ناقشت شركة ويسترن يونيون، الشركة العاملة في قطاع خدمات تحويل الأموال والسداد على مستوى العالم، خلال مؤتمر عقد اليوم الثلاثاء، أثر الثورات العربية على التحويلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسلط المؤتمر الأضواء على أهمية التدفقات المالية الآتية من الحوالات والهجرة في دعم النمو والأداء الاقتصادي لبلدان المنطقة، مشيراً إلى أن الثورات في منطقة مثل منطقة الشرق الأوسط تضم بلدان تشكل مصدراً للعمالة، وهي البلدان المتلقية للحوالات، وأخرى تمثل الوجهة، أي البلدان المرسلة، قد أثرت على العديد من اقتصاداتها.
وفي تعليق له، قال جان كلود فرح، النائب الأول لرئيس ويسترن يونيون للشرق الأوسط وأفريقيا: "برغم اندلاع الثورات، إلا أن معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا يسير بخطى جيدة.
وتابع: ''إن تغير الهياكل السياسية والاقتصادية للعديد من البلدان قد أثمر عن فرص جديدة، فالآفاق الاقتصادية في المنطقة بالكامل قد تحسنت العام الماضي برغم هذه الأوضاع، حيث عاودت رؤوس الأموال تدفقها مرة أخرى، وارتفعت أسعار النفط الخام، وازداد معدل الاستهلاك على المستوى الداخلي بصورة كبيرة، كما أصبحت بلدان مجلس التعاون الخليجي الوجهات المفضلة للمهاجرين الجدد، وبدأنا نشهد زيادة في عدد العمالة العربية القادمة من بلدان مثل اليمن ومصر.
وأوضح أنه ''فيما واجهت المنطقة فترة من حالة عدم الاستقرار، شهدت بلدان مجلس التعاون الخليجي نشاط اقتصادي قوي خلال تلك الفترة".
ففي عام 2011، نمت تدفقات الحوالات إلى بلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا 2.6%، وهو المعدل الذي يعد الأبطىء بين جميع المناطق المتقدمة نظراً لحالة الغموض وعدم الاستقرار المدني التي فجرتها الثورات العربية، ومن الملاحظ أن ما يزيد على 25% من الحوالات الواردة إلى بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينبع من بلدان مجلس التعاون الخليجي[3].
وخلال المؤتمر، تم تقديم دراسة تحت عنوان "الآثار الاقتصادية للثورات العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" أجراها الأستاذ الدكتور أحمد غنيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة تحت رعاية ويسترن يونيون[4].
وتسلط هذه الدراسة التي ساعدت في إجراءها كل من هبة الدقن، وهي خبيرة اقتصادية بارزة في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وأسماء عزت، مدرس مساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تسلط الأضواء على التشعبات الاقتصادية للثورات، وتقدم كذلك عدة تحاليل وتوصيات سياسية لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي تعليق له على الدراسة، قال فرح: "لقد شعرنا بالحاجة الماسة إلى تكوين فهم أعمق للاقتصادات الإقليمية واحتياجات عملائنا الذين يشكلون أساس عملنا. وتأتي هذه الدراسة في إطار جهودنا البحثية المستمرة حتى نفهم الأسواق التي نعمل داخلها بصورة أفضل. إن الموضوعات التي تناولتها الدراسة، سواء السوق الإقليمية والبلدان التي تتلقى الحوالات أو ترسلها، أو تلك التي تعد مصدراً أو وجهة للعمالة، أو حالة الاقتصاد العامة وأداء الاقتصادات في أعقاب الثورات، تشكل لدينا أهمية بالغة في وضع إستراتيجيات العمل واتخاذ القرارات".
وقسم الدكتور غنيم اقتصادات بلدان المنطقة إلى أربع مجموعات رئيسية استناداً إلى خصائصها الاقتصادية، الأولى، وهي البلدان التي تعتمد على النفط أو الغاز الطبيعي، وتتمثل في بلدان مجلس التعاون الخليجي الست وليبيا، والثانية، هي البلدان التي تصدر النفط أو الغاز الطبيعي، بيد أن اقتصاداتها متنوعة، مثل مصر وسوريا.
والثالثة، وهي البلدان التي لا تنتج النفط، ولكن لديها اقتصادات متنوعة، مثل المغرب وتونس ولبنان والأردن، أما الرابعة فهي البلدان التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على صادرات النفط أو الغاز الطبيعي وخاضت نزاعات محلية أو تعاني من انخفاض في معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد، مثل الجزائر والسودان والعراق واليمن وفلسطين.
وأشارت الدراسة إلى أن الثورات والتراجع السياسي والاقتصادي في المنطقة قد جعلاها محل اهتمام المجتمع الدولي، فيما أوضحت أن المجموعات الأربع تختلف كثيراً في عدة جوانب، منها الهياكل الاقتصادية وأعداد السكان والأطر السياسية والمؤسسية، ولذلك فقد تباين أثر الثورات فيها.
وتناولت الدراسة الظروف المختلفة ومدى إمكانية تأثيرها على بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التأكيد على تأثير هذه الاضطرابات على أسواق العمل والهجرة والحوالات، كذلك القطاع المالي الذي تختلف طبيعته في كل مجموعة وتتباين الآثار الواقعة عليه. وتواجه أسواق العمل في البلدان التي قامت فيها الثورات اختلالات كبيرة، حيث ازدادت معدلات البطالة، وتفاقمت في بعض الحالات بعودة الكثير من المهاجرين من البلدان التي شهدت هذه الثورات. وقد أثر ارتفاع أسعار النفط سلباً على البلدان العربية المستوردة للنفط، خاصة ميزان المدفوعات فيها والعجز في موازنات الحكومات، الأمر الذي أثر بدوره على تدفق الحوالات. اقرأ ايضا: