الحكومة تتجاهل إلقاء مخلفات المراكب السياحية فى النيل.. وتكتفى بتحرير محاضر بلاغ يتهم محافظ الأقصر بالتقاعس عن إزالة فندق يملكه «صديق مبارك» خبير بيئى: مصر سجلت نسبا غير مسبوقة فى الفشل الكلوى
كشفت بقعة الزيت التى تسربت لمياه النيل بأسوان، وتحركت تجاه محافظات الأقصر وقنا وسوهاج حتى أسيوط، عن الجريمة التى ترتكب فى حق نهر النيل، شريان حياة المصريين، الذى تحول مؤخرًا لمقلب نفايات للفنادق العائمة والبواخر السياحية، المنتشرة فى محافظة الأقصر، التى تلقى بمخلفات كبيرة تصل لنحو 9 آلاف متر مكعب يوميا.
وأكد محمد محمود، عامل بإحدى المراكب السياحية: «المركب التى أعمل عليها تلقى فعليا مخلفاتها فى النيل»، موضحًا أن أصحاب المراكب السياحية تلقى مخلفاتها أسفل كوبرى البغدادى، وهو ما يعرفه المسئولين حسب قوله.
وقالت مصادر مسئولة بمحافظة الأقصر، إن: «بقعة الزيت التى أثارت جدلاً واسعا خلال الفترة الماضية ليست حدثا عابرا، باعتبارها أمرا متجددا بصفة مستمرة، بسبب إلقاء البواخر السياحية والفنادق العائمة مخلفاتها البترولية، ومياه الصرف الصحى غير المعالج فى قاع النيل على طول رحلاتها النيلية بين الأقصر وأسوان ورحلاتها النيلية الطويلة بين القاهرة وأسوان.
من ناحية أخرى، كشفت وثائق رسمية عن إنشاء رجل الأعمال ممدوح فيليب، المقرب من الرئيس السابق حسنى مبارك، فندقا عائما فوق حرم مأخذ محطة مياه الشرب بالأقصر، قبل عدة أعوام وإلقاء مخلفاته فى النيل، وصدر قرار وزارى بإزالته، قبل 7 سنوات، ولم ينفذ حتى الآن رغم استمرار إلقاء مخلفاته فوق حرم مأخذ محطة مياه الأقصرالجديدة.
وحصلت «الصباح» على نسخة من قرار وزارة الموارد المائية والرى الذى كلف محافظ الأقصر بإزالة الفندق عام 2005، وأصدر الدكتور هشام قنديل وزير الموارد المائية والرى آنذاك قرارا آخر بإزالته، غير أن نفوذ الرجل فيما يبدو أوقف القرار الجديد رغم تولى قنديل رئاسة الوزراء.
وبحسب القرار، فإن وزارة الموارد المائية والرى تلقت كتاب الإدارة المركزية لشئون البيئة بوزارة الصحة والسكان رقم 44 بتاريخ 9/1/ 2012، بشأن تقرير مرور لجنة الإدارة العامة لصحة البيئة ومدير الصحة بالأقصر على عمليات مياه الشرب، وما تبين من وجود مطعم عائم فوق التيار فى حرم مأخذ مياه محطة الأقصر بالمخالفة لقرار وزارة الصحة رقم 301 لسنة 1995 والذى حدد مسافة 500 متر فوق التيار و200 متر تحت التيار كحرم لمآخذ محطات المياه «خالية من مصادر التلوث» وهو ما يشكل خطرا على الصحة العامة للمواطنين.
وأضاف القرار ، وأنه فى ضوء ذلك بعد البحث والدراسة والمعاينة على الطبيعة بمعرفة قطاع تطوير حماية نهر النيل والفرع المختص بالوزارة، فقد تبين أن قيام مالك فندق سونستا سان جورج عام 2005 بوضع برطوم يستخدم كمطعم عائم دون ترخيص بالجانب الأيمن لنهر النيل بمواجهة الفندق بناحية منطقة العوامية بمحافظة الأقصر، ونظرا لأن البرطوم دون ترخيص فقد قامت الإدارة العامة لحماية النيل بالأقصر بتحرير محضر مخالفة، وإصدار قرار الإزالة رقم 15 لسنة 2005 وأحيل فى حينه للجهات الأمنية، وتحدد يوم 9 /3 / 2006 للتنفيذ إلا أن محافظ الأقصر، وفى ضوء طلب من المخالف قرر إرجاء التنفيذ لمدة 4 أشهر، وتوالت التأجيلات من محافظ الأقصر آخرها عام 2008 بموافقة غير محددة المدة لحين توفيق الأوضاع.
وقال وزير الموارد المائية والرى فى مخاطبته لمحافظ الأقصر الحالى الدكتور عزت سعد، إن المخالف تقدم لمعهد بحوث النيل بالمركز القومى لبحوث المياه التابع للوزارة، فى محاولة منه لتوفيق أوضاعه بطلب دراسة مد مواسير مآخذ محطة مياه الشرب بالأقصر المرشحة على نفقته إلى داخل المجرى، إلا أن المعهد أوصى بعدم إمكانية مد المواسير إلى المجرى، كما أن مديرية الصحة بالأقصر رفضت الموافقة على السير فى إجراءات ترخيص البرطوم لتعارض ذلك مع قرار وزير الصحة رقم 301 لسنة 1995.
وطالب وزير الرى فى ختام خطابه بتفعيل قرار الإزالة وتنفيذه فى أسرع وقت حفاظا على نهر النيل وحماية للصحة العامة للمواطنين.
من جانبه، تقدم مصطفى عطية المحامى ببلاغ إلى المحامى العام لنيابات الأقصر ضد محافظ الأقصر ومدير الأمن «بصفتهما»، ورجل الأعمال ممدوح فيليب لشخصة باعتبار أن المحافظ ومدير الأمن هما المنوطان بتنفيذ قرار وزير الموارد المائية والرى بإزالة المطعم العائم.
واتهم «عطية» الأجهزة التنفيذية فى المحافظة بالتواطؤ مع رجل الأعمال والتقاعس عن القيام بدورها فى حماية حرم نهر النيل والحفاظ على صحة المواطنين.
وقال ياسر محمود الخبير البيئى إن: «الوضع الحالى لمياه النيل بالغ السوء، ويحتاج لجهد مضاعف، حيث إن المصانع المنتشرة على طول النيل وعدد كبير من الفنادق السياحية العائمة، التى لم توفق أوضاعها، توقفت وحدات المعالجة الخاصة بها، وتلقى مخلفاتها الصلبة فى النيل، ما تسبب فى تفشى أمراض خطيرة، مشيرا إلى أن مصر سجلت نسبا غير مسبوقة فى انتشار مرض الفشل الكلوى بسبب ما يشربه المصريون من مياه ملوثة.
وكشف مصدر بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، رفض ذكر اسمه، عن أن محطات المياه المطلة مآخذها على نهر النيل مباشرة تعانى على مدار السنة من مرور البقع الزيتية التى تتسبب فيها المراكب والبواخر السياحية، مطالبًا شرطة المسطحات المائية وإدارة حماية النيل ومديرية البيئة، بمراقبة المراكب المخالفة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها، منتقدا تجاهل المسئولين للمخالفات المتكررة من المراكب السياحية وأصحاب الفنادق العائمة والبواخر السياحية، التى تتطلب اتخاذ إجراء حاسم حسب قوله.
وانتقد اللواء علاء الهراس سكرتير عام محافظة الأقصر، إلقاء أصحاب المراكب والفنادق العائمة مخلفاتها فى المجرى الملاحى على طول شريط النهر، رغم وجود مراسى أنشأتها المحافظة تسمح لها بالتخلص من مخلفاتها بطريقة آمنة.
وأكد مصدر رفيع فى محافظة الأقصر إلقاء أصحاب المراكب السياحية مخلفاتها أسفل كوبرى البغدادى، ما تسبب فى تلوث المنطقة، مشددا على دور مديرية البيئة وإدارة حماية النيل، التى قال إنها تكتفى منذ سنوات بتحرير محاضر صورية ضد الفنادق المخالفة، والتى لم تفلح فى ردع المخالفين.