طريق واحد اعتادا كلا من ''عيد فهيم يونان'' و''محمد أبو زيد'' قطعه يوميا إلى العمل، في حراسة كنيسة كاثوليكية في قلب المنيا، مكان واحد كانا يرقدا فيه كلاهما لحراسة دار العبادة، فرقتهما الديانة، ف''عيد'' قبطي و''محمد'' مسلم، وجمعتهما المهمة وحب الوطن، مكان حراسة واحد شهد أيامهما في حراسة الكنيسة، ولحظاتهما الأخيرة في الموت. ''عيد فهيم يونان'' ذو التاسعة والخمسين ربيعا، هو مساعد شرطة ومقيما بقرية طحا الأعمدة بسمالوط، يبتعد عنه الرفيق ''محمد أبو زيد'' ابن قرية صفط الشرقيةبالمنيا، ابن السابعة والثلاثين عاما، برتبة رقيب شرطة، في ليلة تسبق ليلة عيد الميلاد المجيد، اتخذا الطريق ذاته نحو العمل بكنيسة السيدة العذراء بمنطقة الحبشي بوسط المنيا ، تبادلا التهاني معا، مرة للمولد النبوي الشريف، ومرة للميلاد المجيد. لم يمهل القدر كلا الشرطيين معا من أجل الفرحة بعيد الميلاد المجيد، اتخذ الإرهاب من أرواحهما في ليلة شتاء باردة، بعد أن اقتصت من أرواحهما رصاصتي غدر من مسلحين ملثمين، جمعت بينهما في الممات كما في الحياة والحراسة، البعض يقرأ ل''عيد'' ترانيم الوداع، والآخر يصلي الجنازة ل''محمد''. دموع لم تجف لأهليهما، نحيب على دمائهما تنتظر القصاص من الجناة، كنيسة كاثوليكية تفتقد حراسة الرجلان، مستشفى المنيا الجامعي شهد دقائقهما الأخيرة، رجال بعمائم من عشيرتهما حملت على الأكتاف أخشاب الموت، وجنازة عسكرية شيعت جثمانهما، وجوه تعرفهما ولا تعرفهما امتلأت بالحزن لرحيل الرجلان، بحضور محافظ المنيا صلاح الدين زيادة، وعدد من القيادات الأمنية، بجانب صفوف من الجنود أدت لهم التحية الأخيرة.