ظلت عاصمة المملكة البريطانية لندن محتفظة بلقبها "عاصمة الضباب"، كناية عن طقسها الذي لا يعرف الشمس في أغلب أيام السنة، وسيطرة السحب والضباب والغيوم على سمائها، ولكن مؤخرا انتقل اللقب إلى عاصمة التنين الصيني "بكين"، ولكن هذه المرة بسبب الدخان وليس الطقس. وانطلقت يوم الاثنين في العاصمة الفرنسية باريس قمة المناخ 2015 بحضور أكثر من 150 رئيس دولة وحكومة، والتي تعد أكبر قمة دولية في هذا الشأن، من أجل التوصل إلى اتفاق جديد للتغير المناخي خلال أسبوعين يرمي إلى تخفيض انبعاثات الكربون عالميا والحد من الاحتباس الحراري. وعلى الرغم من إقرار السلطة التشريعية لبلدية العاصمة الصينيةبكين العام الماضي، قانونا جديدا للسيطرة على تلوث الهواء من شأنه أن يغطي تصريف الملوثات في المدينة بشكل شامل، بالإضافة إلى فرض عقوبات أقسى على المخالفين، فإن موجة كثيفة من الضباب الدخاني غطت العاصمة الصينيةبكين يوم الأحد، حيث بلغت مستويات تلوث الهواء نحو 15 ضعفا لحد السلامة الذي حددته منظمة الصحة العالمية، وفقا لإحصاءات أمريكية. وحذرت السلطات في العاصمة الصينية من "تلوث شديد" ونصحت سكان بكين البالغ تعدادهم 20 مليون نسمة بالبقاء داخل منازلهم. وبلغ تركيز الجسيمات الدقيقة الضارة في الهواء بالعاصمة إلى 356 ميكروجراما لكل متر مكعب عند الساعة 11 صباحا، وهو ما يعد في نطاق أعلى مستويات المقياس ويعتبر "خطيرا"، وفقا لقراءة مؤشر جودة الهواء للسفارة الأمريكية. وكان تركيز الجسيمات الدقيقة الضارة في الهواء قد بلغ 434 ميكروجراما في المتر المكعب ظهر يوم السبت، وهو رقم يفوق بأضعاف المستوى الآمن الذي حددته منظمة الصحة العالمية عند 25 ميكروجراما لكل متر مكعب يوميا. وتتسبب تلك الجسيمات في مشكلات صحية خطيرة حيث إنها تتغلغل بعمق في الرئتين. وبحسب موقع "بي بي سي" عربي، ارتدى معظم المشاة على الأرصفة في وسط بكين أقنعة الوجه أو غطوا أنوفهم وأفواههم بملابس، ولكن العديد ممن يعملون في شركات صغيرة ويقضون معظم ساعات اليوم خارج المنازل لم يعبأوا بالضباب الدخاني. وقال بائع متجول للوجبات الخفيفة "انه مثل كل فصل شتاء، ليس هناك جدوى من محاولة تجنب ذلك". وفي الأسابيع الأخيرة، تراوحت قراءات التلوث على مؤشر جودة الهواء بين 200 إلى 300 ميكروجرام لكل متر مكعب في العاصمة، على الرغم من تعهدات الحكومة بتحسين البيئة. الباحث في المركز الصيني للتحكم في الأوبئة ومركز أبحاث الحماية من الإشعاعات والأمن النووي شانج بينج، كتب مقالا في صحيفة الشعب الحكومية، نفى من خلاله ما وصفه بالادعاءات بأن "التلوث النووي" هو المتسبب في الضباب الدخاني بشمال الصين، وقال إنه ادعاء لا أساس له من الصحة. وقال الباحث في مقاله، إن عدم التفتت السريع للضباب الدخاني في شمال الصين ، ناجم عن اليورانيوم المشع في مناجم الفحم بمنغوليا الداخلية موضحا أنه خلال أبحاث الإشعاع في البيئة المنجمية، والدراسة التى قام بها حول أكثر من عشرين منجم فحم كبيرا في منغوليا الداخلية، نينغشيا، خهبي، شانغشي وغيرها من 10 مقاطعات صينية ما بين 2006 و2008، كانت النتيجة معاكسة، حيث كان مستوى الإشعاع في أكبر 3 مجمعات منجمية بمنغوليا الداخلية منخفض جدا، وكانت هناك بعض العينات التي تحتوي على اليورانيوم، لكن محتوى الراديوم كان أقل حتى من الحد الأدنى للمعدات، كما أن كمية الراديوم في المناجم المحاذية للعاصمة الصينيةبكين، وفي خهبي وشانشي تعد أقل من المتوسط الوطني. وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينج، خلال كلمته امام قمة المناخ بباريس، بتخفيض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030، مع استمرار العمل على صناعة المدن الذكية والتصدي للكوارث الطبيعية التي تدمر حياة المدنيين كل عام، ونعتزم إنشاء صندوق للتوفير فرص تدريبية لمواجهة التغييرات المناخية. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس)، يتضمن النص المطروح لختام قمة المناخ والذي جاء في خمسين صفحة موزعة على فصول رئيسية: خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، وهو هدف بعيد الأمد، والتكيف مع التغير المناخي، وتمويل سياسات دول الجنوب على صعيد المناخ، وآلية لرفع التزامات الدول بصورة منتظمة، وغيرها. ويفترض بالاتفاق الذي تأمل الأطراف في التوصل إليه بحلول 11 ديسمبر أن يسمح للعالم بدخول منعطف تاريخي للابتعاد عن مصادر الطاقة الأحفورية التي تؤمن اليوم قسما كبيرا من الطاقة في العالم غير انها تتسبب باحتباس حراري غير مسبوق.