«الوطنية للانتخابات» تشيد بدور الإعلام والناخبات في تسهيل عملية التصويت    رئيس الوزراء يستعرض مع «المشاط» نتائج أعمال اللجنة الاستشارية للاقتصاد الرقمي    «المشاط» تؤكد أهمية مشروعات تحلية ومعالجة المياه في مصر    محافظ المنوفية: صرف مساعدات مالية وعينية لعدد من الحالات الإنسانية    عاجل| بنك مصر يخفض سعر الفائدة 1% على حسابي المعاشات وسوبر كاش    وزير المالية: توسيع القاعدة الاقتصادية والإنتاجية والضريبية هدف استراتيجي للدولة    عاجل| تعطيل العمل بكافة البنوك في مصر يوم الخميس الموافق الأول من يناير 2026    إكسترا نيوز: مساعدات تعبر رفح إلى غزة وسط أمطار غزيرة    الأونروا: سكان غزة يعيشون في خيام بالية مغمورة بالمياه    قطر تستعد لتنظيم دورة ودية لمنتخبات كأس العالم 2026.. هل يشارك الفراعنة؟    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    القوات الروسية تحرر 5 بلدات في مقاطعة زابوروجيه وجمهورية دونيتسك الشعبية    مدرب زامبيا: درسنا المغرب جيدًا والمواجهة لن تكون سهلة    أمم إفريقيا - مؤتمر بوميل: منتخب مصر يمتلك فريقين.. وعلينا التركيز على أنفسنا    الشباب والرياضة بالمنوفية: فتح باب القبول للانضمام إلى مشروع البطل الأولمبى    17 يناير.. المديريات التعليمية تنتهي من الاستعداد لامتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط 1000 كجم دقيق و250 كجم ملح في حملة تموينية بالقليوبية    ضبط شخصين بسوهاج لتوزيعهما أموالاً على الناخبين لدفعهم للتصويت    حقيقة اختطاف أجنبي بالقاهرة.. الداخلية تكشف تفاصيل الواقعة    فن الحرب، يوسف الشريف ينشر أول صور من كواليس مسلسله الجديد    رمضان 2026| صراعات عائلية تهدد الإمبراطورية لماجد المصري في «أولاد الراعي»    رد ناري من عمر الفيشاوي على أزمة شقيقه مع المصورين في عزاء والدتهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الصحة: الشيخ زايد التخصصي يجري قساطر قلبية معقدة تتجاوز تكلفتها مليون جنيه على نفقة الدولة    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    هل تستعد OpenAI لإدخال الإعلانات إلى شات جي بي تي؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 28-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    21 مواطنًا يحصلون على جنسيات أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية    العراق يتسلم 6 مروحيات "كاراكال" فرنسية لتعزيز الدفاع الجوي    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    8 أبطال بجنوب سيناء يصعدون للمشاركة في تصفيات أولمبياد المحافظات الحدودية بالوادي الجديد    يسبب سرطان المعدة والسمنة.. وزارة الصحة تحذر من الإفراط فى تناول الملح    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    اليوم.. جنازة المخرج داوود عبدالسيد من كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    حبس مها الصغير شهر بتهمة سرقة لوحات لفنانين أوروبيين وتغريمها 10 آلاف جنيه    كاسات الزبادي بالفواكه والمكسرات والعسل، فطار خفيف أو سناك مشبع    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    إصابة شخصان إثر تصادم ميكروباص مع توك توك بقنا    لافروف: القوات الأوروبية في أوكرانيا أهداف مشروعة للجيش الروسي    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    محمد معيط: العجز في الموازنة 1.5 تريليون جنيه.. وأنا مضطر علشان البلد تفضل ماشية استلف هذا المبلغ    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    فيديو جراف| تسعة أفلام صنعت «فيلسوف السينما».. وداعًا «داود عبد السيد»    عضو بالأرصاد: توقعات بأمطار متوسطة على السواحل الشمالية الشرقية اليوم    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسس فرقة "ابن عربي": قدمنا حفلا بباريس اليوم التالي لحادث "شارلي إبدو".. والتصوف ليس خرافة (حوار)
نشر في مصراوي يوم 29 - 04 - 2015


أحمد الليثي ودعاء الفولي ورنا الجميعي:
تصوير: محمود أبو ديبة
من الزاوية "الصديقية الدرقاوية" بمدينة طنجة المغربية كانت الفكرة، عقد أحمد الخليع العزم على تأسيس فرقة يرفع بها مذهب الصوفية عاليا، كما أراد شيوخه دائما، أسماها "ابن عربي" تيمنا بالشيخ محي الدين ابن عربي، أستاذه الأكبر.
27 عاما مرت منذ انطلاقها في 1988، سافر أعضاء الفريق الستة إلى أكثر من 20 دولة، بينها فرنسا، أمريكا الجنوبية، القدس المحتلة، البوسنة والهرسك، أحدثت مقطوعاتهم ضجة؛ فطلبهم ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز عام 2011 لإحياء حفل، لم يردعهم عن الطريق اتهام البعض للمتصوفة أنهم بعيدون عن أصول الدين ومنغمسون في عالم منعزل، غير أنهم –ابن عربي- يؤمنون أن "السماع" يزرع سلاما بنفس المتلقي ولو اختلف عنهم في اللغة والدين والجنس.
مصراوي حاور مؤسس الفرقة –الحاصل على درجة الدكتوراه في التصوف من جامعة السوربون- لمعرفة تفاصيل أكثر عنهم؛ ما أبرز محطاتهم وما قصة انطلاقهم، لماذا لم ينتجوا سوى ألبومين فقط، طقوسهم وطلباتهم للجمهور بالالتزام بآداب معينة لحضور الحفلات، وما الربط بين ما يعتقده البعض غناءً رومانسيا، فيما يشرحه مؤسس ابن عربي بأنه "حب إلهي". كيف يرى "الخليع" علاقة مصر والمغرب في التصوف، وماذا عن ردود أفعال غير العرب على فنهم.

كيف انطلقت فرقة "ابن عربي"؟
في البداية فكرت كيف أنشر موسيقى السماع في ربوع العوام وأخذت رأي شيوخي في ذلك فوافقوا على الفور، وكان ذلك في عام 1988.. كنت دومًا مهووسًا بمحاولة جعل التغني داخل الزوايا مسألة عامة يعرفها الناس على خشبات المسارح، كي لا يُنسى التصوف، فكلام ابن الفارض لا يعرفه أحد، هناك قصائد راقية للغاية، منها؛ "إن يمنعوا عني جمالك أن يرى.. لن يحجبوا عني خيالك في الكرى.. يا من ببهجته تحيرت الورى.. زدني بفرط الحب فيك تحيرًا.. وارحم حشا بفرط هواك تسعرًا"، هذه القصيدة لا يعرفها غير الدارسين، نُحاول إيصال المعنى لهؤلاء الناس، فهناك مفاهيم مغلوطة تجعل التصوف خرافة وبدعة، وهذه مسائل ما أنزل الله بها من سلطان.
"عبد الله أعطى الروح للفرقة وما نقدمه سماعا وليس غناء"
-لماذا بدأتم كفرقة موسيقية فقط دون منشد؟
لأنه كان يجب أن يكون هناك المنشد المطلوب، وقتها كنا ثلاثة؛ أسامة الخليع، أنا وعبد الواحد صنهاجي، ظللنا نعزف مقطوعات صوفية للمشاهير، كان عقلي يحفظ الألحان القديمة، فكثير من الألحان التي نقدمها حفظتها من قبل ودونّاها، وهذه المقامات بعضها يوجد في شمال المغرب وقونية بتركيا عند طرق المولوية.
متى انضم "عبدالله المنصور" للفرقة؟-
انضم إلينا بعام 2002، بعمر ال16، وقد سجلنا ألبومًا في ذات العام، وخرج السنة التي تليها.
-وما الذي أضافه إلى "ابن عربي"؟
عبد الله أعطاها الروح، الموسيقى مع المنشد تأخذ بالألباب مرتين، فهو يلعب 90% من الدور، والباقي للفرقة.
-كل مقطوعاتكم تعتمد على عبد الله، فيما ضم حفل قصر النيل قصيدة رددتم فيها معه. لماذا؟
هذه المقطوعة هي شعر صوفي لسيدي "محمد الحراق"، يقول مطلعها:" سلوا الحب عني هل أنا فيه مدعي، فإنه يدري في الصبابة موضعي، ويعلم حقا أن لي أحبّة أحبهم بالطبع لا بالتطبع". الترديد مع المنشد جزء مما نفعله في الزاوية فأردنا نقل الحالة للمسرح.
هل هناك لحظة لم تنسها خلال مشوارك مع ابن عربي؟-
عام 2006 كانت هناك سيدة قالت لي "أنا بحب الإسلام وموسيقاكم"، لكنها على غير الدين الإسلامي، وبكيت كثيرًا، هذه السيدة أقامت مشاريع عديدة كما شاركت في بناء مساجد، كذلك لم أنس الحفلة التي أقمناها بباريس بعد حادث "شارلي إيبدو" بيوم واحد "باريس مقلوبة وفيه بوليس"، اعتقدنا أنه لن يأت أحد، غير أن الحفلة اكتمل عددها بالإضافة إلى 500 شخص منتظرين بالخارج، وكانت نسبة كبيرة منهم أجانب، كما شكرنا وزير الثقافة الفرنسي بعد الحفلة.
"التصوف ليس خرافة والأوروبيون لا يفهمون ما نقول ولكن يتذوقونه"
-كباحث في الصوفية.. في اعتقادك لماذا يتهم البعض المتصوفة بالبعد عن الواقع والدين؟
التصوف مسألة ذوق وهو إما أن نكون له دارسين كما يفعل المستشرقون وهم يسلمون أخيرا على غالبيتهم، أو يكون مأخوذا من التراب الذي مر عليه ألف سنة، من شروط الشخص الصوفي أن يكون له شيخ عارف بالله مُربٍ عارف بأمراض القلوب وأدواءها؛ تلك العبارة يجب أن يضعها الناس أمامهم، وكما ربى رسول الله أصحابه؛ فقد قال الصوفية من لا شيخ له فشيخه الشيطان، في التصوف مفهوم الشيخ والمريد ضروري جدا والعمل بهذا المفهوم "هو اتباع الخط النبوي"، أما قول الإنسان إني سأكون صوفيا بنفسي ومن نفسي، فهو زاهد ومتعبد، هذا ليس متصوفا.
-إذًا ما هو التصوف الحق؟
التصوف ليس خزعبلة أو خرافة، وليس لبس الصوف المرقع، ولا الغناء إذ غنى المغنون، التصوف أن تصفو بلا كدر وتتبع الحق والقرآن والدين، هذا هو التصوف.
-حدثنا عن مفهوم "الشيخ والمريد"؟
غرض الشيخ والمريد هو التربية النفسية للمريد، أن يحاول استئصال كل ما له علاقة بحبك لنفسك الباطن. الرسول ثم ورثته يقولون إنك لا يمكن أن تصل للحقيقة إلا بطريق مؤد إليها، علماء الحديث وضعوا القواعد وتكلموا في السند، ووضعوا كتبا في الجرح والتعديل، وعند الصوفية لابد من سند كذلك السند للوصول لرسول الله، وهذا السند هو شيوخهم، والشيوخ هم الورثة، يقولون في الصوفية إنه "من فاته عارف زمانه فقد فاته كل شيء". والبعض يتبعون شيوخا خاطئين يودون بهم إلى الهلاك، لكنه ليس عيب التصوف، بل المريد الذي يتبع كل كذاب أشر، ولكن هؤلاء المربون وجدوا وما زالوا ولن يقطع الله منهم الأرض.
قلتم إنكم لا تؤدون أناشيد ولا أغاني، بل سماعا صوفيا، فما هو السماع؟-
هُناك سماع إلهي وسماع طبيعي، الصوفية مجمعون أن سبب كون العالم سماع وسبب وجوده محبة، الله قال "كن فيكون"، سمع العدم كن فكان، في الحديث صحيح المعنى، يقول المولى: كنت كنزًا مخفيًا فأحببت أُعرف فخلقت الخلق ليعرفوا، يعبدون أي يعرفون، العبادة هي معرفة الله، وإلا حركات فقط، أما السماع الطبيعي فهو ما تقبله طريق أهل كل بلد كالصعايدة في مصر وغيرهم.
-ذكرتم على صفحتكم بالفيسبوك آدابا للسماع؛ فلا يحضر مجلسكم متكلم أو آكل أو شارب أو متثائب، فلماذا؟
السماع لا يكون إلا بزمان أو مكان وإخوان، زمان ترتاح إليه النفس والأمكنة؛ الزوايا والخوانق والمساجد أولى، والإخوان هم المستمعون، فلا يعمل السماع إلا لمن يستمع، فعلى عكس كل من يغني، ففي السماع الصوفي المردود على المستمع، لأنك في استماعك تسمع بحق فتصل إلى الحقيقة، يُطرد المتكلمون في مجالس الاستماع، لأن الناس تهتم بالذي يُقال فلا تفهم ما يتم تأديته.
لكن هل هناك في طرق الصوفية ما يمنع السماع والموسيقى؟-
لو تتبعنا كتب الصوفية عن الآلات؛ هناك من أباحها مطلقة أو منعها مطلقًا، وهناك من قال بالسماع المطلق -وهو ما نؤمن به- أي أنا أنتشي بكل مسموع، أسمع من الرعد والمطر وغيرهم، أنا صخر كله لا يؤثر فيّ شيء، إنما أسمع من الحق وأنطق به.
"بعض الصوفية اعتبروا قيس ابن الملوح كان من العارفين بالله"
-قدمتم قصائد في حب النساء ك"سلبت ليلى"، بينما يرى البعض أن ذلك لا علاقة له بالحب الإلهي، ما رأيك؟
هذه الصورة للنساء يريد بها الصوفي تقريب المعنى عن طريق بشري، فالذي يشغل الصوفية هو الحب في ذاته وليس شخص. الحب ارتباط مباشر بالخالق، فهو يحبهم ويحبونه، ولولا يحبهم ما كانوا يحبونه، وإذا أحب الإنسان الصورة فقط فلن تكفيه، وسيسعى لشيء أعلى منها حين يصل إليها، فالحب الإلهي أبقى، حتى إن قيس بن الملوح الذي كتب كل هذه الأشعار في محبوبته ليلى كان رجلا من العارفين، لأنها لما جاءته في آخر المطاف، وقالت "لقد جئتك"، قال لها "إليك عني فقد شغلني حبكِ عنكِ" والمعنى أنه وصل لأصل الحب فلم تعد تعنيه ليلى بعد.
ل"ابن عربي" قصائد على نفس نمط قيس ابن الملوح؛ فما قصتها؟-
ذات يوم رأى "ابن عربي" امرأة فارسية بمكة، كانت جميلة ويعرف والدها، بهية الطلعة، ومن أحسن الناس أخلاقًا، أراد الشاعر أن يتكلم عن الحضرة العلية، والتي يُمكن أن يتفهمها الناس بجمال الفارسية، فرغب تقريب الناس من الحق بهذه المرأة؛ فاتهمه شيوخ دمشق بمحبة تلك السيدة، فرد عليهم بكتاب أسماه "ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق"، وكتب قصيدة ردًا عليهم، كلماتها؛ "كلما أذكره مما جرى ذكره أو مثله أن تعلم منه أسرار وأنوار بدت أو جلت جاء بها رب السما لفؤادي أو فؤاد مثل ما له من شروط العلما.. صفة علوية قدسية أعلمت أن لصدقي قلما فاصرف الخاطر عن ظاهرها واطلب الباطن حتى تعلما"، ولما شرحها فهمها علماء دمشق.
-لماذا اخترتم اسم "ابن عربي" دون غيره للفرقة؟
لأنه تكلم عن السماع المطلق وهو المعتقد الذي أعتقده، ثانيا محي الدين ابن عربي شخصية عظيمة، فمن ذكر ابن عربي فهو يذكر التصوف.
-يتعامل البعض مع ابن عربي أنه ابتعد عن الطريق المستقيم للدين. ما رأيك؟
للأسف الحديث عن "ابن عربي" يتخذ إحدى طريقين إما أنه "الفقيه الفيلسوف عبر كل العصور" أو "الشيطان الأكبر"، والأمر يرجع للحكمة العربية الشهيرة "من جهل شيئا عاداه، والطريف أنه بالرغم من تطوع بعض نواب مجلس الشعب المصري -في ستينيات القرن الماضي- بحرق كتب ابن عربي لأنها تدعو للضلال والبعض عن الطريق القويم، إلا أن لمصر الفضل الأكبر على ابن عربي؛ حين أفرد الإمام السيوطي كتابا كاملا يدافع فيه عنه حمل اسم "تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي".. ولمن يبحث عن ابن عربي حقا عليه بمؤلفات الدكتور عثمان يحيى الذي حاز على دكتوراة في مؤلفات إمام العارفين فجمع 900 مؤلف لا يصح منها نسبة إلى ابن عربي إلا نحو 400 مؤلف.
ما تقدموه أقرب للإنشاد والذكر في المفهوم المصري.. فيما يتذوقه البعض بشكل آخر.. كيف ترون ذلك؟-
قُلت في أحد مقدمات الحفل "حدّثْ عن الوِتر أيها الوَتر.. من فاته الخُبر سرّه الخَبر"، فالمستمع يطرب بالحق ليس بالوتر، وفي السماع دور المنشد هو الأداء فقط، أما فهم المستمعين فهو الأهم، هناك من يفهم بالله وذلك الأصل، ومن يفهم بنفسه، ومن فهم بذوقه، تروى حكاية عمن قال ذات مرة "زعتر بري"، ففهم منه أحد المارين "اسعى ترى بري"، ولم يسمع الزعتر، وثان سمعها "الساعة ترى بري"، والثالث "ما أوسع بري"، كلٌ فهم بشكل مختلف، كذلك العلماء أجمعوا أن السمع متقدم على البصر، يقول الله في كتابه "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"، لذا فبالسمع علمنا أنّا سنراه، فتقدم السمع على البصر.

-ما المختلف لدى الأوروبيين في الاستماع لحفلاتكم؟
الأوروبيون لهم تقاليد في الاستماع، فهم يتذوقون ولكنهم لا يفهمون، ولكن تلك الألحان والكلمات خرجت من قلوب أهلها، فلابد أن تقهر القلوب مهما كانت صماء، وليس لأنها موسيقانا أو غناءنا نحن، فأثناء الحفلات في أوروبا، ورغم أن الناس لا يعرفون العربية، لكنهم يرددون مع المنشد لا إله إلا الله.
وهل تحاولون ترجمة الكلمات لهم؟-
في أوروبا ننقل المقدمات بالفرنسية والإنجليزية وكذلك نفعل في باقي الدول، إذ نحاول نقل المعاني لهم مع ترجمات، وبقدر عيشنا وسط الناس من الضروري التحدث معهم، فالصحيح هو المجادلة بالتي هي أحسن، إن الله أرسل محمد هاديًا وليس جابيًا؛ مبشرًا ونذيرًا، أما كلمات الأغاني فترجمتها أمر صعب "ما يطلع الإيقاع مضبوط".
"المصريون والمغاربة الأقرب لحب آل البيت"
-اخترتم القاهرة لتقديم قصيدة "أقبل البدر علينا" للمرة الأولى وبلحن جديد، حدثنا عن السبب؟
أسقط بن رشد الحج عن المغاربة 514 ه لأنه كانت يعترض طريق الحجاج من المغرب للمشرق، برا قطاع الطرق، وبحرا الصليبيون، أصبح الحج مسألة عسيرة، هنا أسقط بن رشد الحج، فخالفه في ذلك فقهاء كثيرون، لكن الناس تبعوا ابن رشد ومن أشهرهم أبو العباس أحمد بن العريف، هو أول كتب أبيات في التشوق للنبي، قال: "يا راحلين إلى المختار من مُدر.. زرتم جسوما وزرنا نحن أرواحا"، وهذا جعل قصائد المدح في المغرب تزيد.
الفتوى بقيت قائمة لمدة 80 سنة، ولما عاد الهدوء، وامتدت المملكة، أراد الناس إحياء الحج، فلم يحيه سوى رجل صالح من تلامذة أبو مدين الإشبيلي- فقيه ومتصوف- وأرسل مريديه فبنوا زوايا في طريق حجاج البر من المغرب إلى مصر، وكان الملوك يستقبلون الحجيج المغاربة، وقتها كان أبو الحسن الششتري قد انتقل إلى الشرق، وبعد دخوله مصر، رأى الأنوار المحمدية فكتب: "أقبل البدر علينا، واختفت منه البدور، مثل حسنك ما رأينا قط يا وجه السرور".
-كيف جمع التصوف بين مصر والمغرب؟
أتحدث عن علاقة مصر والمغرب بمنطق عرفاني تاريخي توثيقي، هي أعظم من أن تتصور أو تختزل في كلمة أو اثنين أو في نفاق؛ اسمها عمر ابن الفارض، اسمها التلاقح بين البلدين، اسمها الانتقال الكبير لعلماء المغرب للشرق واستقرارهم في مصر، وتغني المصريين لابن الفارض، وقولهم "لا يصح وجد إلا بكلامه".
في طريق الحج كان السلطان المصري يخرج ليحتفي ببعثة علماء المغرب، وظل هكذا حتى توقف الحج البري، ومن بينهم "أبو الحسن علي اليوسي" أحد أئمة التصوف، كان مالكيا كبيرا جاء لمصر، له كتاب في الكلام عن الذات الإلهية، وشرح سورة الإخلاص، وعندما جاء لمصر، خرج الإمام محمد الزرقاني-أحد شارحي موطأ ابن مالك- ليستقبله في القاهرة إكبارا له واحتفالا به، هذه العلائق هي روحية صوفية كانت تربط المغرب ومصر، كما أن محبة المصريين لأهل البيت توازي محبة المغاربة.
"لنا ألبومان لم يخرجا للنور.. ومن الصعب مشاركة فرق أخرى"
-هل هناك شروط معينة لاختياركم أماكن الحفلات؟
توجه لنا الدعوات فنذهب، لكن نختار أحيانا مناسبات بعينها؛ ففي أحد المرات ذهبنا إلى قصر الحمراء في غرناطة بإسبانيا، بعد 710 عاما من خطبة "محمد بن أحمد السلماني الخطيب"، وكان وزيرا في المغرب والأندلس، ووافقت الليلة التي أقمنا فيها الحفل المولد النبوي الشريف.

-لماذا قدمتم ألبومين فقط خلال 27 عاما؟
الأمر ليس مقصودا، فلدينا ألبومين جاهزين للظهور؛ أولهما مسجل في باريس منذ عام 2006، والثاني منذ شهرين في باريس أيضا، ولكن يحدث تأجيل ثم آخر فلا تخرج الألبومات للنور.
الألبومان كانا من إنتاج شركتين أجنبيتين، فلماذا لم تتعاملوا مع الشركات المغربية؟-
الشركات المغربية سقفها محدود، ولن تتعامل معنا بشكل قوي، لأننا لا نغني الشعبي المغربي أو الشرقي، وإذا أردنا عمل احترافي فالأجانب هم الأمهر فيه.
-تم طرح ألبومين آخرين ل"ابن عربي" بالاشتراك مع فرق أخرى.. فهل من الممكن أن تقدموا عملا مشتركا خلال الفترة القادمة؟
الأمر فيه خلط؛ الألبومات لم تكن اتفاقا وإنما كانت نتاج مهرجانات، منها مهرجان فاس للموسيقى الروحية، إذ يتم تجميعها في ألبوم واحد عقب انتهاء المهرجان.. وعلى صعيد آخر من الصعب التعاون؛ لأننا لن نتفق سويا أبدا.
-هل تستمعون لأنواع من الموسيقى غير التي تقدمونها؟
أنا أسمع موسيقى بشكل عام، الموسيقى الصوفية لحنها وشعرها لصالحين، ولكنه لا يمنع أنني أطرب حين أسمع غناءً ألفه أو لحنه غير صوفي. أسمع لأم كلثوم وعبد الوهاب وللموسيقى الأندلسية في المغرب.
-هل تتابعون نمط الفن الصوفي الذي يشبهكم، وما رأيك فيه؟
نعم، هناك "رافي شانكار" في الهند عزفه قائم على خلفية صوفية، والمطربة الهندية المشهورة، عابدة برفين، فهي تغني كلمات صوفي، غير أن العالم يستقبلها على أنه موسيقى هندية، حتى أنها تضطر في كل حفلاتها للقول إن هذا الشعر صوفي.
في تركيا السماع موجود بالشكل التقليدي عن طريق المولوية، لكنه فلكلور أكثر منه توصيل رسالة، رغم أن الشكل جميل، إلا أن الموسيقى التي تُعزف خلف الراقصين أشد تأثيرا، وهناك من الأوروبيين من يحضر فقط لسماع الألحان.
-حصلتم على الجائزة الأولى بمهرجان موسيقى الشباب بتونس عام 1988 وهي السنة التي بدأتم فيها، كيف حدث ذلك؟
كان الفريق يقدم فكرة غريبة وموسيقى جديدة على الجمهور آنذاك، لذا أعطونا الجائزة فورًا.
"نسعد حين يفهم الناس عن طريقنا الإسلام"
-ذهبتم إلى البوسنة والهرسك بعد الحرب عام 1998، كذلك ذهبتم لفلسطين، هل لذلك علاقة بآرائكم السياسية؟
لا علاقة لنا بالسياسة، لكننا ذهبنا لنمثل الجانب الروحي بعد حرب البوسنة والهرسك، وهناك أراني شيخًا كتاب مترجم لحكم ابن عطاء السكندري باللغة البوسنية. وذهابنا للقدس كان على خلفية إنسانية محضة، فالمدينة القديمة لها علاقة بالمغرب، هناك حارة المغاربة التي هدمها اليهود عام 1976، كذلك جاهد الإمام أبي مدين الغوث، من مشايخ الصوفية، مع صلاح الدين الأيوبي.
-ما السبب في التناغم الذي يظهر بينكم على المسرح ؟
السر هو ألا تطغى الآلة على القول والمفروض أن تساعد الآلة لتصل الكلمات لقلب المستمع، فالأذان أوعية والقلوب أوقية، لكننا أيضا تربطنا علاقة أخوة، ففضلا عن أسامة وعبدالله، التقيت بهارون عام 1994 في المغرب، ولدينا نفس الاتجاهات "فهو حابب السماع ودارس"، ويستطيع أن يفهم ماذا أريد، ورغم أنه من أشهر عازفي العود في أوروبا غير أنه يفضل السماع، وكذللك باقي الفريق.
ما مواصفات المنشد المثالي للفرقة في نظرك؟-
هو القادم من عندك أو القريب لك.
-ظهوركم الإعلامي قليل؛ فلماذا؟
نحن نحترم ما نفعل فيجب أن نظهر في أماكن محترمة، كما أنه من شدة الظهور الخفاء.
-هل هناك مؤسسة تدعم "ابن عربي"؟
لا.. لم أفكر بوجود مؤسسة لتساعدنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.