وزير الدفاع: مصر تقوم بدور مهم وفعال لمساندة القضية الفلسطينية على مدار التاريخ    بعد الأحداث الأخيرة.. وزارة الهجرة تطلق رابط تسجيل للطلاب المصريين في قيرغيزستان    آخر موعد للتقديم في مسابقة التربية والتعليم 2024.. الرابط والتفاصيل    وزير المالية: حشد كل قدرات الدولة للسيطرة على التضخم ودفع النشاط الاقتصادي    التنمية المحلية: طرح إدارة وتشغيل عدد من مصانع تدوير المخلفات الصلبة للقطاع الخاص    مواعيد وأماكن قطع المياه في عدة مناطق غرب الإسكندرية اليوم    «عاشور» يشارك في المنتدى العالمي للتعليم بلندن بحضور 122 من وزراء الدول    قوات سوريا الديمقراطية تعلن اعتقال المسؤول العسكري الأول في داعش أيمن عبد المعطي بمدينة الرقة    «قانونية مستقبل وطن» ترد على CNN: مصر ستواصل دعم القضية الفلسطينية    عضو ب«النواب»: إغلاق إسرائيل معبر رفح انتهاك صارخ لحقوق الإنسان    بعد الاعتراف بفلسطين.. الاحتلال الإسرائيلي يوجه رسالة توبيخ للنرويج وأيرلندا وإسبانيا    خسائر ب8 ملايين دولار.. أهالي جنين يتفقدون آثار العدوان الإسرائيلي على المدينة    ميكالي: حلم الميدالية الأولمبية مع منتخب مصر يراودني    رومارينهو يودع جماهير اتحاد جدة في التشكيلة المتوقعة لمواجهة ضمك    غيابات بالجملة في قائمة الأهلي قبل مواجهة الترجي    وصول جثمان شقيق هاني أبوريدة إلى جامع السلطان حسين بمصر الجديدة "صور"    محافظ الإسكندرية يتابع استعدادات امتحانات النظرية للدبلومات الفنية للعام الدراسي الحالي    النيابة تطلب التحريات حول دهس سائق لشخصين في النزهة    سقوط عنصر إجرامي شديد الخطورة بحوزته 80 قطعة سلاح ناري بأسيوط    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل زوج شقيقتهم بالفيوم للشهر المقبل    تزامنا مع رفعها.. كيف كانت تُكسى الكعبة المشرفة قبل الإسلام؟    أول تعليق من مي سليم بعد إصابتها في حادث سير: «كنت هموت»    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية في الشرقية والمنيا    مستشار الرئيس للصحة: نستهدف تصدير البلازما للخارج للحصول على العملة الصعبة    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    أسعار البقوليات اليوم الخميس 23-5-2024 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    تداول 15 الف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر ووصول 740 سيارة لميناء بورتوفيق    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    تعرض طالبة الإغماء خلال إمتحانات الإعدادية بالفيوم    تموين الإسماعيلية تضبط 45 مخالفة للمخابز السياحية والأفرنجية والمحال والأسواق العامة    إعلام عبري: العدل الدولية تستعد لإصدار أمر بوقف الحرب في غزة    توريد 197 ألف طن قمح إلى شون وصوامع كفر الشيخ منذ بداية الموسم    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    صباح الكورة.. صدمة في الزمالك ودور ممدوح عباس في الأزمة الكبرى.. لبيب يكشف موقفه من ضم حجازي والشناوي يتدخل لحل أزمة نجم الأهلي وحسام حسن    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    رئيس منطقة الشرقية الأزهرية يتابع استعدادات بدء أعمال تصحيح امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية    رئيس جهاز مدينة 15مايو يتفقد المشروعات الجارية.. ويجتمع بمسئولي الجهاز    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة يختتم فعالياته بحضور رئيسته الشرفية إلهام شاهين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    أمين الفتوى ينفعل على زوج يحب سيدة متزوجة: ارتكب أكثر من ذنب    أحمد العوضي ب «لوك جديد» في احدث ظهور له..ويوجه رسالة (صورة)    انتظام أعمال الامتحانات بكلية أصول الدين بطنطا والشريعة والقانون بتفهنا الأشراف    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    «دول شاهدين».. «تريزيجيه» يكشف سبب رفضه طلب «أبوتريكة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير الشيخ الشعراوي لمعنى ''الأمة''
نشر في مصراوي يوم 17 - 01 - 2016

قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.. [آل عمران : 104].
وكلمة (أمة) تطلق مرة، ويراد بها الجماعة التي تنتسب إلى جنس، كأمة العرب، أو أمة الفرس، أو أمة الروم، ومرة تطلق كلمة (أمة) ويراد بها الملة أي الدين، ومرة ثالثة تطلق كلمة (أمة) ويراد بها الفترة الزمنية كقول الحق: {وَقَالَ الذي نَجَا مِنْهُمَا وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ}.. [يوسف: 45].
إن الرجل الذي فسر له سيدنا يوسف الرؤيا تذكر سيدَنا يوسف بعد أمة أي بعد فترة من الزمن، ومرة تطلق كلمة (أمة) على الرجل الجامع لصفات الخير. {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ المشركين}.. [النحل: 120].
لأن خصال الخير ليس من الضروري أن تجتمع في واحد، ولكنها قد تجتمع في عدد من الأفراد فيكون هناك فلان المتميز بالصفة الطيبة، وغيره متصف بصفة أخرى طيبة، وثالث فيه صفة طيبة ثالثة، ومن مجموع الأمة تظهر صورة الكمال، لكن إبراهيم عليه السلام اجتمعت فيه كل خصال الخير المكتمل.
وساعة أن تأتي لإنسان ونَقول له: ليكن منك شجاع فما ذلك؟ إن معناه، أن يجرد الإنسان من نفسه ويخرج منها شخصا شجاعا، وذلك بتدريبها وتعويدها على ذلك حتى يكون الإنسان شجاعا، أو تقول لآخر: ليكن منك كريم، أي أخرج من نفسك رجلا كريما.
وقوله الحق سبحانه: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخير}.
هذا القول يعني ان يكون منكم أيها المخاطبون أمة تدعو إلى الخير، ومعناه أيضا أن تكونوا جميعا أمة تدعو إلى الخير، وبعض العلماء يرى أن هذا القول يعني: أن تكون منكم جماعة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. ولكنّ هناك فهما أعمق من هذا، وهو أن هذه الآية تأمر بأن تكون كل جماعة المسلمين أمة تدعو إلى الخير، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، إي أن هذه الآية تطالب كُلَّ أمة المسلمين بذلك، فلا تختص جماعة منها فقط بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل الواجب أن تكون أمة المسلمين كلها آمرة بالمعروف، وناهية عن المنكر، فمن يعرف حكما من الأحكام عليه أن يأمر به.
وهناك من العلماء من قال: إن الذي يأتي المنكر له حكم آخر أيضا وهو أن ينهي غيره عن المنكر، أي أن الإنسان المؤمن مطالب بأمرين: الأول: ألاّ يصنع المنكر، والثاني: أن ينهي عن المنكر. ولذلك إن جاء نصح من إنسان ينهاك عن المنكر، وهو قد فعله، فلا تقل له: أصلح نفسك واتبع أنت ما تنصح به أولا، لا تقل له ذلك حتى لا يقول لك ما قاله الشاعر:
خذ بعلمي ولا تركن إلى عملي *** واجن الثمار وخل العود للنار
لكن الأجدر بمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يكون أول العاملين بقوله حتى لا يدخل في زمرة من قال الله فيهم: {ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} .. [الصف: 2-3].
إذن فقوله الحق: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخير} أي جردوا من أنفسكم أمة مجتمعة على أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، واستمعوا إلى قوله تعالى: {والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر}.. [العصر: 1-3].
إن السورة الكريمة توضح العقيدة ومطلوبها وهو الإيمان والعمل الصالح. وبعد ذلك قال الحق: (وتواصوا) ولم يقل (ووصوا) ما معنى (وتواصوا)؟ أي أن يعرف كل مؤمن انه من الأغيار، وكذلك أخوه المؤمن، وقد يضعف أحَدهما أمام معصية فيصنعها، لكن الآخر غير ضعيف أمام تلك المعصية، لذلك يكون على غير الضعيف توصية الضعيف، وعلى الضعيف أيضا ضرورة الانتباه حتى يتواصى مع غيره. فالإسلام لم يجعل جماعة يوصون غيرهم، وجماعة أخرى تتلقى الوصاية، بل كلنا موص- بكسر الصاد- حينما نجد مَنْ من يضعف أمام معصية. وكلنا موصىً،- بفتح الصاد- حين يكون ضعيفا أمام المعصية؛ فالتواصي يقتضي التفاعل بين جانبين.. فمرة تكون موصيا، ومرة تكون موصىً، وكذلك التواصي بالصبر.
فساعة تحدث كارثة لواحد من المسلمين يأتي أخوه ليصبره، وكذلك إن حدثت كارثة للأخ المسلم يصبره أخوه المسلم، فعندما يحتاج مسلم في وقت ما إلى أن يُصَبَّر، يجد من إخوته من يصبره فالأمة كلها مطالبة: {وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر}.
هكذا نفهم معنى قول الحق: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخير وَيَأْمُرُونَ بالمعروف وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر وأولئك هُمُ المفلحون}. والدعوة إلى الخير يفسرها الحق بأن يأمر الإنسان بالمعروف، وأن ينهى عن المنكر.
ويقول الحق: {وأولئك هُمُ المفلحون} أن كلمة {المفلحون} هي كلمة معها دليلها، فالمفلح هو الذي أخذ الصفقة الرابحة. والكلمة مأخوذة، من فلح الأرض. فالذي يفلح الأرض ويحرثها ثم يزرعها يجد الثمرة تجيئه في النهاية، وقد جاء الحق بالمسألة المعنوية من أمر محس. وبعد ذلك يريد الحق أن يعطينا شيئا آخر فيقول: إياك أن تظن أن المشقة التي تصيبك حين تفعل خيرا لا تعود عليك بالراحة، أو أن النقص الذي تفعل به الخير لا يعود عليك بالكمال، فمثلا الإنسان الذي فلح الأرض وأخرج (كيلة) من القمح وبذرها فيها. هذا الإنسان قد تكون له زوجة حمقاء تقول له: إننا لا نملك إلا أربع (كيلات) من القمح فكيف تأخذ (كيلة) لترميها في الأرض، إن هذه المرأة لا تعرف أن (الكيلة) التي أخذها الزوج هي التي ستأتي بعدد من الأرادب من القمح.
فإياك أن تفهم أن الإسلام يأخذ منك شيئا إلا وهو يريد أن يعطيك أشياء.
إن الفلاح الذي يشقى بالحرث وبالري، وتراه وقد علا جبهته العرق وتراب الأرض وتغوص أقدامه في الطين والمياه، إنك تراه يوم الحصاد وهو فرح مسرور بغلته. أما غيره الذي لم يشُّقَ بالحرث ولم تعل جبهته حبات العرق، فيأتي في هذا اليوم وهو حزين ونادم. فإياك أن تنظر إلى تكاليف الدين على أنها أمور تحرمك النفع، إنّها أمور تربّب لك النفع أي تكثر لك النفع. وإياك أن تظن أن حكما من أحكام الله قد جاء ليجور على حريتك بل جاء ليمنع عنك اعتداء الآخرين.
وقلنا من قبل: إن الشرع حين كلف كل إنسان ألا يسرق مال أحد، فهو تقييد من أجل حفظ أموال الملايين، وهو أمر ضمني لكل الناس ألاَّ يسرقوا شيئا من هذا الإنسان، وهنا نجد الأمان ينتشر بالإيمان بين الجميع.
ولو نظرت إلى ما منع الدين الناس أن يمارسوه معك لعرفت قيمة التكاليف الإيمانية. إن التكليف حين يأمر ألا يمد أحد عيونه إلى محارم جاره، هذا التكليف صادر للناس جميعا حتى يحمي الله لك محارمك من عيون الناس، لقد قََيَّد التكليف حرية الآخرين من أجلك وهم كثيرون، وقيد حريتك من أجل الآخرين وأنت واحد.
إذن فيجب أن نذكر أن كل تكليف يعطي صلاحا وفلاحا، فالأرض تأخذ الحبة وتعطيك سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، فلا تنظر إلى ما أخذه التكليف من حريتك، لأنه أخذ لك من حريات الآخرين أيضا. ولا تقل: إن التكليف قد نقص حركتي لنفسي، لأنه سيعطيك ثمرات أكثر مما أفقدك.
ويقول الحق من بعد ذلك: {وَلاَ تَكُونُواْ كالذين تَفَرَّقُواْ واختلفوا مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ البينات...}.
المصدر: موقع نداء الإيمان
موضوعات متعلقة:
- تفسير الشيخ الشعراوي لمعنى الإعتصام بالله
- تفسير الشيخ الشعراوي للمعنى الحقيقى للتقوى
- تفسير الشيخ الشعراوي لتعجب القرآن من موقف المؤمنين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.