في مثل هذه الأيام لا يمكنك أن تمر في أحد أحياء القاهرة دون أن تقع عيناك على عشرات المحلات التي تعرض ''الفوانيس'' بمختلف أنواعها؛ فرمضان هو موسم حركة البيع والشراء لتلك ''الفوانيس'' التي تتعدد أشكالها ولكن هناك بعض المناطق التي تنتشر بها ''الشوادر'' الكبيرة من أشهرها العباسية والسيدة زينب ومنطقة ''تحت الربع''. عم ''كرم السرس'' صاحب أقدم شادر لبيع ''الفوانيس'' في حي السيدة زينب؛ ورث هذه المهنة عن والده وجده وتعلم أصول البيع والتعامل مع الزبائن بالإضافة الى أسرار تصنيع الفوانيس، يبدأ في نصب الخيمة التي يعرض تحت ظلالها كافة الأنواع من الصاج والصيني و المصري بدءً من أول شهر شعبان وحتى نهاية رمضان. يخطط للعام التالي بعد انتهاء عيد الفطر مباشرة :'' نبدأ في تخزين الفوانيس المتبقية شوية بنحطهم في أقفاص قش وشوية بنلفهم بأوراق الجرائد''، ثم يتفق ''عم كرم'' مع ورش تصنيع الفوانيس الصاج على طلبيات جديدة من الأشكال التي تلاقى إقبالاً مثل ''شق البطيخة'' و''شويبس'' و''فانوس الآيات'' وهى أسماء تطلق على الاشكال المتنوعة للفوانيس؛ بينما يقوم في شهر رجب بالاتفاق على الفوانيس الصيني المستوردة. يحرص عم كرم على نقل خبرته لبناته الأربعة اللاتي يقفن معه بالشادر لمساعدته ويتناوبون على الورديات نظرًا لأن الشادر ''شغال 24 ساعة''، علاوة على أن زوجته أيضًا تشاركه العمل للوقوف إلى جواره في ''الزحمة''. ولا يكتفى ''السرس'' بالاستيراد والبيع فقط، وإنما يقوم بتصنيع الفانوس الخشب الذى يطلق عليه اسم ''الحاج كرم'' وهو يضيء من خلال لمبة من الداخل ويقبل على شرائه العرب لسهولة حمله والسفر به رغم كبر حجمه. يشكو ''عم كرم'' من الإجراءات الروتينية المعقدة الخاصة بإصدار التصريح لإقامة الشادر الخاص به، وهى مشكلة يتعرض لها كل عام – على حد قوله - ''أنا ساكن وبشتغل هنا في السيدة بقالي 50 سنة.. والناس كلها عارفاني أنا ووالدي من سنين طويلة أوي''.