وقف رجل يبدو عليه أنه ''خمسيني العمر''؛ بعد أن أوشك على اجتياز الشارع المؤدي إلى ميدان ''سيمون بوليفار''، ومع اقترابه من الجدار الخرساني الذي أغلق بداية الشارع، انحنى بعد التأكد من عدم وقوف أحد بالجهة الأخرى من وراء حديد المبنى القديم المتواجد قرب الجدار، ومع استمراره بالانحناء نجح في عبور ''فتحة'' بالحائط، وفي المقابل كان بانتظاره شاب فعل الشيء ذاته ونجح هو الآخر في العبور. سنتيمترات لم يجد غيرها عابري الطريق من وإلى شارع عبد القادر حمزة نظراً لغلقه بالكتل الخرسانية المكونة للجدار العازل، الذي وضعته قوات الأمن وقت الاشتباك الواقع بينها والمتظاهرين في محيط السفارة الأمريكية وميدان سيمون بوليفار. '' الحفرة'' في الحائط المجاور للجدار لم تكن موجودة من قبل وفقاً لحديث المارة؛ حيث كان يلجأ كل من يرغب الذهاب إلى شارع القصر العيني أو إحدى شوارع ميدان ''سيمون بوليفار'' إلى القفز من فوق الجدار كحال غيرهم من المارة بالشوارع التي يتواجد بها الجدران العازلة . المارة بشارع ''عبد القادر حمزة'' المجاور لشارع السفارة الأمريكية يتجهون دون تردد نحو تلك ''الحُفرة''؛ فهي السبيل أمام من أجبره ظروف تواجد مقر عمله بالشارع أو الشوارع المجاورة إلى المرور اليومي . ''طابور'' صغير قد تجده مصطفاً أمام تلك الحفرة غير مستوية الحواف إذا زاد عدد المشاة؛ كل منهم ينتظر دوره في العبور مع ضحكات ترتسم على الأوجه أثناء تنفيذ كل منهم لحركات تكاد تكون متشابهة بدءً من الانحناء ومد أحد الأرجل داخل ''الحُفرة'' وأخيراً العبور الناجح؛ وإذا كان أحد العابرين حاملاً لحقيبة أو غيرها تتغير الخطوات قليلاً؛ حيث يبدأ بتمريرها إلى أحد الواقفين بالجهة الأخرى المنتظرة. ''دي هتعدينا يا عمر''.. قالها أحد عابري ''الحُفرة'' لصديقه المنتظر له حتى يمر للجهة الأخرى، والذي علق ساخراً هو الآخر ''ولا سوبر مان''. وعلى الرغم من صعوبة عملية المرور اليومي؛ حيث قال أحد العابرين: '' تعبنا والله كل يوم على الحال ده ''؛ غير أن تبادل الابتسامات والضحكات بين المارة الغالب عليهم الرجال عن النساء ظل المشهد المصاحب للانحناء.