"صيد الأفاعي لعبتي منذ العاشرة من عمرى، وعهد سيدي أبو الحسن الرفاعي يجعلها خاتما في أصبعي" بهذه الجملة بدأ حجاج سلامة الدشناوي (35 عاما) حديثه مع "دشنا اليوم" وهو يمسك بأحد حيات الكوبرا الضخمة التي تشتهر بعدوانيتها الشديدة لبني البشر، وقد التفت حول عنقه وتدلت على كتفه وراحت ترمق عدسات الكاميرا بنظرة عدوانية، وكأنها توجه رسالة "ممنوع التصوير". جلس سلامة القرفصاء وهو ما يزال يداعب آخر صيد له من أفاعي الكوبرا، وفتح العنان ليعود إلى نقطة البداية مسترسلا: "البداية عندما كنت في العاشرة من عمري وذهب بي أحد أقاربي إلى أبناء الطريقة الرفاعية بمدينة فرشوط، ولسبب لا أعرفه اختارني الشيخ أبو الحسن الرفاعي أحد أبناء الطريقة الكبار، وقال لي "إنت هتاخد العهد حافظ عليه ومتخونش قسم الرفاعية"، وقتها لم أكن أدرك مغزى هذه الجملة، حيث كان كفي الصغير في كفه ويده الأخرى ممسكة بأفعى كبيرة وينظر إلى عيني مباشرة وفمه يلهج ببعض الكلمات ويلقنني عهد الطريقة الرفاعية". "متخافش من الأفعي هي محوية" قال هذه الجملة وهو يلتقط أنفاسه التي تهدجت وكأنما أرهقه حديث ذكريات البداية، وأدخل أصبعه فى فم الكوبرا التي أشار أنها الأكثر انتشارا في دشنا والأماكن النائية بالقرى، مشيرا إلى أسنانها التي لم تعد موجودة بعدما قام بنزعها، كأول مرحلة بعد الصيد ثم توضع الأفعي في إناء به ماء مملح ليخرج السم من عروقها لتصبح لا حول لها ولا قوة، كما يقول. ويروى سلامة حكاية غريبة مع أول صيد له من الأفاعي معتقدا أنه كون صداقة عميقة مع الأفعى عندما قام بوضعها بكرتونة، وكان يضع لها طعامها من البيض كل فترة، حيث يقول "شعرت أنها تبادلني نفس الشعور حتى أنها لم تحاول الهرب رغم مكوثها بالبيت عدة أشهر وكأنما استوحشت عيشة الجحور واختارت عالمها الجديد معي"، وشرد ببصره وأكمل بنبرة غلب عليها الحزن والضيق معا قائلا: "بكيت عليها بشدة بعدما قام أحد أقاربي بقتلها متخوفا منها وعنفته بشدة لأنها كانت في حالها وأعتقد أنها كانت تكن لي وفاء ومحبة لم أجدهما مع البشر". يقول سلامة إن اصطياد الأفعى يعتبره هواية أكثر منه "لقمة عيش"، خاصة أن ثمن بيع الثعبان قد لا يتجاوز المائة جنيه، وهو مبلغ ضئيل مقارنه بالفوائد الهائلة التي تستخرج من شحوم وجلود الأفاعي التي تصنع منها الملوبسات غالية الثمن، كاشفا عن موهبة أخرى في صنع الدوائر الكهربائية الدقيقة، وإصلاح الأجهزة الكهربائية التي تستعصي علي أمهر الفنيين، مضيفا "أكبر صنايعية البلد بيجيبو لي الأجهزة أصلحها" قالها بنبرة زهو، معتقدا أن "العلام مش كل حاجة": "أنا طلعت من الإبتدائي وبعرف اقرأ وأكتب أحسن من بتوع شهادات اليومين دول". "العقرب خاين والطريشة مالهاش عهد" قالها وهو يشير إلى إصبعه الذى كاد أن يفقده بعدما قام باصطياد نوع من الأفاعي ملقب ب"طريشة" مؤكدا أن هذه النوع لا يخضع لعهد الرفاعية، وينبغي قتلها في الحال لأنها عندما تسنح لها الفرصة تقوم بمهاجمة البشر بعكس الأفاعي التى لا تقترب منك طالما لم تتعرض إليها أو تشكل خطرا عليها. يعترف أبو الحجاج بعدم قدرته على اصطياد أفاعي "الأناكوندا" الشهيرة والتي يقال أن واحدة منها تقطع الطريق وتتغذى على رفات الموتي بقري المناعات، معتقدا أن هذا النوع يحتاج إلى عدة صيادين لأن هذا النوع لا يخضع للقسم والعهد، وعدواني لدراجة أنه قادر علي عصر الرجل القوي وتحطيم عظامه بكل قسوة، معتبرا أن الإفلام التي تروي عن هذه الأفاعي من وحي الواقع، متبنيا فكرة أن يكون أحد المتطوعين لصد هجمة الأفاعي على هذه القرى التي أصبحت وكرا لأفاعي الأناكوندا القاتلة.span https://www.youtube.com/watch?v=yK0h4YqZD18