرا بضحكة ممزوجة بلهجة غضب "عملنا المقابر أدوار وبعد كده نبقى نأجرها، هنودي ميتينا فين؟، إحنا نحطهم تحت عربية تدهسهم خمس ست مرات وبعدين نرمى العضم أو نحرقهم أحسن"، ونحن نطالب بإعادة توزيع أرض المقابر ليحصل كل صاحب حق على حقه. لا أبيض ولا أسود كان مستاءا يتحدث في هدوء ممزج بغضب صامت ونبرة المسلوب حقه ليقول أحمد على، تاجر، نحن عائلة كاملة بها 20بيت ولدينا "حوش" واحد به 3مقابر فقط "التلاتة اتملوا هنروح فين؟"، ولقد قدمت للحصول على مقبرة منذ فترة "ولا خدنا أبيض ولا أسود". وبعد صمت لم يتجاوز الثواني التائهة أكمل حديثه وهو يقرع كفا فوق كف "20بيت في مدفن واحد، بنلم الميتين على بعض عشان ندفن وناس تانية واخدة فدادين". أسر بعينها ويذكر بكر محمود، موظف، ليست لدى مشكلة شخصية فلدى مقبرتي ولكنى أعيش مأساة من حولي فهناك كثيرون لم يحصلوا على مقابر رغم أنهم تقدموا بطلبات رسمية والثلاثة بيوت من حقهم 150متر في حين أن هناك من حصل على 400متر وهناك أسرتين خُصص لهم 900متر . الغلابة مخدوش التفوا حولنا في الشارع ظنا منهم أننا نجمع أسماء المتضررين من عدم حصولهم على مقابر فأخبرناهم أننا صحفيون وهنا يشرح جمال محمد، عامل، "ماخدتش في مقابر السيول ولا في المقابر دي على بال ما روحنا نقدم كانت المدافن خلصت". وصرنا نبنى أدوارا فوق بعضها لحل المشكلة ولكن ماذا نفعل إن امتلأت تلك المقابر؟، ويشاركه الرأي خميس محمد، عامل، لقد تم تقسيم المقابر على أناس بعينها "والغلابة مخدوش"، تقدمنا بطلبات ولم نحصل على شيئ". ويقول إبراهيم عبد المالك، لا يعمل، قدمت طلبا ولم أحصل على مقبرة، والحل الوحيد بناء المقابر أدوار، ويضيف أحمد رشدي، عامل، لدينا حوش صغير "والمبسوط اللي فينا بارك عليه كله"، وليس لدينا سوى مقبرة واحدة وعددنا كبير. رد مسؤول ومن جانبها أوضحت نبيلة على، رئيس مركز ومدينة أسيوط، أن المحافظ أوصى باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتخصيص قطعة أرض كمقابر حرصا على تحقيق متطلبات الأهالي ويتابع الأمر بنفسه، وأضافت أننا بانتظار الانتهاء من كافة الإجراءات اللازمة لتخصيص قطعة الأرض الجديدة وموافقة جميع الجهات المختصة، وفور تخصيص القطعة سيٌفتح باب التقديم لتسلم المقابر ولن يحصل أي مواطن كان قد سبق له الحصول على مقبرة في الفترة الماضية على مقابر جديدة لأنها ستكون لمن لا يملك مقابر فقط.