مع كل طلعة شمس، يتوجه ''عم سيد'' صوب مخبزه القابع في ميدان الدقي، يوميا من الرابعة فجراً حتى الخامسة عصراً، تتعلم منه الانضباط، يقف ''على يد'' العمال، حتى آخر رغيف، الجميع يبتسم في وجه الذى يشبه في حلاوته رغيف ساخن، مقبل على العمل في عقده السادس، ورث ''الكار'' عن أبيه منذ عام 1914، شرب منه المهنة واتقنها، كما يسقيها اليوم لأولاده. وعلى الرغم من بساطة مخبزه الذى يتزين بالآيات القرآنية على جدرانه، كل أبناء المنطقة يتجهون صوبه، المخبز مزدحم حيناً، وشبه فارغ حيناً آخر، لكنه لا يخلو أبداً من زبون، يتوارد عليه الكبار والنساء والرجال قادمين من عملهم، والأطفال يحملون ''الأقفاص'' الصغيرة، ''العيش السخن فرحة'' هكذا قال أحد زبائن ''عم سيد''. ''كل شئ هو هو، قبل المائة يوم وبعد المائة يوم''.. قالها ''عم سيد'' والحزن يكسو وجهه الشاحب على أحوال ''العيش والعيشة''، فوعود المائة يوم لم تصل إلى عم ''سيد'' بعد، ''المشكلة ليست فى الدقيق ولكن فى تكلفة صناعة الرغيف، والتى ارتفعت جداً، النهاردة العامل اللى شغال معايا بياخد 135 جنيه أقل حاجة يومية بعد أن كان 60 جنيه، الرغيف بيتكلف أكتر بكتير من قيمته'' قالها ''عم سيد''. ''عم سيد'' غير راضٍ عن سعر الرغيف الذى لا يتحرك من خانة الخمسة قروش ''لازم يغلى لإن تكاليفه كتيرة، وده لصالح الزبون ولصالح أصحاب المخابز''. فى السادسة من صباح يوم مرهق، أطل على ''عم سيد'' رئيس الوزراء ''هشام قنديل'' ليطمئن على أحوال رغيف العيش كما يقول عم سيد :''رئيس الوزراء كان قاعد وقالى أحوال العيش ايه، قلتله على الوضع بصراحة، تكاليف الصنعة محتاجة فلوس، وعلشان كده الرغيف لازم يغلى لأن التجار بيهربوا الدقيق وبيبعوا للمخابز عشان يغطوا التكاليف''، مشيراً الى أن رئيس الوزراء أكد له أنه سيبحث هذا الأمر. ''الناس بقت بتاجر في رغيف العيش ..الناس تشترى كام رغيف وتبيعهم.. ده غير التهريب للأفران لبيع رغيف بربع جنيه وزى ''كعب الكوباية''، الرغيف أبو ''شلن'' وزنه 135 جرام، وأبو ربع جنيه وزنه 45 جرام، يعنى حرام يفضل سعر الرغيف زى ما هو''.. رغيف العيش أصبح هم من هموم ''عم سيد'' الكثيرة، يتمنى أن يرى الحال أفضل، يعمل يومياً بجد وسط عماله وزبائنه فى انتظار ''فرج الله'' و ''فرج الحكومة''.