إلي جانب معركتها التي تخوضها أجهزة الدولة المعنية تجاه بناء سد النهضة الإثيوبي والذي من المحتمل أن يؤثر علي حصة مصر من المياه هناك معركة لا تقل في أهميتها يجب أن تخوضها لوقف جرائم تلوث نهر النيل خصوصا تلك الناجمة عن قيام بعض المصانع المقامة علي ضفاف النهر في محافظات الصعيد بإلقاء مخلفاتها الصلبة والبترولية في قاع النيل هذا فضلا عن ما ترتكبه البواخر والفنادق السياحية التي تلقي بمخلفاتها أيضا في النيل . هذه الجرائم ليست في حاجة إلي دلائل وبراهين فالبقع البترولية التي لا يمر أسبوعا دون أن تظهر في منطقة ما أكبر دليل علي هذه الجرائم المستمرة في حق نهر النيل. نهر النيل شهد خلال السنة الماضية فقط ظهور أكثر من90 بقعة بترولية في منطقة جنوب الصعيد وما خفي كان أعظم دونما تحرك جدي من الدولة ممثلة في وزارتي البيئة والري وجهاز حماية النيل . ففي محافظة الأقصر تحول مجري نهر النيل إلي مقلب لنفايات الفنادق العائمة والبواخر السياحية التي تلقي بمخلفاتها الصلبة والبترولية يوميا في قاع النهر . مسئول بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بالأقصر قال أن البقع الزيتية التي تظهر علي سطح نهر النيل تتجدد بشكل مستمر بسبب إلقاء البواخر السياحية والفنادق العائمة لمخلفاتها البترولية ومياه الصرف الصحي غير المعالجة في قاع النيل علي طول رحلاتها النيلية بين الأقصروأسوان مشيرا إلي أن محطات المياه المطلة مآخذها علي نهر النيل مباشرة تعاني علي مدار السنة من مرور البقع الزيتية التي تخلقها المراكب والبواخر السياحية . هذا إلي جانب أن المصانع المطلة علي نهر النيل والمنتشرة علي طول شريطه وعدد كبير من الفنادق السياحية العائمة التي لم توفق أوضاع وحدات المعالجة بها لا تعمل وتلقي مخلفاتها الصلبة في النيل مما تسبب في تفشي الأمراض المختلفة حيث أن مصر سجلت نسب غير مسبوقة في إنتشار مرض الفشل الكلوي بسبب أن المصريين يشربون المياه الملوثة. وفي محافظة أسوان تواصل ترعة كيما نقل مخلفات الصرف الصناعى لأكبر مصنع أسمدة كيماوية فى مصر والصرف الصحى للمدينة الى نهر النيل الذى ينقلها بدوره الى أجواف المصريين . من ناحيته يقول رمضان صديق مدير عام إدارة البيئة بمحافظة الأقصر أن وزارة البيئة شكلت بالتنسيق مع وزارات السياحة والصحة والداخلية عدة لجان للتفتيش علي البواخر السياحية للحد من ظاهرة تسرب المواد البترولية في نهر النيل . ولفت صديق إلي أن إدارة البيئة في الأقصر حررت محاضر ل16 باخرة سياحية تسربت منها المواد البترولية لنهر النيل خلال الأسابيع الست الماضية وفقا للقانون رقم 4 لسنة 1994 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 . وكانت دراسة لمركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء قد كشفت عن أن 17 ألف طفل مصري يموتون سنويا بالنزلات المعوية بسبب تلوث مياه النيل وأن معدلات الإصابة بالفشل الكلوي ترتفع بمعدل 4 أضعاف عن المعدل العالمي نتيجة تلوث المياه إذ تصل إلى 13 ألف حالة فشل كلوي بينما تقدر الإصابات بسرطان المثانة ب60 ألف حالة بسبب التلوث. وأضافت الدراسة أن تلوث نهر النيل أدى إلى خسارة كبيرة بالإنتاج الزراعي وأن 50% من فاقد الإنتاج الزراعي سببه الرئيسي يعود إلى تلوث المياه كما أدى إلى اختفاء 32 نوعا من أسماك النهر وهناك 30 نوعا آخر من الأسماك يحتمل اختفاؤه.