في خطوة جديدة تُجسد الرؤية المصرية الطموحة للتنمية المستدامة، افتتح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي المرحلة الأولى من المنطقة الصناعية بجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، وذلك في قلب مشروع "مستقبل مصر" بالدلتا الجديدة، والذي يُعد أحد المشروعات القومية الرائدة في مجال الزراعة واستصلاح الأراضي. لطالما ارتبط اسم جهاز مستقبل مصر في أذهان الكثيرين بالمشروعات الزراعية الضخمة فقط، ولكن المشهد اليوم تغيّر كليًا. فمع افتتاح المدينة الصناعية الجديدة، بدأ الجهاز صفحة جديدة تؤكد تحوله إلى كيان متكامل يجمع بين الزراعة والصناعة من خلال إقامة مصانع كبرى تعتمد على الإنتاج الزراعي المحلي، ما يفتح آفاقًا واعدة لفرص التشغيل، وتعظيم القيمة المضافة للمنتج المصري، وتقليل الاعتماد على الاستيراد. توسع جغرافي وشمولي في المهام التنموية لم تَعُد أنشطة جهاز مستقبل مصر مقتصرة على نطاق "الدلتا الجديدة" فقط، بل امتدت لتشمل مناطق متعددة مثل الفيوم، والمنيا، وأسوان، والواحات، ليصبح الجهاز شريكًا رئيسيًا في تحقيق الأمن الغذائي في مختلف أقاليم الجمهورية. كما أسس الجهاز منظومة متكاملة تشمل صوامع لتخزين الحبوب، وبدأ في تنفيذ مشروعات قومية جديدة في مجالات إدارة البحيرات، والتعدين، والتنمية العمرانية، كان آخرها المساهمة في إنشاء مدنذكية صديقة للبيئة. هذا بالإضافة إلى مشروعات النقل وتوزيع الكهرباء، والميكنة الزراعية، والطاقة الشمسية، ما يضع الجهاز في قلب منظومة التنمية المصرية الشاملة. التكنولوجيا... قاطرة المرحلة القادمة غير أن المفاجأة الحقيقية التي تمثل قاطرة التحول الاقتصادي خلال السنوات القادمة، هي دخول جهاز مستقبل مصر بقوة إلى مجال التحول الرقمي والخدمات التكنولوجية. فقد أصبح الجهاز أحد أبرز الفاعلين في تأسيس البنية التحتية الرقمية للقطاع الزراعي والخدمي في مصر. واستعدادًا لتلك المرحلة، أنشأ الجهاز شركة متخصصة في التحول الرقمي الزراعي تحت اسم Digital Smart Tree، تهدف إلى حصر وتصنيف الأراضي والمحاصيل الزراعية وربطها بمنصات التداول مثل البورصة الزراعية والسلعية، وهو ما يساهم في تنظيم السوق الزراعي وتحقيق شفافية أكبر في تسعير المنتجات. مصر... بوابة البيانات الدولية ومع امتلاك مصر ل17 كابل بحري دولي يمر عبر أراضيها، تحتل الدولة المرتبة الثانية عالميًا بعد الولاياتالمتحدة في عدد الكابلات البحرية، مما يُؤهلها لتكون مركزًا عالميًا لإنشاء مدن مخصصة لمراكز البيانات (Data Centers)، خاصة في ظل ما تمتلكه من موقع جغرافي استراتيجي وبنية تحتية تقنية متطورة. وتُعد هذه الخطوة تتويجًا لرؤية الدولة المصرية في أن تصبح محورًا إقليميًا لتكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية، وهو ما ظهر جليًا من خلال الشراكات الاستراتيجية التي عقدها جهاز مستقبل مصر مع أكبر الشركات العالمية والمحلية مثل هواوي، السويدي إليكتريك، سيمنز، وشنايدر إلكتريك، وغيرهم من الشراكات الجاري دراستها. وهي شراكات تستهدف توطين التكنولوجيا وتقديم حلول رقمية ذكية في قطاعات متعددة. نحو مصر الرقمية بافتتاح هذه المرحلة من المدينة الصناعية، ومع انطلاق مشروعات التحول الرقمي داخل الجهاز، تُثبت مصر أنها ماضية بقوة نحو بناء اقتصاد رقمي متكامل، وأن "مستقبل مصر" لم يعد مجرد مشروع زراعي، بل أصبح نموذجًا فريدًا للتنمية الذكية التي تدمج بين الزراعة والصناعة والتكنولوجيا، من أجل بناء وطن قوي، مستقل، ومتصل بالعالم.