لم يكتفِ مُنفذو التفجيرات التي شهدتها البلاد، باستهداف رجال الشرطة وأماكن عملهم، بل طالت أيديهم بيوت العدالة، ووصلوا للمحاكم، فازدادت بلاغات المفرقعات بداخلها أو محيطها، فأصبح الأمر أكثر خطورة، في ظل الاضطرابات التي تشهدها البلاد، وأصبح العاملين بالمحاكم يؤدون عملهم ما بين بلاغات سلبية في بعض الوقت، وإيجابية في وقت آخر، وأحيانًا ''قنابل'' هيكلية، لإثارة الذُعر. استطلع مصراوي مقترحات وآراء لمجموعة من القضاة حول ماهية المعاناة التي قد تتغلب عليهم أثناء نظر القضايا، والمحاكمات التي تشهدها الدولة بعد رحيل نظامين . رأت مصادر قضائية رفض الكشف عن هويتها أن أهم القضايا التي يجب أن تكون على أولويات الوزير هي تأمين المحاكم والنيابات واستراحات القضاة وأعضاء النيابة العامة، وحمايتهم، ومخاطبة وزير الداخلية بتوفير الحراسات اللازمة للمحاكم والنيابات والاستراحات، موضحًا أن المستشار نير عثمان متفهم لكل هذه الأمور. وأشار بعض القضاة، برأي موحد رأوه الأفضل، وهو ضرورة عمل كردون أمني حول المحكمة، وهو المقترح الذي رحب به عدد كبير من العاملون بالنيابات، بجانب ضرورة الاتجاه نحو إقامة المحاكم الجديدة في الأماكن البعيدة عن مناطق التكدس السكاني، فضلًا عن تزويد جميع محاكم مصر من الداخل والخارج بكاميرات مراقبة مرتبطة بغرفة داخل المحكمة، ويكلف بحراستها عناصر جيدة ذو خبرة أمنية عالية. وأضافوا، أنه لابد أيضًا أن توفير بوابات إليكترونية مفترض أن تقوم وزاره العدل بشرائها من ميزانيتها الخاصة، بالإضافة إلى غلق أبواب المحاكم أثناء العمل على مدار اليوم، وتخصيص باب واحد للدخول وباب للخروج، وتوفير الشرطة النسائية للتفتيش اليدوي، بالإضافة للتفتيش الذاتي بواسطة أجهزة ''كتلك'' مثل التي توضع في المولات الكبرى. وأدلت مصادر قضائية أخرى أن القضايا ستطول نظرها في المحاكم، نظرًا لما تشهده البلاد من اضطرابات، ومن المتوقع أن تظل تلك القضايا لمدة سنوات قد تصل ل 15 عامًا، حتى يتم الفصل فيها، حيث أن الشرطة كانت قوية، وكانت ترعب الشعب في الفترة السابقة، وهي تحت قيادة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، فلم يكن أحدًا يجرؤ بالمساس بالمحاكم، أما من بعد ثورة يناير فقد قلبت الموازين. وأضافت المصادر أن البلد تحتاج لمحاكم ثورية كما حدث في عهد عبد الناصر، ولا يطعن عليها، بحيث يتم المحاسبة بسرعة ناجزة دون تخوف وقلق نحو استمرار حدوث انفجارات أثناء نظر قضايا ذات أهمية لدى الرأي العام، مشيرين إلى أن الأيام القادمة وبعد انتخاب رئيسًا للدولة وتشكيل البرلمان، ستتوقف كل هذه العمليات الإرهابية، فوجود رئيس للدولة يهيب كل من يُفكر في ارتكاب مثل هذه الجرائم، ويجب أن يجعل كل من يتم ضبطه وتسول له نفسه في ارتكاب مثل هذه الأفعال أن يكون عبرة لغيره، وأن يستمر القضاة في نظر قضاياهم من خلال ضميرهم، ولا يتأثرون بما يحدث بالخارج. وكان لأحد القضاة رؤية مختلفة، فقد أكد أن هذه القنابل التي يُشاع اكتشافها بداخل أو بالقرب من المحاكم ليست حقيقية، وقد يكون المؤكد منها قليل جدًا، وليس كما يُقال، بل وقد تكون مجرد أوهام، ولعل السبب الذي جعل الأمر أكثر حديثًا عنه، هي الظروف المحيطة بنا بهذه الفترة، والتي تُحتم على أي فرد عندما يلمح أي جسم غريب يُشاع أنه قنبلة، في حين أنه في الحقيقة لم يرى ما بداخل الشيء المجهول أمامه. واقترح رئيس محكمة بجنايات الجيزة فضل عدم ذكر اسمه أنه يجب أن يتم تعديل لبعض القوانين، مشيرًا أن هناك مقترحات عديدة قدمت من قبل لوزراء العدل السابقين، عن إنشاء محاكم ليلية للفصل في القضايا بشكل سريع، وفى الليلة التي يُحرر فيها المحضر وخاصة في القضايا البسيطة، وهذا سيقلل من نسب القضايا أمام المحاكم، وتزايد كميات الأوراق الغير طبيعي، حيث أن القضية قد تكون بسيطة للغاية وأوراقها كثيرة جدًا، وبالتالي في حالة حدوث أي خطورة على المحاكم، فكل هذه الأوراق تمثل خطورة في حالة اختلاق أي حرائق أو قنابل. وأضاف أن البلاد ستستمر على هذه الاضطرابات لفترة قصيرة لحين تتويج رئيسًا للبلاد، مستنكرًا من ارتكاب مثل هذه الجرائم، موضحًا أنه يجب تطبيق مجريات القانون بأقصى سرعة لمن يثبت تورطه في ذلك، ويجب أن يُعاقب بأغلظ العقوبة وبأقصى سرعة، لأن هذا سيقلص من تلك التفجيرات، وقد تُثير حافظة أمثاله من المجرمين، فيتم الانقسام بينهم كون أحدهم سيرهب مما جناه زميلهم من عقوبة، وقد تحيي ضمائر البعض منهم، ويذهب للإبلاغ عن باقي زملائه. من جانبه اختتم أحد رؤساء النيابة، الحديث حول الموضوع محل المناقشة، أن الرسالة التي يؤديها رجال القضاة تجعلهم لا يخشون مثل هذه الجرائم، فالعدالة قائمة مهما كانت التهديدات، ومهما يحدث من انتهاكات وإرهاب للقضاة لن يؤثر على قرار قد يُتخذ ضد متهم، وبالرغم من أن هناك تجاوزات من بعض الخارجين عن القانون تجاه المحكمة التي تنظر قضايا أهليتهم، إلا أنه لابد من ردعهم بتطبيق عقوبة لمن يثبت تعديه على المنشأة التابعة للدولة _المحكمة_، حيث أن بعض الأهالي يعتقدون أن تعديهم على المحكمة وحدوث تخريبات واستخدام أساليب مثل هذه، سوف يؤثر في تغيير قرار النيابة أو المحكمة، ولكن بالتأكيد كل هذا بلا جدوى.