بكي المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، أثناء تصوير فيلمه ''عمر'' وأبكي الضيوف العرب الذين شاهدوا الفيلم في مهرجان ''كان'' السينمائي الدولي في دورته ال 66، الذي انطلق في جنوبفرنسا 15 مايو الجاري، ويستمر حتى 26 من الشهر نفسه. ويتنافس الفيلم على جائزة السعفة الذهبية لمسابقة ''نظرة ما''، حيث يضم المهرجان 6 أقسام؛ وهم المسابقة الرسمية، ونظرة ما، وخارج المسابقة، ومشاهد خاصة، وسينيفونداسيون، والأفلام القصيرة. وأكد هاني (هولندي من أصل فلسطيني) خلال مشاركته في ندوة أعقبت عرض الفيلم في المهرجان، السبت الماضي، علي ''حضور القضية الفلسطينية في المحافل المختلفة وحق الشعب في مقاومة الاحتلال'' . وأضاف أن ''الحياة تمنح قصصًا رائعة للكُتاب، وفيلم عمر ليس استثناءًا لهذه القاعدة''، مشيرًا إلى أنه ''بكى أثناء تصوير الفيلم بسبب أحد المشاهد التي تفاعل معها''. ونقلت صحف فرنسية أن الجمهور العربي الذي حضر عرض الفيلم خلال فعاليات المهرجان، تفاعل إلى حد البكاء مع أحداث الفيلم التي ترصد معاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال الإسرائيلي. وتدور أحداث الفيلم، بحسب أبو أسعد، حول ''ثلاثة شبان فلسطينيين يؤسسون تنظيما لمقاومة الاحتلال ويقنصون أحد الجنود الإسرائيليين المكلّفين بحراسة جدار الفصل العنصري فتطاردهم المخابرات الاسرائيلية مستخدمة أسوأ أساليب القمع والدسائس والابتزازات، في محاولة لاستقطابهم للتجسس على كتائب الأقصى (الذراع العسكري لحركة فتح) التي ينتمون إليها''. ورصد الفيلم ما اعتبرها أساليب إسرائيلية بحق المعتقلين الفلسطينيين من تعذيب جسدي ونفسي إلى ابتزاز أخلاقي وجنسي. وقدم هاني أبو أسعد شخصية المقاوم الفلسطيني، والتي سبق وقدم بها أبطال فيلمه ''الجنة الآن''، حيث ظهر ''عمر'' البطل والشخصية الرئيسية المؤسسة للتنظيم الفدائي في صورة إنسانية يسهل قبولها وتصديقها والتعاطي معها؛ فهو عاشق ويشبه في ذلك أغلب أبناء جيله، ويتسلل يوميا متجاوزا جدار الفصل من رام الله إلي قرية مجاورة من القري الفلسطينيةالمحتلة حيث تقيم حبيبته، وهو أيضا يحلم بالزواج من تلك الحبيبة والسفر إلى باريس لقضاء شهر العسل. لكن خططه تصبح غير قابلة للتنفيذ بسبب اعتقال القوات الإسرائيلية له، ثم إطلاقه بسرعة لتشويه سمعته وإثارة الشكوك حوله والاشتباه بتعاونه معها، من قبل رفاق المقاومة. ومنذ قدم المخرج المصري يسري نصر الله فيلمه ''باب الشمس'' في المهرجان عام 2003 لم تحقّق القضية الفلسطينية حضوراً قويا الا مع فيلم ''عمر'' هذا العام .
وقدم أبو أسعد من قبل فيلم ''الجنة الآن'' الذي يتحدث عن فلسطينيين يستعدان لتفجير نفسيهما داخل إسرائيل، وحصل به على عدة جوائز عالمية عام 2005 منها جائزة جولدن جلوب لأفضل فيلم أجنبي، وجائزة مهرجان برلين للسينما العالمية، وجائزة العجل الذهبي في هولندا كأفضل فيلم هولندي، وجائزة مهرجان دوربان للسينما العالمية في جنوب أفريقيا. وهاني أبو أسعد ولد في الناصرة، فلسطين عام 1961، وهاجر إلى هولندا في عام 1980 حيث عمل مهندس طيران لسنوات قبل أن يدخل عالم السينما والتليفزيون. وهو ينتمي إلى جيل السينمائيين الذين بدأوا بالعمل السينمائي، في مرحلة الانتفاضة الأولى، فكانت ولادته كمخرج سينمائي في عام 1991، عندما أخرج فيلمه الأول ''لمن يهمه الأمر''، وهو فيلم وثائقي قصير . وحاول خلاله قراءة الموقف الفلسطيني، الذي بدا على صورة المؤيد للعراق خلال حرب الخليج، وقام بهذه القراءة من خلال مواقف شخصين، اختارهما المخرج من مدينة الناصرة ونال به الجائزة الأولى لأفضل فيلم قصير، من معهد العالم العربي في باريس. وجاء فيلمه الثاني بعنوان ''بيت من ورق'' عام 1993، وهو فيلم روائي قصير ونال جائزة أحسن فيلم روائي قصير في بينالي السينما العربية في باريس 1994، ويتناول حكاية فتى فلسطيني، في مقتبل العمر (13 سنة)، اسمه خالد، ونراه وقد هدم الاحتلال منزل أسرته، فقام بتحقيق حلمه، بالتعاون مع أصدقائه الأطفال؛ الحلم الذي صار على هيئة بناء ''بيت من ورق''.