لم يستكمل ائتلاف يمين الوسط الإسرائيلي بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سوى 20 شهرا في السلطة وأصبحت الحكومة الإسرائيلية الثالثة بقيادة نتنياهو على حافة الانهيار. وأمضى الائتلاف الحاكم حاليا في إسرائيل أقل من نصف فترة ولايته ، أي أقل من متوسط عامين ونصف الذي عاشته الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1992، لذلك فإن الناخب الإسرائيلي سيضطر مرة أخرى للذهاب لصندوق الاقتراع الربيع المقبل. ومن المتوقع أن تزداد الحكومة المقبلة ميلا ناحية اليمين. ووصف معلق بصحيفة ''إسرائيل هيوم'' انهيار الحكومة الحالية بأنه ''طلاق لابد منه''. كانت الخلافات بين الأحزاب الخمسة الشركاء في الحكومة كبيرة منذ البداية ولكنها أصبحت مؤخرا خلافات لا يمكن التغلب عليها ولم يعد أمام نتنياهو في ضوء الانتقادات الداخلية الشديدة سوى مساحة تحرك ضئيلة. وتمثل تسيبي ليفني رئيسة حزب ''الحركة'' وزيرة العدل ورئيسة وفد التفاوض الإسرائيلي مع الجانب الفلسطيني الطيف الأكثر يسارية في الحكومة الإسرائيلية وتسعى جاهدة للتوصل لتسوية سلمية مع الفلسطينيين ولكن الشركاء اليمينيين داخل الائتلاف الحكومي يعترضون طريقها دائما وينسفون جهودها في هذا الاتجاه، كما يفعل وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، رئيس حزب ''إسرائيل بيتنا'' وكذلك وزير الإسكان أوري أرييل رئيس حزب ''البيت اليهودي'' الذي يدافع عن مصالح المستوطنين. بل إن هؤلاء يتهمون نتنياهو بقلة الاستثمار في بناء المستوطنات. يفضل نتنياهو تقديم نفسه ك ''السيد استقرار''، ولكن هذا العام كان ''أحد أسوأ السنوات التي عاشتها إسرائيل'' حسبما كتب أحد المعلقين في صحيفة ''هاآرتس''. وتوترت الأوضاع في إسرائيل وفي المناطق الفلسطينية بشكل خطير منذ انهيار مفاوضات السلام في نيسان/أبريل الماضي ثم اندلعت الصيف الماضي في قطاع غزة أطول الحروب وأكثرها خسارة في تاريخ القطاع. وتكررت المواجهات بين اليهود والعرب منذ بدء الخلاف على استخدام جبل الهيكل تلا ذلك سلسلة من الاعتداءات التي هزت البلاد. ثم جاء قانون مثير للجدل ليكون بمثابة ديناميت جديد يؤجج الصراع في إسرائيل وهو القانون الذي من شأنه أن يعزز الطابع اليهودي لإسرائيل والذي جعل الإسرائيليين العرب يخشون من أن يؤدي هذا القانون إلى تصنيفهم ''مواطنون من الدرجة الثانية''. لذلك كان الحكم القاسي من قبل معلق صحيفة ''هاآرتس'' كالتالي : ''لقد كان هذا العام هو العام الذي خرجت فيه الكراهية والعنصرية والسعي للسيادة اليهودية من جحورها''. وأصبحت الإصلاحات الاجتماعية التي يقف وراءها وزير المالية يائير لبيد رئيس حزب ''هناك مستقبل'' غير مطروحة في الوقت الحالي حيث طالبه نتنياهو خلال لقاء حاسم مع أطراف الائتلاف الحكومي للبت في مستقبل الائتلاف الحكومي بالتخلي عن هذا المشروع الرائد. ويسعى لبيد لإعفاء الشباب من دفع الضريبة المضافة عند شرائهم أول شقة لهم. وقال لبيد معلقا على الاجتماع الفاشل : ''رئيس الحكومة يقودنا لانتخابات لا داعي لها''، وجاء تصريح لبيد بعد أن رفض المطالب الخمسة لنتنياهو وهو ما جعل عفير أكونيس من حزب الليكود الحاكم يرد عليه قائلا : ''مع لبيد ليس هناك مستقبل''. غير أن المستقبل السياسي لنتنياهو لم يعد أكيدا حيث أكدت استطلاعات للرأي أن 28% فقط من الإسرائيليين لا يزالون راضين عن إنجازاته. وأصبح لدى اليميني ليبرمان الشريك في الحكومة ووزير الاقتصاد نافتالي بينيت (حزب البيت اليهودي) طموح باعتلاء العرش مكان نتنياهو وتولي رئاسة الحكومة وذلك في ظل حقيقة أن نتنياهو اعتاد التحالف مع الأحزاب اليمينية المتشددة وهي الأحزاب التي لم تشارك في الائتلاف الحكومي الحالي. غير أن هذه الأحزاب غير مستعدة للإعلان علنا عن عزمها دعم نتنياهو عقب الانتخابات. تقف إسرائيل على مفترق طرق وهو الوضع الذي صاغته ليفني على النحو التالي: يستطيع الناخبون الاختيار بين قيادة جديدة مسئولة أو ''الحكومة الحالية الأصولية المستفزة المصابة بجنون العظمة''. وفي نبأ أوردته الإذاعة الإسرائيلية، أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كتب في تغريدة على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي أن نتنياهو أقال وزيرة العدل تسيبي ليفني ووزير المالية يائير ليبيد من منصبهما. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن نتنياهو قوله ''اتخذت هذا القرار في أعقاب الحملات التي شنها هذان الوزيران خلال الأسابيع الأخيرة على الحكومة التي يتشاركان فيها''. وأضاف أنه ''لن يمر مر الكرام على أي معارضة تتكون داخل حكومته''. وتنتمي ليفني إلى حزب ''الحركة'' فيما ينتمي ليبيد إلى حزب ''هناك مستقبل''.