الجرائد وجبة شهية من الأخبار ينتظرها القراء كل صباح ومساء لتفتح النافذة لهم على أخبار الدنيا وأحوالها، مهنة البحث عن المتاعب ليست فقط حكراً على الصحفيين أو رؤساء التحرير، بل هي مهنة تجمع من كل طوائف الشعب، من عامل المطبعة وبائع الجرائد و''السريح'' بجرائد اليوم، اليوم قرر مجلس نقابة الصحفيين أن تغلق هذه النافذة، وأن تحتجب عدد كبير من الصحف الحزبية والخاصة اعتراضاً على الإعلان الدستوري الذى أصدره رئيس الجمهورية في 22 من نوفمبر السابق، ليؤثر ذلك على بائعي الصحف أيضاً. عم ''أحمد حسن'' - بائع جرائد يجلس بجرائده على فرشة فى شارع ''فيصل'' - انزعج من قفل ''باب العيش'' بعد احتجاب الجرائد اليوم ''من امبارح بليل عربية المطبعة مجتش بالجرايد، والنهاردة طول اليوم الزبون يسأل على الدستور أو المصري اليوم أو الوطن مش موجودين، يعنى أكل عيشنا وقف''. ''مصائب قوم عند قوم فوائده''.. هكذا الحال بالنسبة للصحف القومية بعد احتجاب الصحف الخاصة والحزبية، يقول عم ''حسن'' إن الزبون الذى لم يجد جريدته الخاصة أو الحزبية يضطر أن يشترى ''صحيفة قومية''؛ فمبيعات ''جرايد الحكومة'' كما وصفها ''عم حسن'' لم تزيد بهذا الحجم قبل اليوم ''دايما الجرايد الحكومية بيبقى فيها مرتجع كتير، النهاردة الأخبار اتباع منها عدد مش بطال وكمان المساء خلص بسرعة''. ''الحرية والعدالة'' هى الجريدة الحزبية الوحيدة التى نفذت أعدادها اليوم، وذلك لوجود نسخة من مسودة الدستور المصرى عليها ''مجاناً''، مما جعل الإقبال عليها كبيراً، ووسط الاحتجاب للصحف الخاصة، يقول ''عم حسن'': ''للأسف الجرايد الخاصة كلها شركات خاصة، لكن جرايد الحكومة لو الرئيس مات هتطلع برده، أنما الجرنان الخاص ملك صاحبه، واللى مش عارف أن فى أكل عيش بيطلع منها، يعنى مثلا بيطلعلى فى الجرنان ''بريزة'' من الجنيه، لما ابيع ألف ولا ألفين عدد، ده مكسبى ومكسب العامل اللى معايا، لكن النهاردة العامل هياخد يوميته منين؟!''. يمد ''عم حسن'' عدد من ''السريحة'' بالجرائد من صغار الأطفال العاملين فى بيعها للقهاوى أو للمحلات فى الشارع ''بعد موضوع الاحتجاب السريح النهاردة نزل بكام جرنان من بتوع الحكومة، وكام جرنان أسبوعى، لكن يوميته اتأثرت، بعد ما كان بيطلع بخمسين جرنان يكسب في كل واحد ريال، النهاردة يوميته راحت''. ويرى ''عم حسن'' الرجل الخمسينى أن الأولى للصحف أن تصدر وأن تكتب ما تعترض عليه ''والله كانوا يكتبوا أنهم معترضين على الإعلان بتاع مرسى فى الجرنان ، لإن هما كمان هيتوقف حالهم؛ فبدل وقف الحال كانوا طلعوا والصحفيين والمطبعجية والسريحة البياعيين كانوا ياكلوا عيش، ويقولوا برضه اللى عايزينه''.