حذرت ابنة وزير داخلية سابق عمل في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي واعتقل بعد الثورة، من أن والدها يواجه خطر الموت بسبب أوضاعه الصحية وظروف الاعتقال، داعية في نفس الوقت حكومة بلادها إلى الإسراع بتطبيق "عادل" للعدالة الانتقالية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية. وقالت لمياء القلال ابنة وزير الداخلية السابق عبد الله القلال والمعتقل بسجن المرناقية بالعاصمة تونس في مقابلة مع صحيفة "العرب" الدولية اللندنية إن تقريرا طبيا صادرا عن طبيب فرنسي، عين ضمن لجنة كانت مكلفة بمعاينة صحة القلال، أثبت أن حالته الصحية متدهورة. وأوضحت لمياء القلال للصحيفة أنه في الوقت الذي امتنع فيه ثلاثة أطباء تونسيين ضمن اللجنة عن تقديم تقريرهم، فإن تقرير الطبيب الفرنسي فيليب أباستادو حذر من أن حياة الوزير السابق معرضة للموت في أي لحظة بالسجن بسبب التعقيدات الصحية التي يعاني منها إلى جانب ظروف الاعتقال ومضاعفات الإرهاق والضغط والاستجوابات الطويلة والمتكررة. ويعاني عبد الله القلال من أمراض السكري ويحمل خمس شرايين بديلة في القلب. وطالبت لمياء وهي أيضا رئيسة جمعية "حق الرد" المرافقة لأهالي السجناء من أركان نظام بن علي، بأن يراعى الجانب الصحي لوالدها وباقي السجناء الذين جاوز اغلبهم السبعين. وكشفت عن ظروف اعتقال سيئة في سجن المرناقية "حيث يتم حشر أكثر من عشر مساجين في غرفة واحدة"، كما تشكو من تشدد الإجراءات خلال الزيارات لعائلات المساجين. وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى "وصلتنا شكاوى من أهالي السجناء وقد تقدمنا بمكتوب إلى وزارة العدل لتحسين ظروف السجن ومراجعة إجراءات الزيارة كما طالبنا بتشكيل لجنة لزيارة السجن ومعاينة ظروف الاعتقال". وأضاف بن موسى: "نلاحظ نفس الممارسات التي تمت معنا في قضية البغدادي المحمودي سابقا.. الوزارة لم ترد علينا إلى اليوم. ويبدو أن سكوتها يعكس عدم رغبتها في التجاوب معنا بشأن تشكيل لجنة". يشار إلى أن القلال معتقل من بين 110 موقوفين، معظمهم وزراء ومقربون من النظام السابق تم تجميعهم في سجن المرناقية بالعاصمة. وألقي القبض على القلال في 10 مارس2011 إلى جانب عبد العزيز بن ضياء وعبد الوهاب بن عبد الوهاب، وهم وزراء مستشارون لدى الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وبحسب الصحيفة ، يلاحق القضاء العسكري التونسي القلال بتهم تتعلق بالتعذيب في القضية المعروفة باسم "قضية براكة الساحل" والتي تعود إلى بداية التسعينيات من القرن العشرين وقد تقدم بها ضباط سابقون بالجيش ضد الرئيس السابق ووزير الداخلية آنذاك عبد الله القلال ومدير الأمن السابق محمد علي القنزوعي وعدد آخر من المسؤولين الأمنيين. وأصدر القضاء العسكري حكما بسجن القلال والقنزوعي سنتين في طور الاستئناف، ولا تزال القضية في مرحلة التعقيب لكن لمياء تشير إلى أن المحاكمات صورية وانها "تفتقد إلى حقوق الدفاع من جهة وإلى قرائن الإدانة من جهة أخرى". وتولى القلال حقيبة الداخلية في حكم بن علي بين فبراير عام 1991 ويناير عام 1995، وهي الفترة التي أعقبت فوز بن علي بانتخابات عام 1989 وبداية شنه للحملات ضد الإسلاميين والمعارضين حتى داخل المؤسسة العسكرية. وطالبت لمياء القلال الائتلاف الحاكم في بلادها بالكف عن تقديم "أكباش فداء" للرأي العام وبإنهاء المحاكمات الصورية. وتحاول وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية التي أحدثت بعد الثورة في تونس التوصل إلى إرساء مشروع للمصالحة الوطنية، وقد أطلقت مبادرة للحوار أشركت فيها العشرات من منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك جمعية "حق الرد"، غير أن الجهود في تحديد صيغة المشروع مازالت متعثرة. وقالت الصحيفة إن جمعية "حق الرد" وعائلات الوزراء المساجين من نظام بن علي، يخشون أن يقع في نهاية المطاف تقديم أقاربهم ك "أكباش فداء" لإرضاء الرأي العام دون أن تنجح العدالة الانتقالية في تفكيك كامل لمنظومة الفساد والتعذيب والتوصل في الأخير إلى تحقيق مصالحة فعلية. وقال عبد الستار بن موسى: "هناك تأخير كبير في رسم قانون العدالة الانتقالية والتي تنتهي بالمحاسبة ثم المصالحة"، مضيفا أن "الوزارة تقول إن الأمر يتطلب وقتا ولكن الموقوفين والمعنيين بالمحاسبة أعمارهم فوق السبعين.. أعتقد أن المماطلة تعكس إرادة ضعيفة لتفكيك كامل للمنظومة القديمة". وقالت لمياء القلال للصحيفة "ننتظر قرارا جريئا وشجاعا من الحكومة ودون تجاذبات.. نريد مرحلة جديدة ومعرفة الحقائق". وأضافت "نريد تطبيق العدالة الانتقالية بقلوب صافية".