درجة الحرارة مرتفعة.. الجنود بعضهم فاض به الكيل من كثر التعب والتدريبات وأحيانا القتال مع قوات العدو.. وإذا بالجنود يسمعون صوت آلة ''السمسمية'' تعزف أغنية لم يتبينوا كلماتها بعد.. ويقترب الصوت مع الوقت لتصل لهم الكلمات "عضم ولادنا.. نلمه.. نلمه..نسنه.. نسنه ونعمل منه مدافع وندافع..ونجيب النصر هدية لمصر".. ثم يقترب الرجل الذي يغني فينظر الجنود ليجدوا أنه "كابتن غزالي". "كابتن غزالي" هو أحد رموز المقاومة الشعبية بمدينة السويس حتى أنهم يطلقون عليه هناك "خال السوايسة" كما تم إطلاق اسمه على أحد شوارع المدينة؛ حيث شارك بكل ما يستطيع لمعاونة الجنود المصريين بعد "نكسة 67" وحتى نصر أكتوبر . " محمد أحمد غزالي " أو "كابتن غزالي " الذي ولد عام 1928 بمحافظة قنا ثم انتقل إلى السويس، وكان يعمل موظفا فى وزارة الزراعة، دخل بعد عام 1952 فى مغوار السياسة؛ حيث أًصبح أمينا للشباب ضمن تنظيمات الثورة ثم استمر على نفس النهج حتى حدثت " نكسة 67" التى صدمت المصريين أجمعهم . قرر "غزالي" أن يشارك بأي شيء فى تحرير ما احتلته إسرائيل وخاصة مدينة السويس، فبدأ بتكوين فرقة أسماها "أولاد الأرض"، كان دورها الأساسي هو تحفيز الجنود المصريين فى الحرب ضد الصهاينة عن طريق الغناء والأناشيد الحماسية، وأحيانا عن طريق المقاومة الشعبية مع الجنود أنفسهم قدر المستطاع، كما قام هو وفرقته بعلاج الجنود أحيانا بعد الاشتباكات المتبادلة مع إسرائيل، وأحيانا حماية المنشآت الحيوية المصرية . وعندما حدث التهجير الجماعي بعد "النكسة" لسكان مدينة السويس بسبب قصفها المستمر من قبل إسرائيل، لم يغادر "غزالي" وفرقته الأرض فظل موجود هو وحوالي 600 رجل آخر فى المدينة كلها. إلا أنه قبيل حرب أكتوبر بشهور معدودة فى شهر مارس حدثت مشكلة بين "غزالي" والرئيس الراحل "السادات" لأن السادات قرر فض تشكيلات المقاومة الشعبية والتى كان "غزالي" أحد أهم رموزها، وعندما اعترض على قرار "السادات" تم منعه من الظهور كثيرا فى المناسبات العامة والأحداث الهامة - على حد قوله - وتم إبعاد "غزالي " فى مدينة بنها عدة سنوات حتى لا يخرج منها. يعتقد الغزالي أن ثورة 25 يناير هى فى النهاية امتداد لحرب اكتوبر وما قبلها، وأن الشباب يكملون ما بدأه أجدادهم وآبائهم، حتى أن "غزالي" كتب قصيدتين يمتدح فيهما ثورة 25 يناير وروح شبابها .