في يوم 24 يونيو 2012، سجلت الذاكرة التليفزيونية أول خطاب رسمي للرئيس "محمد مرسي عيسى العياط"، أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة 25 يناير، ومنذ ذلك التاريخ ظلت عدسات الكاميرات تسجل تحركات الرئيس؛ كل شاردة يقوم بها محلها العدسة سواء الفوتوغرافية أو التليفزيونية.
لم يخل أي تحرك يقوم به الرئيس من المتابعة، بل والانتقاد ليس فقط للقرارات الصادرة لكن في كثير من السلوكيات الخطابية واللقاءات.
"مصراوي" وضع أبرز مواقف الظهور الإعلامي والبرتوكولي للرئيس خلال عام على "طاولة " تحليل "صفوت العالم"، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الخبير في البروتوكول والمراسم، وصاحب عدد من الكتب والدراسات في هذا الشأن.
إضغط على الصورة للتكبير خطاب " الأهل والعشيرة" 24 يونيو 2012 قال "صفوت العالم" إن التعدد المهني وأسماء المحافظات الذي جاء بالخطاب في كثير من الأمور يُرى أنه أسلوب يسبب في زيادة الشعبية في إطار التعميم الذي يعطي شخصنة لكل مواطن، واعتبر ذلك بداية جيدة. ولم يفضل "العالم" التركيز على فكرة الخطاب بأنه " أهلي وعشيرتي" كما أطلق عليه البعض، موضحًا "تم توظيفها بعد ذلك في خطاب الاتحادية، عندما خاطبهم بالتحديد، فمن كان أمامه هم أهله وعشيرته، لكن قبل ذلك كانت تقال في إطار التعميم ولم يكن محددًا".
إضغط على الصورة لمشاهدة الفيديو "فتح الجاكت" بالتحرير 29 يونيو 2012
أوضح " العالم" أن الرئيس حاول جمع شمل الناس، وتقديم عديد من الوعود التي تؤكد التزام الرئيس وطنيًا وشعبيًا، واتخاذ قرارات تتوافق مع الرأي العام والمشهد الشهير أنه ليس خائفًا من الرصاص، وبالتالي فتح "الجاكت".
ووصف المشهد بأنه مفاجئ ومربك لرجال الأمن المحيطين به حتى مَن يرى الصورة يجدهم تبعثروا من حوله، لكن كانت بداية يمكن أن تكون مبشرة وايجابية لرئيس مصري منتخب.
"أوائل خريجي الشرطة" 13 يوليو 2012
وقف الرئيس "مرسي" على مسرح أكاديمية الشرطة مانحًا نوط الامتياز، ومتحدثًا للأول على دفعة الأكاديمية لثوان اعتبرها البعض كسر للبروتوكول العسكري، بينما نفى "العالم" ذلك قائلًا إنه من الوارد أن تكون هناك بعض الجمل والكلمات التي يتبادلها الرئيس مع أوائل الخريجين وغيرهم.
وتابع: "إن الأمر يتوقف على نوعية الحوار المدار، لكن مثل تلك الحوارات مما لا شك تعطي بُعدًا إنسانيًا بين الرئيس كمواطن والمواطن الذي يتم تهنئته وتبادل الحوار معه".
لقاء "رئيسة وزراء استراليا" 25 سبتمبر 2012
اللقاء الشهير الذي جمع الرئيس "مرسي" ورئيسة وزراء استراليا "جوليا جيلارد"، في إطار أعمال الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك؛ حيث ظهر الرئيس يعتدل في جلسته بطريقة عفوية، بينما اعتبرها التليفزيون الاسترالي وقتها عادة تبتعد عن البروتوكول والدبلوماسية، الأمر الذي أثار انتقاد واسع وصل لحد السخرية.
"كل ساكنة وشاردة وإيماءة من الرئيس كان يجب أن تكون مدروسة بشكل جيد وإلا فضحتها الكاميرا، وحتى إشارة اليدين في أي موضع من الجسد".. هكذا علق "العالم" على ذلك المشهد، متابعًا أنه كان على الرئيس أن يراقب ذاته عند مقابلة الرؤساء الآخرين، وأن يفهم حرفية التصوير التليفزيوني؛ حيث أن المشهد يُؤخذ ويتكرر لأن الفرص التي تُتاح للمصورين لكي يصوروا القيادات تكون ثوان ودقائق معدودة.
وأضاف أن مرور ما يقرب من 3 أشهر وقتها لم تكن كافية للتخلص من عادات أو "لازمات" بصرف النظر عن التدريب؛ فالمهم أن يكون الشخص مقتنع ذاتيًا بسلوكياته وأفعاله ويعرف ماذا يتجنب وماذا يظهر، وأن الهيئة الشكلية للرئيس كان يجب أن تتسم بإدراك طبيعة الموقف لأن الأخطاء الصغيرة تتحول مع إذاعة مثل تلك المناسبات على الهواء إلى "فضيحة"
وأشار إلى أن هناك أخطاء كثيرة كانت تحدث مع الرؤساء في السابق لكن لم يكن هناك إعلام يلاحق الرئيس بخلاف وجود لجنة المراسم والبروتوكول، تجنباً لوقوع الأخطاء أمام وسائل الإعلام.
لقاء "كلينتون والمنديل" 25 سبتمبر 2012
مشهد سجلته العدسات للرئيس "مرسي" في حضور الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون"؛ حيث تناول الرئيس "منديلاً" أثناء المؤتمر المنعقد ليمسح فمه وأنفه، الأمر الذي اعتبره البعض خروجًا عن البرتوكول الرسمي.
ويرى "العالم" أنه كان مشهد عفوي، لكن كان لابد عند إدراك أن "الكاميرا معي هذا أمر يجعلني أتخفف وأتجنب هذه الإشارة، وأُؤخر هذا المشهد لحين أن تبتعد الكاميرات".
وأشار إلى أهمية دور الفريق المصاحب للرئيس في مثل هذه المواقف؛ فمن المفترض أن يكون هناك اتصال غير لفظي بين الرئيس والفريق المعاون المسؤول عن حركة الكاميرا، بحيث يكون الفريق المصاحب للرئيس في كل المناسبات سواء في الداخل أو الخارج عينه على الرئيس وأخرى على الكاميرا ورجال الإعلام، لمعرفة كيف يتم تصوير الرئيس في مثل هذه المواقف حتى يمكن تنبيه الرئيس ومن يقوم بالتصوير.
غير أن "العالم" أكد غياب وجود فريق محترف معاون للرئيس في كثير من المناسبات و نحن نبهنا على ذلك كثيرًا".
خطاب "الاستاد" 6 أكتوبر 2012
قال العالم إن في هذا الخطاب العديد من الانتقادات، أولا أنه كان بمناسبة حرب أكتوبر لذلك كان يجب ظهور وتواجد قادة الجيش بشكل بارز خاصة وأن المكان كان متسعًا، ثانياً مشهد السيارة المكشوفة لم تكن له دلالة أو ضرورة، ثالثًا في هذا الخطاب كان هناك توظيف للأرقام لا يليق بخطاب الرئيس " لا يجوز أبدا أن يتحدث الرئيس عن عدد مخالفات السيارات أو المخابز، الرئيس يتحدث في الكليات لا في أمور إجرائية تفصيلية حتى لا يكون موضع جدل ونقاش بعد ذلك، فتلك مهمة الوزراء، فكل كلمة من فم الرئيس تزن طنًا.
"الحارة المزنوقة" 23 نوفمبر 2012
أمام قصر الاتحادية خرج الرئيس ليخطب في الحشود المؤيدة الواقفة أمام بوابات القصر الرئاسي.
واعتبر "العالم" أن منذ ذلك الوقت بدأت مرحلة الانقسام من خلال توجيه الرئيس الاتهامات للعديد من الشخصيات ضمنيًا، وبدأ الكلام يتسم بالغموض، وخطاب الرئيس يجب أن يكون مدروس بشكل جيد ومعد سلفًا، ويكتبه فريق من الدبلوماسيين والإعلاميين والمتخصصين في كل المجالات، على حد قوله.
وتابع أنه ما كان يجب أن يتسم خطاب الرئيس "بتلقيح" كلام على أحد أو قول "345 الجالسين في الحارة المزنوقة"، مطالبًا التخيل أن يتم ترجمة السفراء لهذا الخطاب.
وأشار "العالم" أنه من ذلك الوقت يطالب بابتعاد الرئيس عن الارتجال في الخطابات، لأن الارتجال دون تحديد طبيعته الوظيفية يوقع في كثير من الأخطاء.
"جلسة الشورى" 29 ديسمبر 2012
وقف الرئيس أمام جلسة مجلس الشورى مستعرضاً الوضع الاقتصادي وقرارات بعمل خطة للقضاء على الفقر.
أوضح "العالم" أن المأخذ كان في تقديم كلمة تحمل دلالة مبالغة وتفتقد إلى الدقة؛ حيث قدم تمنيات بأن الوضع الاقتصادي جيد ومبشر وأن مَن يقولون أن مصر في أزمة واهمين ومفلسين، غير أن تعمد إصدار البنك المركزي تقرير اقتصادي بعد نصف ساعة من الخطاب بثه إلى جميع وسائل الإعلام، وهذا يعني أن البنك المركزي استشعر الخطر وأنه قد يتورط، على حد قوله.
وتساءل "العالم" من أين أتى الرئيس بهذه التمنيات الإيجابية في خطابه عن الوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى أنه كان يجب أن يكون أكثر تدقيقًا؛ لأن الحديث هنا أمام مؤسسة نيابية تمثل قطاعات كبيرة من المتخصصين وبالتالي قد يتم دراسة هذا الخطاب.
"الطوارئ" 27 يناير 2013
"عندما ينتظر الجمهور الرئيس لحل أزمة سياسية أو اقتصادية فبالتالي كان يجب أن يكون الخطاب مدروس بشكل دقيق".. هكذا تحدث "العالم" عن ظهور الرئيس بعد فترة ليست قصيرة من اندلاع أزمة بالبلاد في الذكرى الثانية للثورة.
وذكر "العالم" أن حديث الرئيس في ذلك الوقت زاد الأمر غموضًا والتباسًا، وليس القول الفصل كما انتظر الناس، مشيراً إلى فقدان الحس الشعبي، الذي يؤكد مرة أخرى ضرورة أن يكون مع الرئيس فريق، خاصة وأن استخدامه لإشارة "الصُباع" حملت تأويل وظفه لكثير بشكل ساخر، خاصة وأن الأحداث كانت تستدعي التهدئة والاحتواء بدلاً من إطلاق حالة الطوارئ بنص الخطاب، على حد قوله.
"الساعة وميركل والإنجليزية" 30 يناير 2013
الرئيس في لقاء خارجي آخر مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وذلك أملًا في العفو عن ديون مصر، لكن اللقاء لم يخل من "الهفوات" التي التقطتها العدسات ومنها.
ما اعتبره "العالم" انعكاس للتوتر وهو ما مثلته نظر الرئيس مرسي إلى الساعة أكثر من مرة، لكنه كان عليه إدراك أن الكاميرا معه، مشيرً إلى أنه لو كان هناك تدريب جيد ما كان يمكن الوقوع في ذلك.
وعن استخدام الرئيس اللغة الإنجليزية بينما يتحدث بالعربية وسط حضور ألماني قال "العالم" : " أعتقد أنه كان من المناسب تحديد الجمهور المستهدف من الخطاب"، معتبراً ذلك استمرارً للعفوية.
"القرداتي والحاوي" في قطر 26 مارس 2013
اللقاء الشهير مع الجالية المصرية في قطر الذي استخدم فيه الرئيس ألفاظ مثل "القرد لما يموت القرداتي يشتغل إيه"، وأيضاً "الحاوي" و"وقعة في ركبهم"، و"الأصابع" التي تلعب في مصر.
وقال "العالم" إن هذا المشهد استمرار للإشارات التي لم تكن مطلوبة واستخدام ألفاظ تطالب الناس بالبحث عن المعنى، معتقدًا أنه خطاب تأويلي لا يليق بخطاب لرئيس.
واعتبر استمرار استخدام لفظ "الصوابع" حالة عناد في أمور غير دقيقة احتملت التأويل من قبل، لأن التكرار فيه استهداف لإعطائها شرعية قائلًا: " فلا يعقل أن أقول لا زالت الصوابع تلعب، هو أنا خايف من مين أنا معايا كل السلطات".
وأشار إلى أنه "بعذر القائمين على الهيئة العامة للاستعلامات لما يوثقوا بمناسبة مرور سنة على خطاب الرئيس نصوص الخطابات هيقولوا إيه".
"الظهور الأول بالكاجوال" 12 إبريل 2013
" سويتر وبنطلون زيتي".. هكذا ظهر الرئيس لأول مرة بملابس "كاجوال" بدلاً من "البدلة"، عقب صلاة الجمعة بمسجد القدس في التجمع الخامس، ليعتاد منذ وقتها ظهور الرئيس في أكثر من مرة بنوع الملابس ذاته.
واستبعد "العالم" أن يكون لذلك دلالة، كما اعتبره البعض بل هو أمر طبيعي أرجعه ربما لحرارة الجو وقتها، موضحًا أن ذلك جزء "مراسمي برتوكولي".
"الكؤوس والبرازيل" 8 مايو 2013
يرى " العالم" أن مشهد الكؤوس الشهير الذي جمع الرئيس "مرسي" ونظيرته البرازيلية "ديلما روسيف"، أظهر استمرار ضرورة وميزة وجود فريق مصاحب للرئيس، معتبرًا أن هذا الموقف كان يجب إدراك أنه سيحتمل التأويل في الداخل المصري، قائلاً: " اعتقد أن ذلك لم يكن مطلوب، وكان يمكن تجنبه دون إحراج من خلال أنه يحاط علمًا من الفريق المعاون للرئيسة البرازيلية أن ذلك قد يتم تأويله".
"الحصاد" 15 مايو 2013
الرئيس يقف خلف منصة الرئاسة وسط حقل قمح بالإسكندرية ملقيًا كلمته بمناسبة عيد الحصاد.
وقال أستاذ الإعلام إنه مشهد يحمل دلالة إيجابية تعني "أنا عايز أقرب من الفلاح وأحسسه إني معاه أساعد على زيادة محصول القمح، لكن أيضًا دون مبالغة وأقول أرقام ويتضح بعد ذلك إن الأرقام التي قيلت بها خلاف"، على حد قوله.
"الحوار وطني لأزمة سد إثيوبيا" 3 يونيو 2013
ظهر الرئيس على مائدة اجتمع حولها عدد من الشخصيات العامة والقوى السياسية لمناقشة أزمة سد أثيوبيا، الحوار الوطني تم بثه على الهواء ولم يكن الحضور على علم وبينهم الرئيس.
وعن ذلك المشهد قال "العالم" إن هذه سقطة تُؤخذ على الإدارة الإعلامية لمؤسسة الرئاسة وقطاع الأخبار، مشيرًا إلى أن الرئيس كان لابد له من التعليق على بعض الأقوال والاتهامات أو النصائح التي تردد.
"المياه وسوريا" 9 – 15 يونيو 2013
مؤتمران تكرر ظهور الرئيس بهما في مدة قصيرة الأول "المؤتمر الوطني للحفاظ على حق مصر في المياه" والثاني" نصرة سوريا".
واعتبر "العالم" أن المؤتمران أظهرا فكرة تجيش المؤيدين، ومعنى هذا رغبة الرئيس في توصيل رسالة لمتظاهري 30 يونيو "أنا معايا مؤيدين وأنصار".
وكذلك الأمر بالنسبة لمؤتمر سوريا؛ حيث يرى أستاذ الإعلام إن "افتعال قصة سوريا من حيث التوقيت والدلالة والقرارات الخاصة بقطع العلاقات، امتداد لمحاولة خلق صورة مصنوعة للرئيس تدحض التظاهرات، أو دعوات حركة "تمرد"، التي تجمع توقيعات ضده واستنهاض إرادة المواطنين،
أو الحس القومي المصري بالذهاب والدفاع عن سوريا، وما صاحبه من انفعال بقطع العلاقات".
وأوضح "العالم" أن ظهور الرئيس وحديثه شكل صورة تتناقض مع الأحداث لتي سبقتها، مشيرًا إلى أن الرئيس لا يجب أن يخلق أعداء، كما أن الظهور بهيئة شكلية تتناسب مع الحدث تؤثر على علاقة الرئيس بالشعب، من حيث هيبة الرئيس ومقامه.
إجمالاً
"حدة الصوت، بعض الجمل غامضة، الارتجال، الجمل المرصوصة دون إدراك دقيق ووعي تفصيلي بمحتواها ودلالاتها".. هي صفات الظهور الخطابي للرئيس مرسي طوال عام، حسبما كما اختصرها أستاذ الإعلام والبروتوكول في في ختام "الطاولة التحليلية"، مؤكدًا أن الرئيس مرسي في البداية كان ظهوره ومواقفه جيدة أشبه ببدايات تصالحية.
وأشار "العالم" إلى أن بروتوكول الرئيس شهد أخطاء بدءً من الإعلان الدستوري وحالة العناد التي صاحبته في ظل أنه لم يكن هناك فريق محترف أو ناصحين للرئيس خلال ظهوره الإعلامي طوال عام، قائلاً " لا يعقل أن يترك الرئيس دون المتخصصين في الخطاب والتحدث والظهور العام في المجتمع داخليًا وخارجيًا"، على حد قوله.