رئيس جامعة أسيوط يتابع إجراءات وخطة عمل اللجنة العليا للتدريب والتطوير    مؤشر الدولار يستقر عالميا بعد ارتفاعه 3 جلسات متتالية    وزير الصحة: 14 مليار جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة سنويا    تشكيل لجان فنية لسرعة البت في طلبات التصالح بمراكز وأحياء الجيزة    عاجل| سحب شقق الإسكان متوسطي الدخل لكل من يتخلف عن سداد دفعتين متتاليتين    قافلة زراعية وندوة إرشادية لمزارعي القطن والأرز بكفر الشيخ    مصدر ل"القاهرة الإخبارية": جار العمل على حل النقاط الخلافية في مفاوضات الهدنة بغزة    باحث: المفاوضات في مصر تتسم بالشمول.. والقاهرة تريد وقف إطلاق النار    بالفيديو.. رئيس حزب الشعب الديمقراطي: مصر هي أيقونة السلام في العالم    أول تعليق من خوسيلو بعد قيادة ريال مدريد للنهائي الأوروبي    بعثة الزمالك تتوجه إلى المغرب لخوض نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    ختام امتحانات النقل الثانوي والقراءات بمعاهد الشرقية الأزهرية دون شكاوى    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في العملة بقيمة 21 مليون جنيه    حسين فهمي ضيف شرف اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    مفاجآت سارة ل5 أبراج خلال شهر مايو.. فرص لتحقيق مكاسب مالية    «ثقافة روض الفرج» يشهد العرض المسرحي «إلكترا» اليوم    الكشف على 278 مريضا في قافلة طبية لجامعة بنها بقرية مشتهر    ألذ طريقة لتحضير الكشري المصري في المنزل بخطوات سهلة وبسيطة 2024    ضبط 5736 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24ساعة    خبير: إسرائيل تضلل العالم بأن عملية رفح ليست شاملة وتسعى لوقف المساعدات    الحوثيون يستهدفون 3 سفن إسرائيلية في خليج عدن وبحر العرب    رئيس جامعة حلوان يستقبل وفداً من جامعة 15 مايو    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    عبد الملك: هدف غزل المحلة العودة للمربع الذهبي في الدوري.. وما أسعدني فرحة الجماهير    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    وزير الري: زيادة الإيرادات تساهم في تحسين منظومة التدريب وبناء القدرات    وزير التجارة يبحث مع نظيره الأردني فرص تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة    صور | طلاب أولي ثانوي بالوادي الجديد يؤدون امتحانات نهاية العام    12 صورة بالمواعيد.. تشغيل قطارات المصيف إلى الإسكندرية ومرسى مطروح    مصرع شخص وإصابة 4 آخرين في حادث تصادم بسوهاج    باحثو شركة أبل يطورون نماذج الذكاء الاصطناعي داخل أجهزة آيفون    وزير التعليم العالي يتفقد جامعة السويدي للتكنولوجيا    طلب إحاطة بتعديل مكافآت طلاب الامتياز ورفع مستوى تدريبهم    بدء الدراسة بكليتي الفنون البصرية والطب البيطري بجامعة بنها الأهلية العام المقبل    طه حسين والبيرة والأزهر.. يوسف زيدان يرد على مهاجمة "تكوين" - فيديو    تعرف على إيرادات فيلم "السرب" بعد أسبوع من طرحه بالسينمات    رئيس مهرجان المركز الكاثوليكي: لا نمانع من وجود مشاهد جريئة طالما لها سياق درامي    "رجعوا لبعض".. فنانة تكشف عودة ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضي    قبل امتحانات نهاية العام 2024.. احرص على ترديد هذه الأدعية    دعاء الامتحانات مستجاب ومستحب.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    بوتين يحيي ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية    فئات هم الأكثر عرضة للإصابة بمتحور كورونا الجديد.. المتعافين من الفيروس ليسوا بمأمن    وكيل التعليم بسوهاج يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني    تعرف علي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي    شقيق العامري فاروق: نطق الشهادة قبل دخوله في غيبوبة    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    علي جمعة: القلب له بابان.. وعلى كل مسلم بدء صفحة جديدة مع الله    الرئاسة الفلسطينية: وحدة الأراضي خط أحمر ونلتزم بالقانون الدولي ومبادرة السلام العربية    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    حكم الحج لمن يسافر إلى السعودية بعقد عمل.. الإفتاء تجيب    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جمال شوشة": حرب أكتوبر مش مبارك وفخور بعملي في بوفيه
نشر في مصراوي يوم 01 - 11 - 2015

بخفة روح ومرح كان "جمال شوشة" يحضر أحد الطلبيات للعاملين بالشركة التي يعمل بها، يمازحه صديقه بالعمل "أنت اللي رعبت جولدا مائير"، ترتسم بسمة على وجه الرجل الستيني، قبل أن يتذكر ويحكي عن أيام حرب لا ينساها، كان فيها واحدا ممن ألقوا بحياتهم على الجبهة، انفلت من الموت مرات، من أجل لحظة نصر وطن يعشقه رغم ضيق الحال، أحداث تزاحم ذاكرته التي تقاوم النسيان، رغم انتهاء الحرب وأيامها، ولا يزال يملؤه بالفخر، يحكيه لأولاده وأحفاده.
"جمال سليمان محمد شوشة" ابن كتيبة صواريخ 21 بالقوات المسلحة، يتذكر وقت أن شعر بتحفُز مختلف وسط صفوف زملائه، الكتيبة تستعد لاستلام ذخيرة وأسلحة، عدد من الضباط يعودون من إجازاتهم، استدعاء الجنود بحزم في الرابع من أكتوبر، إطلالة للقائد "أبو غزالة"، "حسيت إن روح أكتوبر بدأت"، يقولها جمال واصفا ساعات ما قبل الحرب.
الأسلحة تتأهب، للحظات فُقد فيها الأمل من قيام الحرب، أيام وشهور كان يطغي حديث المعركة المرتقبة من الرئيس السادات، لكن دون فعل "الحرب كانت مفاجأة لينا ولإسرائيل"، أربعة بيانات صدرت من القوات المسلحة قبل البيان الخامس الذي أعلن قيام حرب أكتوبر، يتوقف جمال عند تلك اللحظة بالدموع، وقت أن همً قائد الكتيبة رافعا كلتا يديه "الحرب قامت يا رجالة"، شعور بالخوف والاستعداد معا اختلط في الشاب الذي لم يكمل عامه العشريني، ودخل إلى لحظة الحرب مصادفة.
فشل في الثانوية وانتصر على الجبهة.
وسط طلبات لا تنتهي من موظفي الشركة يتذكر عم "جمال" أيام مضت، سقوط في مرحلة الثانوية بالدراسة، بعد رسوب آخر لأخيه الأكبر في كلية الهندسة، جعله يدفع الثمن، حين قرر والده معاقبته بدفعه إلى الجيش "وقتها كنا بنخاف من أهلينا، ومينفعش نكسر لهم كلمة، وأنا كنت الصغير"، يتذكر "جيمي" الاسم الذي يناديه به المقربون منه- لحظة أن وطأ إلى منطقة الحلمية للتقدم بأوراقه للجيش، نصحه أحد الجيران بألا يذهب، فيخشى والده ويتقدم في أواخر العام 1972 إلى القوات المسلحة، وتبدلت رؤيته للجيش.
لا تُمحى لحظات الحرب من ذاكرة ابن كفر الشيخ إبراهيم بقرية قويسنا بالمنوفية، والذي ظل في الجيش لفترة 17 عاما، حتى خرج من الخدمة، خطوات ثقيلة ممزوجة بالفخر يعبر بها وسط زملائه للضفة الشرقية لقناة السويس، تكبيرات وسجود، وأعمال للانتهاء من حُفر برميلية لإخفاء الجنود عن الاستهداف، يتذكر جمال رفيقه "علي مخيمر" ضابط الاستطلاع المجاور له في حفرة أخرى "وقت ما وقعت قذيفة عليه كفناه ودفناه في مكانه"، كان الجنود يتوضؤون قبل أن الدخول إلى ساحة المعركة، يقول "عشان لو متنا نكون طاهرين".
منذ السادس من أكتوبر وحتى 13 أكتوبر، كان جمال جنديا على الجبهة، وسط صراع تواتر إليه من جهاز الإذاعة عن النية في وقف إطلاق النار، شعر فيهم جمال بالخوف والموت وفرحة الانتصار، وقت أن اقترب فيها الطيران الإسرائيلي من أماكن الجنود، ووقت أن دُفع بالكتيبة لأطلاق الصواريخ بعد أن نفدت الذخيرة في كتيبة أكثر قربا من العدو، رأى جمال الدبابات الإسرائيلية تقترب من الجانب المصري، "وقتها خدنا أوامر اتجاه ومسافة ونضرب صواريخ".
صفعة لا ينساها
في ذلك اليوم موقف لا ينساه الجندي على الجبهة، وقت أن شعر بالهزيمة فقال بمرارة "اتهزمنا اتهزمنا"، فصفعه رئيس الكتيبة الخاص به، "لسة فاكر المشهد ده، اسمه عبد الرحيم، ضربني وقالي اوعى تقول مصر اتهزمت، دي مناورة"، وقت أن كان موقع الكتيبة في وسط الكتائب على الجبهة، "طائرات إسرائيل كانت بتشيل الدبابات على الجبهة أدام عينينا، وكانت الطائرات بعيدة زي النجوم وبتضرب فينا بعشوائية"، دفعت الكتيبة من تلك الضربات شهداء منهم قائد الكتيبة ورئيس عملياتها.
لم تهدا الكتيبة إلا عندما وضعت الحرب أوزارها بقرار 338 من مجلس الأمن، ووقف إطلاق النار في 24 أكتوبر، ترتبط ذكراها في ذاكرة الجندي بيوم وفاة الكاتب المصري طه حسين، أنفاس استرجعها ابن كتيبة الصواريخ بعد وقف إطلاق النار، لقاء بأحد الأشخاص وهو من جيرانه وقت أن كان مقيما في منطقة الأزهر، يكون هذا الشخص مرسالا فيما بعد ليطمئن أهله، والذي غاب عنهم ما يقارب من أربعين يوما طوال فترة الحرب، أموال جمعتها الكتيبة مما تبقى معهم لشراء طعام وسجائر، "مكنش فيه فرق بين جندي ولا قائد، كله كان واحد"، قرية صغيرة في الإسماعيلية قدمت المساعدة للكتائب، كان فيهم فتاة أصبحت زوجة لجمال بعد الحرب بسبع سنوات، ليتم زواجه في 1980.
لا يزال جمال يذكر لحظات أول يوم بعد الحرب في عودته للقاهرة، الدموع انهمرت من عينيه عند ذكر اللحظة التي مر عليها 24 عاما، لباس الأفرول العسكري المتسخ، وأموال قليلة لا تكلفي لإيصاله للمنزل، في السابعة صباح الثالث من نوفمبر، يستقل تاكسي ويذهب به إلى الأزهر، في الطريق يستأذن من السائق أن يحصل على باقي الأموال من بيت أهله، لكن فخر ومحبة تخرج من السائق إلى الجندي الصغير، "ده انتوا شرفتونا وجبتولنا النصر"، ليكون أول المهنئين لجمال، لحظات استرجع فيها راحته من الحرب وقال "نسيان القرب من الموت نعمة، لكن فيه حاجات لا يمكن أنساها".
"هو أنت لسة مامتش؟".. سؤال من الأب فور رؤية ابنه المحارب، أحضان من الاهل والأشقاء بعد أمل مفقود في العودة كلما مرت الساعات بعد الحرب، "كان مفيش فيه أي وسيلة تواصل بينا وبين أهلنا، كنا بنسمع أنهم بيبعتولنا جوابات، لكن مفيش حاجة وصلت لينا، وإحنا مش عندنا وقت نكتب جوابات".
"نقطة في بحر الجيش"
توقف الحرب لم تكن رغبة الجندي جمال، ورغم طاعة الجنود لأمر القيادة كان يرى أن كامل الأرض ربما كان يعود بالسلاح، "إحنا خدنا 15 كيلو بالحرب وباقي الأرض بالتفاوض، لكن مينفعش نقدر نقف أكتر من كدة أمام أمريكا اللي مولت أسلحة إسرائيل"، لا يزال يحمل الفخر لقائد الحرب أنور السادات، إحساس بمرارة الغدر حين شاهد مقتله على الهواء في حفل الكلية العسكرية 6 أكتوبر 1981، "وقتها حسيت أنه هيحصله حاجة"، يستهجن المحارب القديم اختزال حرب أكتوبر لمدة 30 عام في شخصية مبارك بطل الحرب والسلام، يرى جمال أنه دور الإعلام.
من فرد استطلاع إلى حكمدار طقم في السرية، ثم عامل في الماليات لمدة عشرة سنوات في الجيش، كانت طريق جمال في سلك الجيش، إحساس النصر والفخر يغلب على جمال رغم عدم التكريم، الذي لا يزال يروي لأحفاده الثمانية، بعد روايته لأبنائه الأربعة "مروة ومي ومحمد ومريم" حكايات الحرب، لا يرى الجد أن جيل الشباب يعرف ما يكفي عن الحرب وأيامها، يشعر بفخر تلك الأيام حين يقول أقاربه لأحد جديد "ده بطل حارب في أكتوبر"، يقول المجند القديم عن نفسه "أنا نقطة في بحر الجيش اللي عمل النصر".
"التكريم الحقيقي من الناس".
ذكرى أكتوبر العطرة لا تزال تعرف طريقها إلى نفس جمال، "كل ما يجي يوم 6 أكتوبر بحس إن ده عيدي"، عمل "شوشة" لفترة طويلة في حزب مصر الفتاة ثم حاليا عامل في بوفيه إحدى الشركات الخاصة، لا يشعر بإهانة لكونه عامل بسيط الآن "أنا بحب الحيطان والأرض في شغلي، وطالما بحب مش بتأذي حتى لما أروح كل يوم من المنوفية إلى القاهرة".
منذ أيام وجد جمال علما لمصر ملقى على أحد الطرقات، العلم الصغير أفرد له العامل مكانا على نتيجة منزله، بعد أن صنع له دبارة صغيرا معلقا له، رأته الزوجة ثم دلفت بسؤاله "هى مصر اديتك إيه؟"، ليرد عليها "مصر ادتني كتير، مش لازم نياشين أو تكريم، كفاية حبي للبلد"، لا يشعر الرجل الستيني بمرارة عدم وجودة في اثنين وأربعين احتفالا لنصر أكتوبر، "كل سنة بيتم تكريم القادة، وكان فين نية لتكريمنا بنجمة سيناء من السادات، لكن صعب يكرم كل الجيش، إحنا كنا بنحارب على الجبهة وكتير مننا يستحق التكريم".
علاقات منقطعة بين زملاء الحرب، يقول "إحنا بقينا طبقات، اللى ربنا فتح عليه واللي على أده"، لا يزال يذكر مشاهدته لزميل له يُدعى "أحمد" عرفه في منتصف التسعينات في محطة مصر، أثناء ذهابه إلي بلده بالمنوفية "كنت بشبه عليه لكن تأكدت إن هو من إصابة رجله اللى خدها من لغم في صحراء سيناء، وقتها خدته بالحضن".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.