بدا من ردود فعل المعارضة الجزائرية وافتتاحيات الصحف المستقلة الصادرة السبت ان الاصلاحات السياسية التي اعلنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه للامة الجمعة، لم ترو عطش الجزائريين الكبير للاصلاحات والتغيير. واعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في خطاب مساء الجمعة عزمه على تعديل الدستور ومراجعة قوانين الانتخابات والاحزاب السياسية والاعلام. وقال بوتفليقة "لا يفصلنا سوى عام واحد عن موعد الاستحقاقات الانتخابية الوطنية المقبلة، وهي فترة زمنية كافية للقيام بمراجعة الأسس القانونية لممارسة الديموقراطية". وجاءت ردود فعل المعارضة الجزائرية وكبرى الصحف الجزائرية المستقلة غير راضية على ما اسمته الصحف الحكومية "القرارات المهمة". وقال مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان واحد مؤسسي التنسيقية الوطنية للتغيير "اصبنا بالاحباط لأننا كنا ننتظر أن تتم مراجعة القوانين من طرف مؤسسات منتخبة فعلا، وليس مؤسسات ترمز للتراجع الديموقراطي في الجزائر". وطلب الرئيس بوتفليقة من المؤسسة التشريعية الحالية مرافقة الاصلاحات التي ينوي القيام بها، بينما تطالب المعارضة بحل كل المؤسسات المنتخبة وانتخاب مجلس تأسيسي يسهر على صياغة دستور جديد. وبرأي بوشاشي فان "تغيير النصوص او تعديل الدستور ليس الطريقة المثلى لتغيير النظام في الجزائر لأن المشكل هو ان المؤسسات المدنية والعسكرية تعمل خارج القانون". وفي الاطار نفسه كتب مدير تحرير جريدة الخبر كمال جوزي مقالا اعتبر فيه إن "إحداث تغييرات في الدستور وقوانين الأحزاب والإعلام إنما هو حديث لذر الرماد في العيون، لأن مشكلتنا ليست في النصوص بقدر ما هي كامنة في ممارسات القائمين على إدارة شؤون البلاد". وسبق للرئيس بوتفليقة ان عدل الدستور مرتين دون الرجوع الى الاستفتاء الشعبي. وكانت المرة الاولى سنة 2002 عندما تم ادراج اللغة الامازيغية كلغة وطنية عقب انتفاضة سكان منطقة القبائل، والمرة الثانية سنة 2008 عندما عدل عدة مواد أهمها مادة تحديد الولايات الرئاسية باثنتين، للسماح له بالتقدم لولاية رئاسية ثالثة. واوضح بوتفليقة أن قرار تعديل الدستور ليس رد فعل على الاحداث التي شهدتها الجزائر في كانون الثاني/يناير الماضي وخلفت خمسة قتلى و800 جريح وما تبعها من تظاهرات واضرابات شملت كل القطاعات بما فيها الصحة والتعليم والعدالة والامن. وكان رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 1992 القرار السياسي الوحيد الذي اتخذه بوتفليقة منذ احتجاجات كانون الثاني/يناير الماضي في الثالث والعشرين من شباط/فبراير الماضي. في المقابل اعلن عن تنازلات اجتماعية كثيرة في ما يخص الاجور وتشغيل الشباب وبناء المساكن، ما ادى الى رفع سقف المطالب التي تم التعبير عنها بالعديد من الاضرابات والتظاهرات. وقال بوتفليقة "لقد سبق لي وأن أعربت مرارا عن رغبتي في إخضاع الدستور للمراجعة وجددت تأكيد قناعتي ورغبتي هاتين في عدة مناسبات". واعتبرت صحيفة الخبر أن الاصلاحات التي اعلنها رئيس الجمهورية "لا ترضي سوى احزاب التحالف الرئاسي الحاكم" المشكل من جبهة التحرير الوطني (الحزب الوحيد سابقا) صاحب الاغلبية في البرلمان (136 نائبا) والتجمع الوطني الديموقراطي (62 نائبا) برئاسة الوزير الاول احمد اويحيى، وحركة مجتمع السلم (اسلامي 51 نائبا). وهو ما اكده رد فعل عبد العزيز بلخادم الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عندما قال لصحيفة الشروق "خطاب الرئيس استجابة واسعة لما يطالب به الشارع الجزائري". ورغم ان بلخادم طالب بتغيير الحكومة "لأنه شيء ضروري" كما قال في برنامج تلفزيوني، الا انه لم يتفاجأ بعدم إعلان ذلك في خطاب الرئيس موضحا ان " تغيير الحكومات لا يأتي في خطابات رسمية". كما اعتبر أن حل المؤسسة التشريعية "لا فائدة منه مادامت عهدتها ستنتهي خلال سنة". من جهته اعتبر رئيس الحكومة السابق ومؤسس التحالف الوطني من اجل التغيير احمد بن بيتور ان الخطاب جاء تحت شعار "كل شيء على ما يرام". وتساءل بن بيتور "إذا كان كل شيء على ما يرام فلماذا خرج الجزائريون إلى الشارع ولماذا الناس غاضبون من وضعهم الاجتماعي؟". كما رأى مدير نشر جريدة الوطن عمر بلهوشات ان خطاب الرئيس الى الامة "لن يبقى خالدا في التاريخ السياسي لبلادنا كحدث بارز". واضاف ان السلطة "تحاول أن تبدو وكانها تتراجع ولكن في الحقيقة هي لا تتنازل عن شيئ من طبيعة نظامها الشمولي ووالبيروقراطي الذي فشل رغم الوفرة غير العادية للاموال". ويتسلم بوتفليقة (74 عاما) رئاسة الجمهورية منذ 12 عاما في بلد يلعب فيه الجيش دورا مهما منذ منع الاسلاميين من الوصول الى الحكم عام 1992. ويحاول الرئيس معرفة مدى استجابة الشعب للاصلاحات التي اعلنها في خطاب الجمعة من خلال الالتقاء بالمواطنين في تلمسان (600 كلم غرب الجزائر) السبت بمناسبة اشرافه على افتتاح تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية.